سماح أنور: لم أعد أبحث عن الدور السهل.. بل الصادق

بين رصانة التجربة وجرأة الموقف، تظل الفنانة سماح أنور واحدة من الأسماء التي تركت بصمتها على الدراما والسينما المصرية، بأداءٍ يوازن بين القوة والصدق رغم ابتعادها عن المشهد الفني لسنين طويلة.

وفي عملها الأخير مسلسل “كتالوج”، الذي عُرض مؤخراً عبر إحدى المنصات الإلكترونية، تعود سماح لتجسيد شخصية مختلفة، تحمل في طياتها أبعادًا إنسانية واجتماعية عميقة. شخصية المربية “أم هاشم” التي فاجأت الجميع بأدائها والكوميديا غير العادية في الدور رغم صرامتها.

وفي حوارها مع “العربية.نت”، كشفت الفنانة سماح أنور عن كواليس العمل، وما جمعها بفريق التمثيل وخصوصا الأطفال وعلاقتها بالمخرج وليد الحلفاوي، كما تحدثت عن موقعها اليوم في المشهد الفني، وعن رؤيتها لمعنى العودة عبر أدوار تحمل ثِقلًا دراميًا وحساسية فنية خاصة. وتحدثت أيضا عن دور “أم هاشم” وسر قبولها للشخصية، والمختلف في هذه الشخصية عما قدمته من قبل، وكيف تفاعلت مع ردود الأفعال والنجاح الذي حققته.

بداية، ما الذي جذبك إلى شخصية “أم هاشم” في مسلسل “كتالوج”؟

**الحقيقة أنني عندما قرأت الورق للمرة الأولى أحسست أنني أمام شخصية لها لحم ودم، ليست مجرد سطور مكتوبة. “أم هاشم” امرأة عاشت كثيرًا وخزنت في قلبها تجارب مرة وحلوة، لكنها لم تفقد قدرتها على المقاومة. شدتني فكرة أن هذه السيدة تبدو عادية من الخارج، لكنها في الحقيقة تمثل شريحة واسعة من نساء مجتمعنا اللواتي يتحملن مسؤوليات جسيمة في صمت. أحببت أن أجسدها لأنني شعرت أنها قريبة جدًا من الناس، وأن الجمهور سيجد نفسه فيها، فقبلت على الفور.

البعض يرى أن شخصية المربية “أم هاشم” تُمثل الأم المصرية التقليدية، هل توافقين هذا التوصيف؟

**لا أحب وضع الشخصيات في قوالب جاهزة. “أم هاشم” ليست مجرد “المربية الطيبة” أو “المربية المتسلطة”، هي أكثر تعقيدًا من ذلك. لديها خوف وقلق وحنان وصرامة في الوقت نفسه. في لحظة قد تراها حنونة إلى أقصى حد، وفي لحظة أخرى قد تصدمك بحدة ردودها وساديتها. وهذا ما جعلني أتعامل معها وكأنها إنسانة حقيقية، وليست رمزًا مجردًا.

كيف كانت كواليس التصوير بالنسبة لكِ؟ هل كان هناك مواقف طريفة أو صعوبات واجهتكِ؟

**الكواليس كانت مليئة بالمحبة والضحك، وأعتقد أن هذه الروح ستصل للمشاهد. العمل الفني مرهق دائمًا، لكن عندما يكون فريق العمل متعاونًا، يهون كل شيء. كان هناك ضحك في موقع التصوير بيني وبين أحمد عصام وخالد كمال، والحقيقة كل الفريق جميل الأطفال ومحمد فراج أيضا.

علاقتك بالمخرج وليد الحلفاوي كانت محط أنظار البعض، كيف تصفينها؟

**بصراحة شديدة، الحلفاوي من أكثر المخرجين الذين يعملون على تفاصيل الشخصية بعمق. لا يكتفي بأن يقول لك “قف هنا” أو”تحرك هناك”، بل يجلس معك ليشرح لماذا تقف هنا وماذا يعني أن تتحرك هناك. هو مخرج لديه حس إنساني، يترك مساحة كبيرة للممثل كي يبدع، وفي الوقت نفسه يوجه بخبرة ووعي. علاقتنا أثناء التصوير كانت قائمة على الاحترام المتبادل، وقد منحني ثقة كبيرة في الدور.

وماذا عن علاقتك بالممثلين الشباب الذين شاركوا في المسلسل؟

**أنا أحب العمل مع الأجيال الجديدة. دائمًا أتعلم منهم طاقة مختلفة. في “كتالوج” كنت محاطة بممثلين موهوبين يبحثون عن الحقيقة في أدائهم، وهذا شيء أسعدني جدًا. لم أشعر يومًا أن هناك فجوة بيننا، بالعكس، كان هناك انسجام وتفاهم. وتفاجأت بأداء الأطفال ريتال وعلي ونضجهم ووعيهم.

إلى أي مدى تعتقدين أن شخصية “أم هاشم” أضافت إلى رصيدك الفني؟

**أنا لا أنظر للأدوار بهذه الطريقة الحسابية. كل دور أقدمه يضيف لي على المستوى الإنساني أولاً، ثم على المستوى الفني. “أم هاشم” أضافت لي الكثير، وسعدت جدا بتقديم الشخصية.

هناك من يقول إنكِ أصبحتِ أكثر ميلًا للأدوار المركبة في السنوات الأخيرة. هل هذا صحيح؟

*بالتأكيد. لم أعد أبحث عن الدور الجميل أو السهل، أبحث عن الدور الصادق. أحب أن أقدم شخصيات تُشبه الناس، حتى وإن كانت تحمل تناقضات أو عيوب. الحياة ليست مثالية، فلماذا نقدم فنًا مثاليًا؟ أعتقد أن الجمهور بات يقدّر الصدق أكثر من أي وقت مضى.

دعينا نسألك بصراحة، هل وجدتِ نفسك في “أم هاشم” على المستوى الشخصي؟

**نعم، كثيرًا. هناك تفاصيل صغيرة شعرت أنها تخصني وحدي، مثل خوفها الزائد على من تحبهم، أو قلقها من أن تخسر دفء العائلة. صحيح أنني لست “أم هاشم” تمامًا، لكنني شعرت أنني مررت ببعض مخاوفها وأسئلتها في حياتي. ربما لهذا السبب وصل الدور إلى قلبي بسهولة.

ما الرسالة التي ترغبين أن تصل للجمهور من خلال “كتالوج”؟

**أريدهم أن يروا أنفسهم. لا نريد أن يكون المسلسل مجرد قصة للمتعة، بل مرآة تعكس قلقهم وأحلامهم وصراعاتهم، فهو مسلسل يدعو إلى الترابط الأسري ولقد أحببت ذلك في العمل، وكل دور مكتوب بطريقة متفردة في الحقيقة وهذا ما أعجبني وشدني من البداية.

بعد هذا الدور، ما هي أحلامك الفنية المقبلة؟

**أحلم أن أظل أعمل على أدوار تجعلني متجددة. لا أحب التكرار ولا الاستسهال. هناك مشاريع قادمة لكنني أفضل أن أترك الحديث عنها لوقتها. كل ما أتمناه أن يظل مسلسل “كتالوج” في مكانته عند الجمهور، لأننا بذلنا جهدًا صادقًا من القلب.

وكيف تفاعلت مع النجاح الذي حققته شخصية “أم هاشم”؟

**سعدت جدا بتعليقات الجمهور وارتباطهم بالشخصية، حتى أنهم حفظوا ردود أفعالها وصاروا يرددونها، وهذا يدل على نجاح الشخصية والمسلسل، وأن الجهد المبذول وصل لقلوب الجمهور وتفاعلوا مع صدق الأداء وهذا هو المطلوب.