علمياً: صحة المرأة الإنجابية تعتمد على المبيضين؛ فهما العضوان اللذان يلعبان دوراً أساسياً؛ حيث يقومان بإنتاج البويضات التي تعد ضرورية للحمل، كما أنهما مسئولان عن إنتاج الهرمونات مثل الإستروجين والبروجسترون، اللذين يؤثران في العديد من جوانب صحة المرأة العامة، ومع تقدم العمر ينخفض نشاط المبيضين بشكل طبيعي، وهو ما يُعرف بانقطاع الطمث أو الشيخوخة المبيضية، وهو ما يترتب عليه تراجع في الخصوبة وزيادة في مخاطر بعض الأمراض، لذلك فإن الحفاظ على صحة المبيضين يُعد أمراً حيوياً بالنسبة للنساء في مراحل مختلفة من حياتهن.
ولهذا لا تزال العديد من العلاجات الجديدة لإطالة العمر الصحي للمبيضين في مراحلها التجريبية، وتعد بالكثير من الأمل للنساء في جميع أنحاء العالم؛ وذلك باستخدام التقنيات الحديثة مثل الخلايا الجذعية، والعلاج الهرموني، والتغذية الموجهة، التي تُمكن النساء من التمتع بصحة مبيضية أفضل وفترة خصوبة أطول.
اللقاء والدكتورة هند محمد سلمي أستاذة طب النساء والتوليد التي تواصل شرح وتوضيح أحدث ما أحرزه العلماء في السنوات الأخيرة من تقدم في فهم آليات الشيخوخة المبيضية، وطرح طرق علاجية جديدة تهدف إلى إطالة العمر الصحي للمبيضين.
تطور وانخفاض عملية التبويض
كل امرأة تولد بعدد معين من البويضات، ويقل هذا العدد بشكل تدريجي مع مرور الوقت، عادة ما تكون هذه العملية بطيئة، ولكن مع التقدم في العمر، يصبح المبيضان أقل قدرة على إنتاج بويضات صالحة للإخصاب.
وفي الوقت نفسه، يحدث انخفاض في مستويات الهرمونات مثل الإستروجين، مما يؤدي إلى التغيرات المرتبطة بانقطاع الطمث، مثل الجفاف وتقلبات المزاج، وفقدان قوة العظام.
الشيخوخة المبيضية تتفاوت بين النساء بناءً على عوامل وراثية، بيئية ونمط الحياة، ولكنها غالباً ما تبدأ في أواخر الثلاثينات أو أوائل الأربعينات، وتستمر حتى انقطاع الطمث عند سن الخمسين أو أكثر، لهذا أصبح البحث في كيفية تأخير أو إبطاء هذه العملية في السنوات الأخيرة، أحد الأهداف الرئيسية في مجال الطب النسائي.
العلاج بالخلايا الجذعية: أمل جديد للمبيضين
أحد أكثر العلاجات الواعدة التي اكتشفها العلماء لإطالة العمر الصحي للمبيضين؛ هو استخدام الخلايا الجذعية، وهي خلايا غير متخصصة يمكنها التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا المتخصصة.
في السياق النسائي، تم العثور على خلايا جذعية في المبيضين، يمكن أن تساعد في تجديد الأنسجة المبيضية وإنتاج بويضات جديدة.
هذا الاكتشاف قد يمهد الطريق لعلاج النساء اللواتي يعانين من انخفاض في عدد البويضات أو عدم القدرة على الحمل بسبب الشيخوخة المبيضية.
الأبحاث لا تزال في مراحلها الأولى، ولكن استخدام الخلايا الجذعية لعلاج العقم وتحفيز المبيضين يبدو واعداً.
العلاج بالهرمونات والتعديل الجيني
أحد العلاجات الأخرى التي تم بحثها مؤخراً هو العلاج الهرموني المكمل، ويتضمن هذا العلاج استخدام هرمونات مثل الإستروجين والبروجسترون لاستعادة التوازن الهرموني في الجسم، مما قد يساعد في إبطاء عملية الشيخوخة المبيضية وتحفيز المبيضين على العمل بشكل أفضل.
كما تشير بعض الدراسات إلى أن الهرمونات قد تساهم في تحسين جودة البويضات في المراحل المبكرة من انقطاع الطمث.
إضافة إلى ذلك، هناك أيضاً تجارب علاجية في مجال التعديل الجيني للمبيضين؛ حيث تم استخدام تقنيات لإجراء تعديلات دقيقة على الجينات التي تتحكم في إنتاج الهرمونات والبويضات.
تهدف هذه التقنيات إلى تحفيز المبيضين على استعادة نشاطهما الطبيعي لفترة أطول، مما قد يسهم في إطالة فترة الخصوبة وتحسين صحة المبيضين.
التغذية والمكملات الغذائية
البحث عن علاجات غذائية أصبح جزءاً من العديد من الدراسات الحديثة، تشير الأبحاث إلى أن التغذية الصحية قد تؤثر بشكل إيجابي على صحة المبيضين. حيث يمكن لبعض الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين D، و حمض الفوليك، و الأحماض الدهنية أوميغا-3، أن تلعب دوراً في تحسين صحة المبيضين وزيادة فرصة الحمل.
كما أن مكملات الكركمين، المستخلص من الكركم، قد أظهرت نتائج واعدة في الدراسات المخبرية التي استهدفت تجديد خلايا المبيض وحمايتها من التلف الناتج عن الأكسدة، والمعروف أن الكركمين يعمل كمضاد أكسدة قوي، وقد يساعد في الحفاظ على صحة الخلايا المبيضية.
العلاج بالخلايا التناسلية
العلاج بالخلايا التناسلية هو أحد الأساليب العلاجية الحديثة التي يتم استخدامها لإطالة العمر الصحي للمبيضين. يعتمد هذا العلاج على استخدام خلايا من المبيضين أو من الخلايا التناسلية الأخرى، مثل الخلايا الجذعية من الأنسجة المبيضية، لتحفيز المبايض على إنتاج بويضات جديدة.
في عام 2020، تم الإعلان عن دراسة قام بها العلماء الأمريكيون حول إمكانية استعادة الخصوبة لدى النساء اللواتي دخلن مرحلة سن اليأس باستخدام خلايا تناسلية مأخوذة من مبيضهن سابقاً. على الرغم من أن هذه التجربة كانت في مرحلة تجريبية، إلا أن الأمل في العلاج بالخلايا التناسلية بدأ يكبر. وقد يُسهم هذا النوع من العلاجات في إطالة الحياة الصحية للمبيضين وتحسين فرص الإنجاب.
الأدوية والعقاقير الموجهة
من بين الأبحاث الحديثة التي تستهدف علاج الشيخوخة المبيضية، يتم اختبار مجموعة من الأدوية والعقاقير الموجهة التي يمكن أن تساعد في تعزيز وظيفة المبيض. تمثل هذه العقاقير ثورة محتملة في علاج العقم وتأخير انقطاع الطمث، حيث يتم تطوير أدوية تعمل على تنشيط نشاط الخلايا المبيضية المتبقية، أو تقليل الأضرار التي تلحق بالأنسجة المبيضية.
على سبيل المثال، بعض الأبحاث تشير إلى استخدام أدوية مضادة للأكسدة مثل الريسفيراترول، الموجود في العنب الأحمر والتوت، للمساعدة في تقليل تلف خلايا المبيض وتعزيز قدرتها على إنتاج الهرمونات والبويضات.
تقنيات جديدة في تجميد البويضات
كما أحدثت تقنيات تجميد البويضات ثورة في مجال العلاجات المساعدة على الإنجاب؛ ففي السنوات الأخيرة، تطورت تقنيات تجميد البويضات بحيث أصبحت أكثر فعالية في الحفاظ على صحة البويضات لفترات طويلة.
يمكن للنساء تجميد بويضاتهن في وقت مبكر من حياتهن في حال رغبتهن في تأجيل الحمل لاحقاً، من خلال هذه التقنية، يتم تجنب آثار الشيخوخة المبكرة على المبيضين، مما يتيح للنساء الفرصة لإنجاب الأطفال في وقت لاحق.
*ملاحظة قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.