التقلبات المزاجية بين الطبيعة ومهارة التعامل

بقلم/شيماء المرزوقي

لا أعتقد أنه يوجد إنسان، دون تذبذب في مشاعره؛ لأن طبيعة المشاعر البشرية متقلبة، وتتأثر بالمواقف الحياتية، والأحداث، والتجارب.

ونعلم أننا في كل مرحلة عمرية نكاد نتغير حتى في ثوابتنا، ورؤيتنا، وأهدافنا، وتطلعاتنا.
تقلباتنا المزاجية بين الفرح والحزن، الحماس والخمول، الهدوء والانفعال، الجد والإهمال، ماثلة وواضحة، ولا يمكن إنكارها، أو الادعاء بأنها غير موجودة.

وبطبيعة الحال، هذه التقلبات لا تنمّ عن الضعف، ولا عن الاضطراب؛ لأنها جزء من التكوين البشري الطبيعي، ومع هذا، فإنها تحتاج لفهم جيد، وأن تدار بحكمة ومعرفة؛ لأنها ستؤدي إلى مشاكل في العلاقات، وسوء فهم مع الآخرين، بل ونزاعات يمكن تجنبها.

أحدهم يظهر بأنه متفائل وسعيد، وفي لحظة ما، بسبب رؤيته مشهداً ما، أو قراءته لرسالة نصية قصيرة، أو تذكره لحدث ما، يتغير مزاجه ويتعكر، وينقلب الصفاء الذهني إلى تشويش، والابتسامة إلى عبوس، وفي هذه اللحظة يأتي أحدهم يمازحه، فيصطدم بكلمات قاسية، وغضب ينفجر في وجهه.
وهذا التغير المفاجئ طبيعي؛ لأن التقلبات المزاجية في العادة سريعة، ومسبباتها كما أسلفت، متعددة، ومنها الضغوط النفسية والعملية، القلق والخوف والتوتر، الخلفية الشخصية، والتجارب السابقة، وغيرها من الأسباب مثل التغيرات الهرمونية لدى النساء.
هذه التقلبات المزاجية، تسبّب سوء فهم في العلاقات، وتدهوراً حتى في العلاقات الأسرية، أو بين الأزواج، أو في مقارّ العمل بين الزملاء، وأيضاً تقع مع الصحب والأصدقاء. وغنيّ عن القول أنها تسبّب فقدان التركيز، سواء في العمل أو في التعليم أو في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية، ولها تأثير بالغ في الصحة الجسدية أيضاً، خاصة عندما يترافق القلق ويؤثر في النوم، والجهاز الهضمي، بل والمناعة.
ومن أهم الحلول، الاعتراف بأنها طبيعية، وبالتالي عدم جلد الذات وتأنيب الضمير، فهي ليست خطأ ولا ضعفاً، أيضاً من الواجب علينا، التعاطف، خاصة عندما نجد أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء، في حالة مزاجية غير مستقرة، وألّا ننتقده، بل نحتويه، ونتعاطف معه.
يجب علينا أن نفهم تلك المشاعر المتغيرة، والتدرب على تقبل هذا التغير، والتعامل معه بوعي ومعرفة، ونتذكر أننا كلما فهمنا أنفسنا، وفهمنا من يعيش بالقرب منا، تدنّت المشاكل، وانخفضت حدة الخصام، وابتعد سوء الفهم، وتزايدت فرص السلام الداخلي في علاقاتنا الاجتماعية.

متابعات

إقرأ ايضا

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى