النساء يتحدّين قبضة طالبان: العدل العدل، سئمنا الجهل

مسلحون من طالبان يعتدون على متظاهرات يطالبن بحقوقهن بعد نحو عام من سيطرة الحركة الإسلامية على السلطة في أفغانستان.

 بدأت النساء في تحدي حركة طالبان المتشددة التي ترى أن مكانهن هو البيت، ومن شأن هذه التظاهرات أن تكذب تصريحات طالبان الموجهة للغرب، وفي نفس الوقت تزيد من جرأة النساء على حكم المتشددين، وهو ما عكسه شعار “العدل العدل، سئمنا الجهل”.

وفي كابول أطلق مسلحون من طالبان النار في الهواء السبت لتفريق تظاهرة نظمتها نساء يطالبن بالحق في العمل والتعليم بعد نحو عام من سيطرة الحركة الإسلامية على السلطة في أفغانستان.

وسارت نحو أربعين امرأة يهتفن “خبز عمل حرية” أمام وزارة التعليم قبل أن تقوم مجموعة من مقاتلي طالبان بتفريقهن بإطلاق رشقات رصاص في الهواء بعد حوالي خمس دقائق من بدء التظاهرة.

 

◙ الأصوليون الإسلاميون يعملون على الحد من الحريات التي اكتسبتها النساء تدريجياً على مدى السنوات العشرين الماضية
◙ الأصوليون الإسلاميون يعملون على الحد من الحريات التي اكتسبتها النساء تدريجياً على مدى السنوات العشرين الماضية

 

ورفعت المتظاهرات لافتة كتب عليها “15 أغسطس يوم أسود”، في إشارة إلى ذكرى وصول الحركة إلى السلطة العام الماضي. ورددت المتظاهرات “العدل العدل، سئمنا الجهل”، قبل تفريقهن بعنف.

وقطع مسلحون من حركة طالبان يرتدون بزات عسكرية مفترق طرق أمام المتظاهرات وبدأوا بإطلاق النار في الهواء لثوانٍ. وصوّب أحدهم بندقيته على النساء متظاهرا بإطلاق النار عليهنّ، على ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس.

وطارد عناصر الحركة بعض المتظاهرات اللواتي لجأن إلى متاجر مجاورة، وقاموا بضربهن بأعقاب البنادق. كما صادروا الهواتف المحمولة من المتظاهرات. وتعرض صحافيون أيضا للضرب على أيدي عناصر طالبان.

وقالت زوليا بارسي إحدى منظمات الاحتجاج لفرانس برس “لسوء الحظ جاء عناصر طالبان الذين كانوا جزءا من أجهزة المخابرات وأطلقوا النار في الهواء”. وأضافت “قاموا بتفريق الفتيات ومزقوا لافتاتنا وصادروا العديد من الهواتف المحمولة الخاصة بالفتيات”.

وأكدت متظاهرة أخرى تدعى منيزة مبارز أنها تعتزم مواصلة الاحتجاج للمطالبة بحقوق النساء. وقالت “لن ندع طالبان تكمّ أصواتنا. سنحتج من منازلنا”.

وباتت تظاهرات النساء للمطالبة بمزيد من الحقوق نادرة بشكل متزايد في العاصمة، لاسيما بعد اعتقال منظِّمات هذه التجمعات في بداية العام وإبقاء بعضهنّ موقوفات لأسابيع.

وأبدت طالبان بعض الإشارات عن تغيير في سياستها تجاه النساء، لكن الوقائع على الأرض أكدت أن تلك الإشارات هدفها الاستثمار السياسي لإقناع الغرب بدعم الحركة المتشددة.

وبات يسمح للفتيات بارتياد المدارس الابتدائية ولصحافيات بإجراء مقابلات مع مسؤولين حكوميين، وهو أمر لم يكن بالإمكان تصوره خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات. لكن الكثير من المحللين أعربوا عن قلقهم من أن يكون كل ذلك “شكليا”.

◙ التظاهرات من شأنها أن تكذب تصريحات طالبان الموجهة للغرب
◙ التظاهرات من شأنها أن تكذب تصريحات طالبان الموجهة للغرب

 

وأوضح مايكل كوغلمان المتخصص في شؤون أفغانستان من مركز “ويلسون سنتر” للبحوث أن “هناك بعض الحالات التي نلحظ فيها تطورا في السياسة، لكن لنكن واضحين (…) مازلنا نرى منظمة ترفض التخلي عن آراء عقائدية رجعية”.

ولا تزال الكثير من المدارس الثانوية للإناث مغلقة فيما استبعدت النساء من الوظائف العامة.

ويتم التحكم في نشاطات بسيطة مثل الاستماع إلى الموسيقى وتدخين الشيشة ولعب الورق بشكل صارم في المناطق المحافظة، فيما تقمع احتجاجات ويهدّد صحافيون أو يوقفون بانتظام.

ومنذ عودتهم إلى السلطة في أغسطس الماضي، عمل الأصوليون الإسلاميون على الحد من الحريات التي اكتسبتها النساء تدريجياً على مدى السنوات العشرين الماضية منذ سقوط نظامهم السابق (1996 – 2001).

وفرضوا في هذا السياق سلسلة من القيود على المجتمع المدني يهدف الكثير منها إلى فرض رؤيتهم المتطرفة للإسلام على النساء. واستبعدوا النساء بشكل كبير من الوظائف الحكومية وقيّدوا حقهن في السفر ومنعوا الفتيات من الالتحاق بالمدارس الإعدادية والثانوية.

ويعود آخر قرار في هذا المجال إلى أوائل مايو عندما أصدرت الحكومة مرسوما أقرته حركة طالبان وقائدها الأعلى هبة الله أخوند زادة يلزم النساء بوضع النقاب في الأماكن العامة.

وأوضحت حركة طالبان أنها تفضل أن ترتدي النساء البرقع لكنها ستتسامح مع أشكال أخرى من الحجاب لا تكشف سوى العينين. كما رأت الحركة أنه ما لم يكن لدى النساء سبب ملح للخروج فإنه “من الأفضل لهن البقاء في المنزل”.

◙ تظاهرات النساء باتت نادرة في العاصمة لاسيما بعد اعتقال منظِّمات هذه التجمعات وإبقاء بعضهنّ موقوفات لأسابيع◙ تظاهرات النساء باتت نادرة في العاصمة لاسيما بعد اعتقال منظِّمات هذه التجمعات وإبقاء بعضهنّ موقوفات لأسابيع

وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أفغانستان ريتشارد بينيت في مايو في كابول إن كل هذه الإجراءات تشكل “نموذجا لفصل جنسي كامل وتهدف إلى جعل المرأة غير مرئية في المجتمع”.

ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان الخميس طالبان إلى “العودة عن قرارها المروع والمعادي للنساء” القاضي بحظر تعليمهن.

ورأت فريشتا عباسي الباحثة حول أفغانستان في المنظمة غير الحكومية أن “ذلك سيوجه رسالة بأن طالبان على استعداد لمراجعة خطواتها الفاضحة”.

وطوال العقدين الماضيين اكتسبت الأفغانيات حريات جديدة، فعدن إلى المدرسة وتقدمن لوظائف في جميع القطاعات وإن ظلت البلاد محافظة اجتماعيا.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى