فخ الرومانسية الإعلامية

بقلم/شيماء المرزوقي

الطلاق المبكر، من بين المواضيع الأكثر حديثاً في مختلف المجتمعات العربية، ويكاد يكون ظاهرة عالمية، وواقعاً يمكن ملاحظته، إلا أن ما يُلقى من أسباب، عن نشوئه وتناميه، ينحصر في مواضيع مثل: ضعف التوافق، تدخل الأهل، الضغوط الاقتصادية، تفاوت الدخل المادي بين الزوجين، اختلاف المستوى الثقافي والمعرفي، ونحوها من المسببات، التي يمكن أن تكون عوامل لبعض الحالات، لكن الموضوع أوسع وأكبر من أن تؤدي مثل هذه الأسباب إلى نشوء ظاهرة واسعة ومتنامية مثل هذه.

وأجد أن السبب الحقيقي والأهم ينحصر في غياب النضج العاطفي، والوقوع في فخ الرومانسية الإعلامية، إذا صح التعبير.
وأقصد بالإعلامية، -تحديداً- مواقع التواصل الاجتماعي، التي تبثّ صوراً ومقاطع، تعطي الشباب الدافعية نحو الزواج، لكن -مع الأسف- بتخيلات وتصورات ليست واقعية، بل براقة وخلابة، قصص مثالية، وسيناريوهات حالمة لا تحديات فيها، بينما الواقع الحياتي، مختلف تماماً فالزواج يحتاج للاهتمام المتبادل، والتضحية من الطرفين، ورعاية الأسرة.

بهذه الوضعية كأن الزواج، ابتعد عن البناء وفق الشراكة والتعاون، وتحوّل لحلم من الطرفين، سرعان ما يستيقظان على الصدمات أمام الواقع الحياتي.

والمشكلة أن هذه اليقظة القاسية، قد تكون بعد مدة زمنية، يكون هناك طفل أو طفلان، يجدان معاناة بالغة من طلاق وانفصال الأب والأم.
وتبقى مواقع التواصل الاجتماعي مسؤولة عن تدهور العلاقات بين الناس، وخاصة في مجال الزواج، وهذه نتاج دراسات وبحوث علمية عديدة، ومنها دراسة نشرت في مجلة: Social Science Computer Review في ديسمبر/كانون الأول 2022 في المجلد 40، العدد 6، الصفحات 1523–1541. ​deepdyve. com تحت عنوان: «وسائل التواصل الاجتماعي والعلاقات العاطفية»، وخلصت بأن الاستخدام المفرط يؤدي إلى صراعات في العلاقة، ونتائج سلبية، والإدمان عبر مسارات وسيطة، حيث وجد الباحثون بأن زيادة استخدام «إنستغرام»، تؤدي إلى انخفاض في رضا العلاقة، مما يؤدي بدوره إلى زيادة في الصراعات والنتائج السلبية.
الشاب أو الفتاة، قد يكونان بالغين قانونياً، لكنهما في مرحلة المراهقة العاطفية لا يقدران على حل الخلافات، ولا فهم احتياجات الطرف الآخر.
الطلاق المبكر، هو نتيجة، لزواج تم بناؤه على أحلام غير واقعية، ودون أدوات نضج كافية، ليس المطلوب تغيير القوانين، أو تقديم استشارات ما بعد الزواج، بل المطلوب حراك معرفي وثقافي يوعي.. حراك يشترك المجتمع فيه بكل أطيافه.

متابعات

إقرأ ايضا

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى