تجربة سيده في علاج ابنها من التوحد.. وعلاجان واعدان لهذا المرض

يظهر مرض التوحد في أول 36 شهرًا من حياة المولود. وفي بعض الأحيان تظهر العلامات فورًا، في أول شهور من الولادة، وقد تظهر العلامات في أحيان أخرى بعد فترة أطول أو أقصر من النمو الطبيعي.
إليك تجربة سيدة تدعى سميرة في رحلة علاج ابنها من مرض التوحد، وما الأمل الذي تمسكت به، لكن في البداية توضح لنا السيدة ما هو مرض التوحد، وما هي العلامات التي لاحظتها على طفلها؟
من المعروف أنّ التوحد يمتد طوال فترة حياة الشخص، ويؤثر على النمو والقدرة على التعلم في جميع المجالات، وهو يغير من مراحل النمو والتطور، أي بمعنى آخر، أنّ مجالات نمو معينة تتطور بدرجة كبيرة، بينما هناك مجالات أخرى تتطور بدرجة أقل، أو لا تتطور على الإطلاق. كما أنّ القدرات الإدراكية والمعرفية بشكل خاص تتباين لدى الأشخاص المصابين بالتوحد. وبناءً عليه فإنَّ الصورة السريرية للأشخاص المصابين بالتوحد أو اضطرابات النمو المتفشية تختلف من مصاب إلى آخر، كما قد تكون اضطرابات التوحد معزولة عن أو مرتبطة بطفرات أو اضطرابات أو أمراض أخرى، تتابع سميرة: “يجب ملاحظة أنه لا يوجد طريقة موضوعية (لا فحوص دم ولا تصوير بالأشعة) لتشخيص التوحد. وبناءً عليه فمن الضروري جدًّا إجراء الفحوص التكميلية من أجل البحث عن الاضطرابات المتكررة المرتبطة. وفي جميع الحالات، فإنَّ التشخيص السريري الذي يعتمد على الملاحظة الكلاسيكية للعلامات الثلاث التالية:
-
التغيير النوعي في التفاعل الاجتماعي.
-
التغيير النوعي في التواصل مع الآخرين.
-
الطبيعة المقيدة والمتكررة والقوالب النمطية للسلوك والاهتمامات والأنشطة.
-
ظهور علامات سريرية أخرى أقل تحديدًا إلى هذه العلامات الثلاث.
مرض التوحد: الأعراض التي تميزه واضطرابات النمو المتفشية
التوحد أو اضطرابات النمو المتفشية
توجد تصنيفات عديدة لمرض التوحد، وقد تكون الاضطرابات الواردة في هذا الموضوع أكثر أو أقل شدة، وقد يكون بعضها موجودًا، وبعضها الآخر غير موجود. ولكي يتم تأكيد تشخيص التوحد أو اضطرابات النمو المتفشية، يجب أن يكون هناك عدد من الأعراض ذات الصلة موجودة. وهناك تصنيفات مختلفة تمَّ تطويرها من أجل التشخيص، والتي يجب أن تعتمد على تقييم دقيق للاضطرابات التي يعانيها الطفل، وهي:
تغيير التفاعلات الاجتماعية
يعاني الأشخاص المصابون بالتوحد سوء تقدير الإشارات الاجتماعية أو الانفعالات والعواطف، مثل اختلاف نبرة الصوت أو تعبيرات الوجه. ولا يعرفون تفسير بماذا يفكر الآخرون أو بماذا يشعرون. ولا يعرف الطفل المصاب بالتوحد كيف يلعب بطريقة تفاعلية مع الأطفال الآخرين، ويميل إلى الانعزال، وعدم الاستجابة عند مناداته باسمه الأول، ويتفادى النظر بعينيه بشكل مباشر إلى عيون متحدثه.
التغيير النوعي في التواصل مع الآخرين
وتشمل هذه العلامة اضطرابات اللغة وهي من الثوابت لدى سلوكيات الأطفال المصابين بالتوحد. فهناك عدد كبير من الأطفال المصابين بالتوحد لا يمتلكون لغة شفهية، أو عندما يمتلكونها فإنهم يفعلون ذلك في وقت متأخر، حيث تكون مصحوبة بعدد كبير من الصعوبات المستمرة. وبالنسبة للغة الشفهية، فصّلها لي الأطباء كالآتي:
-
في ما يتعلق باللغة التعبيرية: تبقى اللغة ملموسة للغاية وتتمحور حول الاحتياجات اليومية الحياتية (الأكل والعائلة واستخدام التواليت وغيرها… ) ولا يستخدم الطفل المصاب بالتوحد كلمة “أنا” على الإطلاق. كما أنّ نبرة صوته غريبة وقد يكون الصوت عاليًا بعض الشيء.
-
في ما يتعلق باللغة الاستقبالية: هناك نقص في الاستجابة العاطفية للطلبات الشفهية، وصعوبة في الفهم من الدرجة الثانية.
-
في ما يتعلق باللغة الشفهية: عند اكتسابها يكون توقيتها ضعيفًا وينقصها الرد بالمثل، أثناء تبادل الحديث الأمر الذي يعيق التواصل.
-
في ما يتعلق بالتواصل غير الشفهي: يستخدم القليل من الأطفال المصابين بالتوحد الحركات الاجتماعية (وداعًا، برافو، وغيرها) والقليل من الحركات التفاعلية، والقليل من المحاكاة أو عدمها تمامًا. ولا يرافق التواصل المنطوق أية حركات أو تعبيرات في الوجه، أو أية تعبيرات أخرى. كما يعاني الأطفال المصابون بالتوحد خللًا في لعبة “التظاهر”.
التغير في الطبيعة المقيدة والمتكررة والنمطية للسلوك والاهتمامات والأنشطة
إنَّ اهتمامات الأطفال المصابين بالتوحد، تكون مقيدة وتميل أنشطتهم إلى أن تكون نمطية ومتكررة. فقد يبهرهم ويشدُّ انتباههم أشياء غير اعتيادية (مثل جزء أو قطعة من خيط، أو ريشة، أو أجزاء أو قطع صغيرة أو غيرها)، أو يستخدمون بعض الأشياء للعب بطريقة غير عادية (مثل لف عجل السيارة بلا نهاية…). ويحتاجون في الغالب إلى أقل حد من الطقوس المعقدة، ولا يحتملون التغيير في الحياة اليومية. كما أنّ لديهم قوالب نمطية، وإشارات متكررة مثل الهزهزة أو الدوران حول النفس. كما قد يصدر عن الأشخاص الذين يعانون التوحد سلوكيات عدوانية تجاه أنفسهم، ويميلون إلى إيذاء ذاتهم.
إنّ جميع هذه السلوكيات تكون غازية، وقد تستمر بشكل دائم أو تختفي تمامًا. وقد يتم تعزيزها أو تعود إلى الظهور في فترات معينة من الحياة. وبالتالي سيكون من الضروري محاولة فهم العوامل التي تؤدي إلى تفاقم هذه السلوكيات.
مرض التوحد: أعراض أخرى
يمتلك الطفل المصاب بالتوحد خصائص حسية
هناك أعراض أخرى ترتبط بالتوحد، وهي:
• امتلاك قدرات معرفية خاصة: وهي قدرات بصرية- فضائية عالية جدًّا، ذاكرة متطورة للغاية في مجالات معينة… وغيرها.
• يمتلكون خصائص حسية: الأطفال المصابون بالتوحد يمكنهم التعلق والاهتمام بجميع الأنماط الحسية (السمعية، البصرية، اللمس، الإحساس بالمكان في الفضاء)، ويتميزون كذلك بشدة الحساسية أو اكتشاف المحفزات الحسية غير الاعتيادية في الغالب (الحساسية تجاه بعض الأصوات أو الروائح أو الملمس، التعايش في بعض الأحيان مع لامبالاة واضحة تجاه الآخرين، وإدراك مختلف للألم…).
• يعانون من اضطرابات حركية وفي طريقة استقامة الجسم: صعوبة تنسيق يمين، يسار أو أعلى أسفل الجسم، التصلب واستخدام وضعية الجسم لتنظيم الانفعالات، وفي تحقيق مهارات الحركة الدقيقة.
• يعانون من التخلف العقلي: في الغالبية العظمى من الحالات (حوالى 70 في المئة) يصاحب التوحد تخلف عقلي أقل أو أكثر شدة، أما النسبة المتبقية ( 30 في المئة) فتسمى “توحد بمستوًى عالٍ”. وهذا التوزيع موضع خلاف وجدل.
• يعانون من العجز الحسي أو السمعي أو البصري أكبر بكثير من عامة السكان.
• يعانون من الصرع: حوالي ثلث الأطفال المصابين بالتوحد تنتابهم نوبات صرع أقل أو أكثر شدة.
• يعانون من متلازمات وراثية.
أبرز السلبيات لعلاج طفل التوحد من المنزل
أبرز السلبيات لعلاج طفل التوحد من المنزل
عانت السيدة سميرة من ابنها المصاب بالتوحد في المنزل، حيث واجهت العديد من السلبيات، وهي تنصح الأمهات لتجاوزها، إذ تقول:
افتقد طفلي التواصل مع الأطفال الآخرين والفرص الاجتماعية الهامة لتطوير مهارات التفاعل الاجتماعي واللغوية، حيث كان التدريب من المنزل أقل فعالية في بعض الحالات، لأن الطفل يحتاج إلى العمل مع معالج طبيعي أو معالج نطق لتحسين بعض المهارات الحركية أو اللغوية، كما انه شعر بالملل والاستياء من العمل في نفس البيئة والروتين اليومي، وهذا ما أثر سلبًا على نفسيته وتحفيزه، وكان من الصعب على كل أفراد الأسرة توفير البيئة المثالية لتدريبه من المنزل، وخاصة أننا كنا نعيش في مناطق ضيقة مكتظة، وهنا خفت أن يواجه طفلي صعوبة في الاندماج مع بيئة التعليم المدرسية في المستقبل، حيث يحتاج إلى التفاعل مع المعلمين والزملاء والتعرض لتجارب جديدة ومختلفة، وقد واجهنا قلة في الموارد والأدوات المتاحة في المنزل مقارنةً بالعيادات والمراكز المتخصصة، وهذا يمكن أن يؤثر على جودة العلاج وفعاليته. كما كان من الصعب علينا إدارة الوقت وتوفير الجهد اللازم لتدريب الطفل من المنزل، خاصة أن عندي عدة أطفال في الأسرة، وكنّا نواجه ضغوطًا وتحديات أخرى في حياتهم اليومية.
أثبتت تجارب العديد من الأسر الذين اعتمدوا على العلاج المنزلي لأطفالهم قلة نسب النجاح وعدم تحسن الطفل بالشكل المتوقع، وذلك نتيجة عدم الالتزام بالبروتوكول العلاجي بشكل مستمر مع الطفل، لذا ننصح بالعلاج والمتابعة في مركز متخصص.
إيجابيات العلاج بالمنزل
قد يعتبر البعض علاج طفل التوحد من المنزل بديلاً جيدًا للعلاج الذي يتم تقديمه في المراكز الخاصة بسبب العديد من الإيجابيات التي يوفرها، ومن أهم هذه الإيجابيات التي عاشتها السيدة سميرة تقول:
-
الراحة والأمان: شعر طفلي بالراحة والأمان عند العمل مع المعالجين في بيئة مألوفة مثل منزله، وهذا يزيد من فرص نجاح العلاج وتحقيق الأهداف المرجوة.
-
التركيز الفردي: أتاح العمل من المنزل التركيز الفردي لدى طفلي المصاب بالتوحد، وهذا لبى جميع احتياجاته الفردية، وهذا يساعد على تحسين جودة العلاج.
-
توفير الوقت: وفر العلاج من المنزل الوقت والجهد الذي يتطلبه الذهاب إلى مراكز العلاج، فسمح لنا كعائلة الاستفادة من وقتنا بشكل أفضل.
-
توفير التكلفة: يعتبر العلاج من المنزل بديلاً أقل كلفة للعلاج في المراكز الخاصة، حيث تمكنا من توفير تكاليف السفر والإقامة والرسوم العلاجية، وهكذا كانت مصاريف علاج التوحد أقل وطأة.
-
الراحة النفسية: قد يشعر بعض الأطفال بالقلق والتوتر عند الذهاب إلى مراكز العلاج، بينما يشعر بالراحة والاستقرار في بيئته المألوفة.
-
المرونة والتنوع: تمكنا كعائلة من تخصيص جدول زمني مرن لعلاج مرض التوحد من المنزل، وتحديد الأوقات التي تناسب طفلهم وتتناسب مع جدولهم الزمني اليومي، حيث نوعنا في العلاج وتعديله بشكل افضل لتلبية احتياجات الطفل.
-
تعزيز العلاقة الأسرية: يتيح العمل من المنزل للوالدين التفاعل المباشر مع العلاج، ويساعد على تقوية العلاقة الأسرية وتعزيز التفاهم بين جميع أفراد الأسرة.
-
استفدنا من التكنولوجيا: وذلك عن طريق اعتمادنا عن بعد والتواصل مع المعالجين عبر الإنترنت، ما يوفر مزيدًا من المرونة والتنوع في طرق العلاج والتفاعل مع الطفل.