شبح المجاعة يهدد العالم.. الغرب يواجه “خيارا صعبا” وبوتين “يتبنى” الأزمة
قالت صحيفة نيويورك تايمز في تحليل إن الدول الغربية تواجه “خيارا صعبا” بشأن العقوبات المفروضة على روسيا مع تفاقم أزمة الغذاء العالمية والتهديد بحدوث مجاعات.
وتشير إلى أن أحدث تقرير للبنك الدولي عن الآفاق الاقتصادية العالمية يقول إن ما يقرب من نصف سكان البلدان المنخفضة الدخل يواجهون نقصا في الغذاء، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى اضطرابات اجتماعية.
وقال ديفيد ماليباس، رئيس البنك الدولي، إن “هناك خطرا شديدا من سوء التغذية وتعميق الجوع وحتى المجاعة في بعض المناطق”.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن غالبية سكان الدول ذات الاقتصاديات الناشئة ينفقون الجزء الأكبر من ميزانياتهم اليومية على الغذاء، وهذه النفقات آخذة في الارتفاع بسبب عدة عوامل أهمها الحرب في أوكرانيا.
ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية في مايو بنحو 30 في المئة عن العام السابق، مدفوعة بارتفاع أسعار الحبوب واللحوم.
وبينما تفكر الولايات المتحدة وأوروبا في فرض عقبوات جديدة لحرمان روسيا من الإيرادات التي تمول حربها في أوكرانيا، هناك قلق متزايد من أن تداعيات ذلك ستغذي مشكلة جوع مقلقة في جميع أنحاء العالم لن يتم حلها بسهولة.
ويسعى صانعو السياسات إلى وضع خطط لفتح سلاسل توريد وتوفير التمويل الغذائي للبلدان النامية، لكن الجمع بين ارتفاع تكاليف الطاقة وتقييد الصادرات من روسيا وأوكرانيا يهدد بعض السكان الأكثر ضعفا في جميع أنحاء العالم.
وفي اليمن، ارتفع سعر الخبز بنسبة 35 في المئة في الأسبوع الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا، وفقا للصحيفة، بينما أوقفت مطاحن القمح التي تفتقر إلى الحبوب في لبنان عملياتها في الأشهر الأخيرة، ما أجبر المخابز على الإغلاق.
بوتين “يستثمر” الأزمة
وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تبنى الأزمة وفاقمها، بعد أن منع تصدير الغذاء والحبوب من المنطقة واستخدم النقص وسيلة للضغط من أجل إلغاء العقوبات الغربية.
ورفض مسؤولون كبار من الولايات المتحدة وأوروبا حتى الآن تخفيف العقوبات، بينما يدرسون كيفية تمديد العقوبات دون توسيع الأضرار التي قد تحدث نتيجة لها.
وقال أليكس زيردين، المسؤول السابق بوزارة الخزانة في إدارتي أوباما وترامب: “إن احتجاز روسيا للإمدادات الغذائية رهينة أمر يستحق اللوم… حقيقة أنهم يسعون إلى التفاوض بشأن تخفيف العقوبات للسماح ببعض صادرات الحبوب يظهر أن روسيا يمكنها بشكل أحادي توسيع الإمدادات الغذائية العالمية لمساعدة أولئك الأكثر عرضة للخطر”.
وتقول الصحيفة إن ارتفاع أسعار الأسمدة يوسع نطاق نقص الغذاء لأنه يزيد تكلفة إنتاج ونقل الأغذية في جميع أنحاء العالم.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: “بدون أسمدة، سينتشر النقص من الذرة والقمح إلى جميع المحاصيل الأساسية، بما في ذلك الأرز، مع تأثير مدمر على مليارات الأشخاص في آسيا وأميركا الجنوبية أيضا”.
وفرضت بلدان مثل إندونيسيا وماليزيا والهند قيودا على صادرات زيت الطهي والقمح والدجاج لحماية أسواقها المحلية.
وسن الاتحاد الأوروبي تشريعات هذا الشهر تحظر غالبية واردات النفط الروسية. ولتشديد القيود، تقوم أيضا بفرض حظر تدريجي على شركات التأمين البحري على سفن الشحن الروسية، وهي خطوة تهدف إلى إعاقة قدرة روسيا على إعادة توجيه نفطها إلى أجزاء أخرى من العالم.
وحذر مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية من مثل هذه الخطوة خوفا من أن تتأثر شحنات المواد الغذائية أيضا.
وإذا أصبحت شركات التأمين حذرة بشكل مفرط بشأن انتهاك العقوبات، فيمكنها الانخراط في ما يسمى “العقوبات الذاتية”، حيث ترفض نقل أي شحنة بسبب مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى وقوعها في ورطة، وفقا للصحيفة.
ولمنع مثل هذا التطور، ذكرت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، شركات الزراعة والشحن بأن العقوبات الأميركية لا تمنعها من شراء الأسمدة الروسية ونقلها.
وقالت وزيرة الخزانة، جانيت يلين، في أبريل إن الولايات المتحدة تقوم بصياغة عقوباتها مع وضع الإمدادات الغذائية العالمية في الاعتبار.
وفي قمة للاتحاد الأوروبي في أواخر مايو، حذر ماكي سال، رئيس الاتحاد الأفريقي، المسؤولين من أن قطع البنوك الروسية الكبرى عن نظام “سويفت” الدولي للتحويلات المالية يعوق قدرة الدول الأفريقية على شراء الأغذية والأسمدة الروسية.
ومع استمرار الحرب في أوكرانيا وتفاقم نقص الغذاء، من المرجح أن يشتد الجدل حول ما إذا كان ينبغي أن يكون هناك تخفيف لبعض العقوبات على الطاولة إذا كان من شأن ذلك تجنب المجاعة.
وقال إيان ميتشل، من مركز التنمية العالمية، إن أوكرانيا أصبحت نقطة جذب عالمية للمساعدات الإنسانية على حساب البلدان منخفضة الدخل في الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا الوسطى التي تواجه بالفعل انعداما في الأمن الغذائي ويجب عليها الآن التعامل مع ارتفاع الأسعار. وقال إن تخفيف العقوبات ينبغي أن يكون مطروحا على الطاولة.
وتعهد البنك الدولي باستثمار 12 مليار دولار في مشاريع جديدة على مدى الأشهر الـ 15 المقبلة لدعم المزارعين وتسهيل التجارة، وتعهدت العديد من المؤسسات المالية الدولية الكبرى في العالم بطرح خطط للمساعدات والتمويل للمساعدة في تخفيف نقص الغذاء.
متابعات