وزير لبناني يثير غضب الكويت ويشعل الجدل

أشعل تصريح لوزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، أمين سلام، عشية الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، أزمة مع دولة الكويت، وذلك بسبب عبارة “بشخطة قلم” التي وردت على لسانه في معرض حديثه عن تمويل إعادة إعمار صوامع القمح التي دمرها الانفجار. 

سلام كشف في مقابلة إعلامية، أن لبنان يعول بشكل كبير جدا على دعم دولة الكويت لإتمام المبادرة التي أطلقها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، ببناء الصوامع، وأنه أرسل رسالة قبل ثلاثة أسابيع إلى أمير الكويت نواف الأحمد الصباح، طلب فيها باسم الشعب اللبناني إعادة بناء الصوامع حفاظاً على الأمن الغذائي.

وشدد على أن “الخبز للناس ولا يجوز أن يترك بلد عربي دون مخزون استراتيجي، وكلنا أمل أن نلقى الجواب قريباً لأن الأموال موجودة في صندوق التنمية الكويتي، وبشخطة قلم يمكن أن يتخذ القرار”.

تصريح وزير الاقتصاد اللبناني، استدعى موجة استنكار واستغراب في الدولة الخليجية، فوصفه وزير خارجية الكويت الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح بأنه “يتنافى مع أبسط الأعراف السياسيّة، ويعكس فهماً قاصراً لطبيعة اتخاذ القرارات في دولة الكويت، والمبنية على الأسس الدستورية والمؤسساتية، بما في ذلك المنح والقروض الإنسانية التي تقدمها حكومة دولة الكويت للدول الشقيقة والصديقة”.

وأوضح أن الكويت “ترفض رفضا قاطعا أي تدخل في قراراتها وشؤونها الداخلية”، كما حث وزير الاقتصاد اللبناني، على سحب هذا التصريح، حرصا على العلاقات الثنائية الطيبة القائمة بين البلدين.

من جانبه، أعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة الكويتي، عبد الله جاسم المضف، أن “علاقتنا بالشعب اللبناني الشقيق ليست محل اختبار أو تقييم، ولكن ردا على وزير الاقتصاد اللبناني، الكويت بلد مؤسسات ولا تدار أموال الشعب الكويتي (بجرة قلم) أو باتصال هاتفي”.

أما النائب في مجلس الأمة سعود العصفور فقال “لمثل هذه الأمور، التي تحدث فعليا بشخطة قلم، تقدّمْنا قبل فترة مع عدد من النواب بتعديل يُلزم الصندوق بالحصول على موافقة مجلس الأمة قبل اعتماد القروض الخارجية”.

كما رد النائب جراح الفوزان، على تصريح سلام معتبرا أن ما ذكره “يحتاج لتوضيح ورد عاجل من وزارة الخارجية، وهذا يعد تجاوزا على بلد المؤسسات (بشخطة قلم)”، وشدد “سندعم تشريعا قانونيا يتطلب موافقة مجلس الأمة في المنح، وسوف أوجّه يوم الأحد أسئلة برلمانية عن صندوق التنمية وعن التمويل وتصريحات الوزير اللبناني”.

يذكر أن الصوامع في مرفأ بيروت بنيت أواخر الستينات من القرن الماضي في عهد الرئيس شارل حلو، بهبة من الصندوق الكويتي للتنمية، لتوفير المخزون الاستراتيجي من القمح للشعب اللبناني، وقد دشنت في العام 1970 وحضر حفل الافتتاح أمير الكويت حينها الشيخ صباح سالم الصباح.

وزير الاقتصاد اللبناني يثير أزمة دبلوماسية مع الكويت

وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام  يثير غضب الكويت

هذه الصوامع عبارة عن “عنابر خرسانية مكونة من الإسمنت المسلح قاومت الانفجار ووجهته بغالبية عصفه التدميري نحو البحر، ما ساهم في خفض الأضرار إلى حد كبير، بالرغم من فداحة ما حل بالعديد من الأحياء البيروتية التراثية المجاورة للمرفأ”، بحسب ما جاء في موقع وزارة الإعلام اللبنانية.

أشارت الوزارة كذلك إلى أن هذه الصوامع تضم “48 مخزنا كبيرا، يستوعب كل منها 2500 طن، وكذلك تضم 50 مخزنا صغيرا يستوعب كل واحد منها حوالي 600 طن، وهي تخزّن ما نسبته 85% من حبوب لبنان وقمحه”. ونتيجة الانفجار تحولّت الصوامع في الجهة الشمالية إلى ركام بعد انهيارات متتالية.

