“صدم عالم الكرة ليختفي فجأة”.. قصة لاعب محترف من كوريا الشمالية

استعرضت شبكة “سي إن إن” الإخبارية قصة لاعب كرة القدم شاب من كوريا الشمالية لمع نجمه سريعا قبل أن يختفي دون أن يعرف مصيره، منذ عام 2021.

وأصبح هان كوانغ سونغ، أول كوري شمالي يسجل هدفا في إحدى الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا، حتى أنه انتقل بشكل مفاجئ إلى العملاق الإيطالي، يوفنتوس، عام 2019 ثم لاحقا إلى الدحيل القطري.

لكن مسيرته الواعدة تلاشت عندما اختفى من مسرح كرة القدم العالمية، في عام 2020، تاركا للجماهير سؤالا: “أين هذا اللاعب الكوري الشمالي؟”

وُلد هان في العاصمة الكورية الشمالية، بيونغ يانغ، عام 1998. ولا يُعرف الكثير عن حياته باستثناء التحاقه بمدرسة بيونغ يانغ الدولية لكرة القدم المرموقة التي تأسست عطفا على حب زعيم البلاد، كيم جونغ أون، المعروف للرياضة.

وعندما تولى كيم زمام الحكم، عام 2012، أصبحت الرياضة نافذة نادرة على بلد غالبا ما يكون مخفيا عن بقية العالم.

واستخدم الزعيم الكوري الشمالي الرياضة كقوة ناعمة واستثمر في رياضة النخبة للترويج لبلاده دوليا وتعزيز الدفاع وقوة العمل، وفقا لتقرير وزارة التوحيد في كوريا الجنوبية.

وبدأت كوريا الشمالية في تكثيف مشاركتها في الأحداث الرياضية الدولية الكبرى، بما في ذلك الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2012 بالعاصمة البريطانية، لندن، والألعاب الأولمبية الشتوية، لعام 2018، التي استضافتها كوريا الجنوبية، والتي لا تزال نظريا في حالة حرب مع جارتها الشمالية.

وفي دورة ألعاب بيونغ تشانغ الأولمبية، عام 2018، سار البلدان معا تحت علم التوحيد الكوري خلال حفل الافتتاح وشاركا كفريق كوري موحد في هوكي الجليد للسيدات.

ومن بين اللاعبين الذين برزوا في أكاديمية بيونغ يانغ، التي تأسست عام 2013، هو هان كوانغ سونغ، الذي أرسل إلى الخارج على نفقة الدولة للتدريب في أوروبا.

وأصبح هان أكبر قصة نجاح لجهود كيم بتحويل البلاد إلى قوة رياضية عندما تم اختيار اللاعب الكوري الشمالي من قبل مركز اكتشاف المواهب الإيطالي “آي إس إم أكاديمي”.

وفي عام 2015، حزم الفتى الطموح حقائبه نحو بيروجيا، عاصمة منطقة أومبريا بوسط إيطاليا، شمال العاصمة، روما، جنبا إلى جنب مع زميله الكوري الشمالي، تشوي سونغ هيوك.

وأمضى هان عاما واحدا على الأقل في الأكاديمية قبل أن يخوض تجربة ناجحة مع فريق شباب كالياري الذي مهد له الطريق نحو احتراف كرة القدم.

هان الذي لعب مهاجما، انضم إلى فريق الشباب بنادي كالياري، في مارس عام 2017، حيث سجل هدفا في أول مباراة مع فريق تحت 19 عاما، مما جعله يصعد للفريق الأول سريعا، حسبما ما قاله مدرب شباب كالياري، ماكس كانزي، لشبكة “سي إن إن”.

وسجل هان هدفه الأول في الدوري الإيطالي، وهي المرة الأولى التي يسجل فيها لاعب كوري شمالي بإحدى البطولات الخمس الكبرى في أوروبا، بعد أسبوع فقط من ظهوره الاحترافي الأول، في 2 أبريل عام 2017.

صفقة بعد العقوبات

لاحقا، أعير النجم الواعد من كالياري إلى “إيه سي بيروجيا” ومن ثم إلى يوفنتوس تحت 23 عاما قبل أن يشتريه العملاق الإيطالي 3.74 مليون دولار، في يناير عام 2020، وفقا لموقع “ترانسفير ماركت”.

ومع ذلك، لم يستمر حلم هان بارتداء قميص “السيدة العجوز” سوى أسبوع واحد فقط حيث باع يوفنتوس عقده لاحقا إلى نادي الدحيل القطري في نفس الشهر مقابل 7.7 مليون دولار، وفقا لتقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

لكن لا يزال من غير الواضح كيف مضى يوفنتوس والدحيل قدما في صفقة الانتقال، والتي جاءت بعد الموعد النهائي لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.

وفي 3 سبتمبر عام 2017، أجرت كوريا الشمالية تجربتها النووية السادسة، مما دفع مجلس الأمن الدولي إلى فرض قائمة عقوبات على الدولة الآسيوية بسبب المخاوف من أن “أنشطة مستمرة متعلقة بالصواريخ النووية والبالستية تزعزع استقرار المنطقة وخارجها”.

وتطلبت العقوبات من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التوقف عن تقديم تصاريح العمل لمواطني كوريا الشمالية في ولاياتهم القضائية.

وبالإضافة إلى ذلك، قرر مجلس الأمن الدولي بعد ثلاثة أشهر أن جميع مواطني كوريا الشمالية الذين يعملون في الخارج و”يدرون أرباحا من الصادرات الأجنبية من جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية التي تستخدمها لدعم برامجها البالستية النووية المحظورة” إعادتهم إلى بلدهم، في موعد أقصاه 22 ديسمبر من عام 2019.

لم يكن الشاب هان مستثنى من هذه العقوبات، على الرغم من موهبته الكروية الاستثنائية. وتواصلت “سي إن إن” مع وكيل هان السابق، ساندرو ستيمبيريني، ونادي الدحيل للحصول على تعليق، لكنها لم تتلق ردا على الفور. ولم يعلق نادي يوفنتوس على هذه القضية.

كان عقد اللاعب الكوري الشمالي مع الدحيل يستمر، حتى موسم 2023-2024، حيث حقق نجاحات لافتة في الموسم الأول الذي خاضه مع الفريق القطري، لكن المسيرة في قطر لم تدم طويلا.

وعلى الرغم من أن هان كان يقدم أداء رائعا على أرض الملعب، إلا أن الأسئلة بقيت حول ما إذا كان يرسل الأموال التي يتقاضاها إلى وطنه، كما قال مجلس الأمن الدولي عن الكوريين الشماليين الآخرين العاملين في الخارج.

وتُظهر وثيقة تابعة للأمم المتحدة أن هان وقع تعهدا لبنك قطري بعدم تحويل “أي مبالغ مالية إلى كوريا الشمالية في أي حالة”.

في غضون ذلك، ضاعت على زميله الموهوب في كرة القدم وصديقه تشوي، الذي سافر إلى إيطاليا مع هان، فرصة اللعب مع نادي فيورنتينا الإيطالي بعد أن فتح البرلمان الإيطالي تحقيقا بشأن مخاوف من أن نظام كيم قد استولى على راتبه.

وعلى الرغم من أنه من غير الواضح في حالة هان ما إذا كان قد أرسل الأموال إلى نظام كيم، إلا أنه يُقال على نطاق واسع أن كوريا الشمالية تجبر موظفيها في الخارج غالبا على إرسال الأموال إلى الحكومة في الوطن.

وكانت آخر مباراة لهان مع الدحيل، يوم 21 أغسطس من عام 2020، عندما خرج من مقاعد البدلاء أمام الأهلي في نهاية الموسم.

الظهور الأخير في إيطاليا

ومرت الأشهر دون أي تحديث فيما يتعلق بمكان تواجد هان إلى أن أكد التقرير النهائي للجنة الخبراء الصادر عن مجلس الأمن الدولي، في مارس عام 2021، أن عقد اللاعب قد تم إنهاؤه مع الدحيل خلال وقت سابق من ذلك العام وتم ترحيله من قطر.

وتواصلت “سي إن إن” مع الدحيل والسلطات القطرية للتعليق، لكنها لم تتلق ردا على الفور.

وأدى إغلاق الحدود الصارم في كوريا الشمالية بسبب تفشي فيروس كورنا المستجد خلال ذلك الوقت إلى ترك هان بعيدا عن وطنه.

وصعد هان على متن رحلة للخطوط الجوية القطرية من الدوحة، يوم 26 يناير عام 2021، عندما تم ترحيله، وفقا لرسالة مرفقة في التقرير النهائي لفريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي. وأعادت الرحلة هان إلى روما، كما أكد مسؤول مطلع على الأمر لشبكة “سي إن إن”.

وتواصلت شبكة “سي إن إن” مع وزارة الخارجية الإيطالية والاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” لكنها لم تتلق ردا على الفور.

وتم الإبلاغ عن أن هان كان يعيش في سفارة غير محددة لكوريا الشمالية، في عام 2021، في انتظار استئناف الرحلات الجوية إلى بيونغ يانغ، وفقا لمسؤول آخر قريب من القضية.

وقال المدير الفني السابق للمنتخب الكوري الشمالي لكرة القدم، يورن أندرسن: “أعتقد أنه لا يزال هناك”. وتابع: “لكنه لا يستطيع الاستمرار في لعب كرة القدم … كان من المؤسف للغاية بالنسبة له ألا يستمر في اللعب والتطور”.