اكتظت شركات ومحال الصرافة في اليمن خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان لاسيما في اليوم الأخير منه بالمواطنين الباحثين عن مبادلة وصرف العملات الأجنبية أو لاستلام حوالات مرسلة من ذويهم وأقاربهم المنتشرين في دول الاغتراب، حيث باتت النقود المرسلة خط الإمداد المتبقي للكثيرين لمواجهة تكاليف المعيشة والمناسبات.
في صنعاء يواجه الصرافون صعوبة بالغة في التعامل مع هذا التدفق من البشر، والحال نفسه في مدن أخرى مثل عدن وتعز بحسب إفادات متعاملين في سوق الصرف.
يقول المواطن الخمسيني حسن الحبيشي، من سكان صنعاء، لـ”العربي الجديد”، إنه ينتظر طويلاً دوره لاستلام حوالة مالية مرسلة من ابنه المغترب في السعودية حيث لم يستطِع إرسال الحوالة في وقت مبكر من هذا الشهر بسبب ضغط العمل هناك. في حين يشير المواطن عارف الشرعبي إلى أن أغلب ما يحصلون عليه من مساعدات أقاربهم المغتربين يتم صرفه في شراء مستلزمات العيد وما أمكن من المواد الغذائية الضرورية.
يشير خبراء اقتصاد إلى أن تحويلات المغتربين باتت خط الإمداد المتبقي ليس للأسر والمواطنين اليمنيين بل للأسواق التي فقدت مورداً آخر مهماً يتمثل في رواتب الموظفين المدنيين، مؤكدين على الدور الحيوي الذي تلعبه التحويلات إلى جانب المساعدة الإنمائية الرسمية في تمويل الواردات.
يوضح الخبير الاقتصادي رشيد الحداد لـ”العربي الجديد”، أن تحويلات المغتربين أصبحت تحتل المرتبة الأولى بين مصادر الدخل من العملات الأجنبية، مشيراً إلى أن هناك تقديرات ببلوغها نحو 4.5 مليارات دولار سنوياً في الأعوام الأخيرة، ما يعني أنها أهم مصدر دخل وتتفوق على إيرادات النفط والغاز التي كانت لا تتجاوز ملياري دولار سنوياً في أحسن الأحوال. ويلفت إلى أن نحو 40% من الأسر اليمنية تعتمد على التحويلات المالية كمصدر دخل أساسي للعيش الكريم.
بدوره، يؤكد المحلل الاقتصادي صادق علي، أن التحويلات باتت أهم شريان تعتمد عليه الأسواق المحلية سواء على مستوى تمويل الواردات أو في المعاملات التجارية، حيث تنفق أغلب الأسر المعتمدة على تحويلات ذويهم وأقاربهم على شراء السلع الغذائية والاستهلاكية، إضافة إلى الإنفاق على الجانب الصحي، وتعليم أبنائها في المدارس والجامعات.
ويقول علي إن الحركة التي شهدتها الأسواق في الأيام الأخيرة من شهر رمضان استعداداً لعيد الفطر سببها الرئيسي تحويلات المغتربين التي تنفقها الأسر المستفيدة منها على شراء مستلزمات واحتياجات العيد.
ويضيف: “لدينا نحو 6 ملايين مغترب في مختلف دول العالم، السواد الأعظم منهم في المملكة العربية السعودية ويعملون في مختلف الأعمال وإسهامهم كبير في تماسك المجتمع اليمني أمام تداعيات الحرب والتقلبات السعرية الناتجة عن تداعيات انهيار العملة المحلية وخاصة في المحافظات الجنوبية”.
وبلغت التحويلات إلى اليمن في العام 2021، بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي العام الماضي، حوالي 4 مليارات دولار، محللون يرون أن الرقم الحقيقي قد يتجاوز هذه القيمة بكثير.
ويقول المحلل الاقتصادي علي قايد، لـ”العربي الجديد”، إن التضخم يشكل عامل تهديد رئيسياً لهذا المورد المتبقي لليمنيين والاقتصاد الوطني والبنوك والقطاع المصرفي في ظل فقدان أهم موردين آخرين يتمثلان في عائدات تصدير النفط مع توقف التصدير منذ نهاية 2022، وتوقف رواتب الموظفين المدنيين منذ نحو تسع سنوات.
وتوقع تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو” مطلع إبريل/ نيسان الجاري أن تشهد أسعار السلع الغذائية الأساسية ارتفاعاً بداية من الشهر المقبل في كافة أنحاء اليمن، بفعل زيادة الطلب خلال شهر رمضان واحتفالات عيد الفطر، وتأثيرات التصعيد العسكري في البحر الأحمر.
متابعات