خطأ غير مقصود

بعد ردود الفعل على تصريحه، سارع سلام إلى عقد مؤتمر صحفي أكد خلاله أنه لم يكن يقصد تجاوز الأصول الدستورية والقانونية مع الكويت، شارحاً أن “عبارة “بشخطة قلم، تستعمل في اللغة اللبنانية العامية للدلالة على الأمر والموضوع القابل للتنفيذ بسرعة ولم يقصد بها الاستخفاف أو قطع المسار الدستوري والطبيعي للتعامل بين دولتين شقيقتين كلبنان والكويت”، وأن لبنان “أكثر من يعلم أن الأمور في الكويت لا تتم إلا من خلال عمل مؤسساتي دستوري وإداري دقيق”.

طواقم الدفاع المدني اللبناني تخمد النيرات التي اشتعلت في صوامع مرفأ بيروت

طواقم الدفاع المدني اللبناني تخمد النيرات التي اشتعلت في صوامع مرفأ بيروت

سلام ذكّر أنه “بتاريخ 22 أغسطس 2020 أعلن رسميا من قبل سفير دولة الكويت في لبنان عبد العال القناعي، أن بلاده ستعيد بناء صوامع القمح في مرفأ بيروت، ولا يحق للناطق الرسمي باسم دولة الكويت أن يدلي بتصريح بالتزام بهذا الحجم من دون موافقة مسبقة من الحكومة، وقد صدر هذا الالتزام الرسمي بثلاث لغات، العربية والانكليزية والفرنسية ونشر في أكثر من 120 وسيلة اعلامية، ومنذ ذلك الوقت ونحن نطالب بإعادة بناء الصوامع، وأنا بدوري أحييت هذه المطالبة خلال ذكرى 4 أغسطس لأننا سئلنا عن هذا الأمر وعن مصير الهبة الكويتية”.

المعروف كما قال سلام أنه “عندما تلتزم أي دولة بمساعدة، يعني أن الأموال مرصودة وموجودة، وقد تواصلنا من جهتنا عبر قنواتنا وأحيينا هذه المبادرة واخطأنا في استعمال لغة عربية عامية عندما قلنا بشخطة قلم”.

ودخل رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني، نجيب ميقاتي، على خط الأزمة، مؤكدا “عمق العلاقة بين الدولتين… ومتانتها التي لن تشوبها شائبة”، مشددا على أن الكويت “لم تتوانَ، ضمن الأصول، عن مدّ يد العون لإخوانها في لبنان على مر العقود”.

كما شدد ميقاتي على “احترام لبنان مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كافة، فكيف إذا تعلق الأمر بدولة الكويت الشقيقة التي تخضع آلية اتخاذ القرار فيها لضوابط دستورية وقانونية ومؤسساتية تعكس حضارة سياسية عميقة ومتجذرة في المجتمع الكويتي”.

ساعة سلام

بعد الأزمة التي أشعلتها عبارة سلام، انتقده الناشط الكويتي أحمد الميموني، بسبب ظهوره ” بساعة قيمتها 264$ ألف دولار يطالب فيها الكويت إعادة اعمار لبنان”.

وتابع “معالي الوزير لبنان تملك أكبر احتياطي من الذهب في العالم ولديها عدد كبير من رجال الأعمال المليارديرات ف بدال ما (بدلا من) تطلب الكويت أطلب رجال الأعمال عندك بإعادة بناء وطنهم”.

وتداول عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، تغريدة الميموني، منتقدين وزير الاقتصاد اللبناني الذي علٌق خلال مؤتمره الصحفي على موضوع الساعة بالقول “هذا الأمر بعيد عن مضمون الأمر، نحن نتحدث اليوم عن تفاصيل هامة إذ يوجد بلد عربي منكوب فيه أكثر من مليونين ونصف لاجئ ونازح ينزف يومياً ونعمل بجهد لتأمين القمح والخبز، أناشد دولة الكويت وكل دولة عربية مساعدة هذا البلد وايجاد مخزون استراتيجي للقمح فيه، للأسف أصبح الوضع حاجة انسانية طارئة وملحة”.

وعن رجال السياسة والمليارديرين، قال سلام “طوال العمر يوجد مليارديريون (مليارديرات) في لبنان، ومن جهة ثانية هناك أشخاص فاسدون ولهذا وصل البلد إلى هذه الحال”.

وأضاف “لا يمكننا أن نتكل على المليارديريين (مليارديرات) اللبنانيين، بل على الدولة أن تتكل على نفسها وتؤمن مواردها وتحمي الأمن القومي والغذائي”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى