تقرير: السعودية عمقت خطاب الكراهية في اليمن والإمارات تولت مهمة تقسيم البلد جغرافياً

قالت منظمة سام للحقوق والحريات، إن الصراع السياسي المسلح حول السلطة في اليمن ساهم في تغذية خطاب الكراهية، وانقسام المجتمع، خصوصًا مع غياب المصالحة القانونية التي تساهم في جبر الذاكرة الوطنية.

وأضافت المنظمة في تقريرها المعنون “إنهم خطر”، أن الصراع المسلح الذي انفجر في اليمن منذ عام 2014 أدى إلى تنوع وزيادة حدة هذا الخطاب، كما وضاعف انتشاره، حيث تستخدم الأطراف المتنازعة الخطاب العنصري والتعصب لتشجيع أتباعها على القتال والتمييز ضد الآخر.

واستعرضت “سام” في التقرير “بعضًا من أسباب تفشي خطاب الكراهية بما فيها حالة الفقر والبطالة، والتي ساهمت في بروز انقسام طبقي داخل المجتمع، وتفاوت في مستوى دخل الفرد، مما دفع بعضهم إلى استخدام خطاب الكراهية كوسيلة للتعبير عن غضبهم واستيائهم”.

وأوضحت “أن التدخل الخارجي في اليمن أدى إلى تعميق الصراع بين الأطراف اليمنية، وزيادة في خطاب الكراهية النابع من خلفيات ثقافية وفكرية مختلفة للدول المتدخلة في الشأن اليمني، بالإضافة إلى ما أفرزه الانفتاح الإعلامي وتأسيس القنوات الفضائية والإذاعات المحلية من تغذية خطاب الكراهية من خلال تبني وجهة نظر أطراف الصراع في اليمن والترويج لها، بصورة أدت إلى انقسام المجتمع وتفشي مصطلحات تروج للكراهية والإقصاء ضد الطرف الآخر”.

وأكدت “أن خطاب الكراهية شكَّل أحد أهم أدوات الصراع السياسي الراهن في اليمن، إذ تأثرت وسائل الاتصال والإعلام فيه بحالة الانقسام والصراع العنيف من جهة، وكانت إحدى أدواته وساحاته الخطيرة، إذ طغى على خطابها الاتصالي لغة الكراهية والعنف المتبادل بين أطراف الصراع، وكان أثر ذلك وخيماً على انقسام المجتمع نحو مزيد من التشظي”.

قالت المنظمة إن “جميع أطراف المختلفة، عمدت منذ بداية الصراع، إلى خطاب الكراهية والتحريض، وحشدت كل أدواتها الفكرية والدينية والتاريخية، من أجل تبرير ممارساتها وإلغاء الآخر، كما أنها ملأت عقول الأفراد بأفكار الانتقام والنزاعات القبلية والتفرقة العنصرية، التي كان لها الأثر في تعميق الانتهاكات بحق المدنيين، لا سيما الأطفال والنساء”.

وأضافت: “انعكست الأحداث في اليمن على اللغة الإعلامية والمشهد الإعلامي، كما انعكس بالضبط خطابُ الكراهيَة على الأحداث ذاتها؛ ما أدّى إلى تأجيج المشاعر الطائفية تحديدًا، مع ما يتضمّن هذا التأجيج من رفض للآخر، والحضّ والتحريض بِناءً على خصائص، العنصر أو اللون أو النطاق الجغرافي أو الانتماء القبَلي أو الأصل القومي أو الجنس أو الإيدلوجيا السياسية أو المذهبية”.

واستشهد التقرير “بآراء صحفيين حول فوضوية المشهد الإعلامي في البلاد، إذ تحضر غالبية وسائل الإعلام في القوائم السوداء عند الحديث عن مضامينها المكدسة بخطابات الكراهية والتحريض على العنف، علاوةً على أن السلام يغيب كمفردة وكقيمة في التشريعات الإعلامية ومواثيق الشرف المهنية التي وضعت منذ عقود. الأمر الذي يتطلب إحياء السلام كقيمة غائبة، وثقافة مهملة في الأداء المهني لهذه الوسائل والقائمين عليها”.

وكنماذج على استخدام الأطراف المتصارعة لخطاب الكراهية، ذكر التقرير “أن الحوثيين يروجون لذلك عبر عدة قنوات كالوسائل الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي ومنابر المساجد والمدارس والمراكز الصيفية، ومع كل عام تتحول المدارس في مناطق سيطرة الحوثيين، إلى بؤرة لتصدير العنف ومشاريع الموت والنعرات الطائفية وتغذية خطاب الكراهية وضرب التعايش والسلم المجتمعي”.

وحذر التقرير من خطورة المراكز الصيفة للحوثيين ودورها في تغذية خطاب العنف والكرهاية رفض التعايش لدى الأطفال، مؤكدا “أن مراكز الحوثي الصيفية تعد مراكز تدريبات عسكرية يلقن فيها الطلاب أثناء التدريبات الشاقة شعارات عدائية متطرفة، وقسم الولاية للحوثي، فهي تجمع بين التأهيل القتالي وزراعة الفكر العدائي المتطرف، والذي يبقيهم كقنابل موقوتة وألغام مستقبلية لا تنتهي بزوال مليشيا الحوثي”.

وعن الوضع في جنوب اليمن، أشار التقرير إلى تطور خطاب الكراهية، حيث بدا أن هناك علاقة تداخلية بين الكراهية في الواقع والخطاب الإعلامي والسياسي، على ضوء التداعيات التي أحدثتها التجاذبات السياسية داخل اليمن ومحاولات تقسيم البلاد من خلال سيطرة أحزاب سياسية ذات خلفيات دينية على مناطق واسعة من البلاد وإخضاعها تحت حكمها. هذا بالإضافة لما تلا ذلك من أحداث بفعل الشحن الخطابي الذي يساهم في تدمير النسيج المجتمعي، ويؤسس لصراع بنيوي على المدى البعيد.

ونوه التقرير “بأن أنصار التيار الانفصالي في الجنوب ينتهجون خطابًا مليئًا بكل صيغ الإقصاء ومشحونًا بدوافع الثأر والنقمة تجاه “الآخر”، والذي يتجلى غالبًا في كل ما هو شمالي وله علاقة بالشمال، إذ يتم تصوير المواطنين الشماليين على أنهم سبب في البلاء الذي حل بالجنوب، بلغة شعبوية كارثية تترك آثارًا مدمرة في النسيج الاجتماعي وينتج عنها شرعنة لكل أنواع السلب والاعتداء على ممتلكات المواطنين وجعلهم عرضة للقتل، فقط لمجرد أنهم شماليون”.

وأشار التقرير إلى انزلاق “المؤسسات الإعلامية التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، مستنقع خطاب الكراهية والموجه للحوثيين” والذي يمارسه خصومهم. ويصورهم على أنهم إرهابيون وأعداء للوطن، ويصفهم بمصطلحات ازدرائية، كـ (أذناب إيران، المجوس، الروافض، شيعة الشوارع، وغيرها، من المصطلحات) بالإضافة إلى دعوات البعض إلى قتال الحوثيين باعتبار أن قتالهم نصرة للإسلام ودفاع عن الدين والصحابة”.

ولفت التقرير إلى “لغة الكراهية الموجهة ضد الجنوبيين، حيث ينخرط نشطاء وإعلاميون في حملات تحريض ضد الجنوب، بشكل يسهم في تعميق الانقسام وتجذير الكراهية بين مواطني الشطرين”.

وعن الدور الخارجي في تنامي خطاب الكراهية، قالت سام “إن الإمارات سعت منذ مشاركتها في التحالف  مارس 2015 إلى تعميق الانقسام الجغرافي في اليمن لتحقيق مصالحها الخاصة في البلد، من خلال قيامها بتمويل حملات إعلامية ودعائية عبر وسائل الإعلام المختلفة لخلق وتعميق الكراهية بين اليمنيين”.

وأضافت: “تقوم السعودية منذ سنوات بتعميق خطاب الكراهية بين السنة والشيعة عبر وسائل الإعلام المختلفة من خلال الاجتماعات والندوات الدينية التي يقيمها كبار رجال الدين المتبنين للخطاب الحكومي الذي يعادي الشيعة، وزادت حدة تلك الخطابات بعد مشاركة السعودية في الصراع القائم في اليمن في عام 2015، حيث بدأت المملكة ومنذ ذلك الوقت وعبر رجال الدين والمسؤولين الحكوميين بمهاجمة الحوثيين بصفتهم “الروافض”.

وخلص التقرير إلى أن أحد الأسباب الرئيسية لتصاعد خطاب الكراهية في اليمن خلال فترة الحرب هو انقلاب جماعة الحوثي على مؤسسات الدولة اليمنية الشرعية، وتبنيها خطاب تحريضي، إقصائي يحرض على العنف وقتل الخصوم”.

ومن ضمن النتائج، أشار التقرير “ضعف عمل الحكومة اليمنية وسيطرتها على وسائل الإعلام شكّل عاملا مساعدا للتنظيمات اليمنية باستخدام تلك الوسائل لبث أيدولوجياتها وأفكارها التي تحرض على الكره والعنصرية ونبذ الطرف الآخر والحث على ملاحقته وقتله”.

وأكد التقرير أن “تدخُّل بعض الدول العربية ساعد في اتساع الهوة بين الفرقاء اليمنيين، لا سيما أن كل دولة من الدول العربية لها أهدافها الخاصة في تدخلها في الصراع اليمني؛ تحديدا المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اللتان كان لتدخلهما الأثر الأكبر في تعميق الخلاف بين اليمنيين، كون كل دولة تدعم أحد الأطراف على حساب الآخر”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى