أُسدل الستار أمس على آخر فعاليات ملتقي «هي هب HIA HUB» في الرياض، وكان ختامها مسك أمس مع الفنانة اللبنانية إليسا التي تحظى بقاعدة جماهيرية كبيرة في المملكة العربية السعودية، وهي بدورها تُكِنُّ للمملكة وشعبها الكثير من المحبة والاحترام اللذين عبرت عنهما في كل مناسبة توجد فيها في المملكة.
الحدث تنظمه مجلة هي إحدى مطبوعات المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام «SRMG»، للعام الثالث على التوالي، بالتعاون مع «FASHION FUTURES» وهو برنامج تابع لهيئة الأزياء السعودية.
النضج والذكاء
خلال وجودها في الحدث «سيدتي» سألت إليسا عن النضج والذكاء اللذين تتسم بهما بوصفها فنانة، فاعتبرت أن: «النضج يكتسبه الفنان مع الوقت، ومع الخبرة ومع العمر» مضيفةً: «في الفن بالتأكيد ليس هناك مجهود فردي، وأنا هناك فريق عمل كبير من حولي يساعدني، هناك بعض الأمور التي أختارها بنفسي كاختيار الأغاني، وأنا أحب الدخول بكل تفصيل في عملي، لكن لا أحد ينجح من دون وجود أشخاص داعمين من حوله».
وأكدت إليسا أنها دوماً كانت تعتقد أن الفنان يجب أن يكون لديه ذكاء اجتماعي وذكاء فني لينجح مضيفة: «الآن أرى أنه إما أن يكون الفنان ذكياً أو لا بُدَّ من توفر فريق ذكي من حوله يساعده على النجاح».
حديث من القلب
إليسا أمس كانت نجمة الحدث بامتياز؛ إذ انتظرها الحضور حتى ساعات المساء ليستقبلوها عند مسرح بيلبورد المجهز للجلسات الحوارية الضخمة ضمن هي هب، وعلى امتداد ساعة من الزمن كان الجمهور مع حديث من القلب فتحت فيه إليسا جميع صفحات كتاب حياتها الزاخر بالنجاحات والتحديات ولحظات الحزن والفرح، وتناولت فيها مع المحاورة الإعلامية نادية البساط أهم المراحل التي صنعت منها نجمة تربعت على عرش قلوب مئات الملايين في العالم العربي.
الجلسة تم افتتاحها بتقرير مصور حول 20 سنة من الزمن لمع فيها اسم إليسا وحافظت فيها على قيمتها «كالذهب» كما وصفها التقرير، مقدمة لجمهورها 12 ألبوماً طُبعت في ذاكرتهم، ويرددونها معها في الحفلات مهما مر عليها من وقت.
وعند اعتلائها المسرح وصفتها إحدى الحاضرات بالفراشة لترد إليسا ممازحة «فراشة رشيقة»، وهكذا افتتحت حواراً توجهت في بدايته بتحية لأهل الرياض بالقول: «الرياض منورة بأهلها الطيبين»، وأشارت إلى أنها عندما تنظر إلى ما حققته خلال السنوات العشرين تشعر بالفخر مؤكدة: «أنا إنسان صنع نفسه بنفسه، ولم يكن الكثيرون مؤمنين بموهبتي، وهذا ما خلق لديَّ روح التحدي والإيمان بأحلامي، وكلما حققت أمراً أتطلع إلى الأفضل منه، وكنت محاطة بأشخاص ساعدوني لأخذ القرارات الصحيحة، ولا أنسى أبداً قاعدة الجمهور وهي القاعدة الأولى التي جعلتنا فنانين؛ فهم وضعوا ثقتهم بي، وكانوا حافزاً لي للتميز وتقديم الأفضل دوماً».
أجمل أغاني إليسا استمع اليها الحاضرون خلال الجلسة، التي طلبت في ختامها صعود الأستاذة جمانا الراشد، الرئيس التنفيذي للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام إلى المسرح، لتشكرها على ما تقوم به المجموعة من عمل رائع وعلى استضافتها في «هي هب».
نجومية تعيش وتستمر
وفي رد عن سؤال حول ما إذا ما حققته من نجاح وجوائز وإنجازات عربية وعالمية حقق لها الاكتفاء، أشارت الفنانة إليسا إلى أنها تشعر أنها لم تقدم شيئاً بعد، وأن الإنسان لا يمكن أن يكتفي بإنجاز ويعيش على أمجاده، فعندما يتوقف عن التقدم؛ كل ما أنجزه يختفي، وأضافت: «أحب أن أكون متميزة في الفن ليس فقط وأنا موجودة، وحتى بعد أن أتوقف عن الغناء، وأطمح لنجومية تعيش دوماً». وأشارت إلى أن النجومية لا صلاحية محددة لها إذا تم توظيفها بشكل صحيح ومن خلال الاختيارات الصحيحة، مستعينة بأمثلة كالفنانة الراحلة أم كلثوم، والفنانة القديرة فيروز اللتين لا تزال نجوميتهما طاغية ويسمعهما كل العالم العربي.
وأفصحت «ملكة الإحساس»، كما يطيب للجمهور تسميتها، عن لحظات شعرت بها بالرغبة بالاعتزال والابتعاد عن الفن؛ لأن الضغوط في هذا المجال كبيرة كما تقول، والناس لا يعرفون حقاً ما يعانيه الفنان من ضغوط، لكنها كانت تتراجع بعد ذلك عندما ترى رد فعل الناس على ذلك.
وتحدثت إليسا عن بداياتها التي لم تترافق مع عصر السوشيال ميديا ومنصات الموسيقى والعالم الرقمي الحديث، وعن شراكتها الفنية مع شركة روتانا التي كانت مرتاحة بالتعاطي معها لعشرين سنة قبل أن تتغير بعض السياسات الخاصة بمنصات الأغاني.
وعن أسباب توجهها للإنتاج الشخصي لأعمالها، قالت: «قررت أن أؤسس شركة الإنتاج الخاصة بي، وحتى لو توقفت أنا عن الغناء يوماً ما؛ فسأكون موجودة من خلال شركتي وأدعم المواهب الجميلة».
أسرار النجاح
وحول الصفات التي شكلت سر نجاح إليسا قالت الفنانة لمحاورتها الإعلامية ناديا البساط: «الصفة الأولى هي الصدق والشفافية؛ لأن المتلقي ذكي يعرف الصدق من عدمه، أما الصفة الثانية فهي القابلية للتطور والتغيير، والثالثة هي الاجتهاد والإصرار، كما لديَّ ولاء لكل أركان النجاح من حولي، والركن الأول فيها هو الجمهور».
وأضافت: «أنا إنسان يدرك قيمة نفسه جيداً، وأهنئ نفسي دوماً على نجاحاتي؛ لأن من ينجح ويستخف بنجاحه؛ فهو لا يعطي قيمة لنجاحه».
وتحدثت إليسا أيضاً عن سر أناقة المرأة بالقول: «الثقة هي السر الأول للأناقة»، مضيفة: «طبيعة شكل المرأة جميلة، وأنا أشجع النساء على الاهتمام بمظهرهن دوماً من خلال الملابس وحتى من خلال التجميل إذا كان هناك أمر يحتاج للتجميل، وليس التجميل للحاق بموجة ما، أو التماثل بالآخرين».
وأضافت: «أنا لست كاملة وأمور كثيرة لا أحبها بي، لكنني أركز على الجوانب الإيجابية، وأنا أتابع كل خطوط الموضة وأختار منها ما يناسبني وما يلائم شخصيتي».
وأكدت إليسا: «أنا لست مع المبالغة أبداً، على الشخص أن يعرف مواطن القوة في شكله، وأن يحافظ على شخصيته وهويته من دون أن يبذل مجهوداً ليشبه شخصية أخرى».
وتحدثت الفنانة اللبنانية بجرأة عن تجربتها مع التجميل، التي لم تكن راضية عن نتائجها؛ ما دفعها للعودة عنها، وقالت: «لم يعجبني ما رأيته في المرآة بعد كل الفيلر والتجميل الذي قمت به؛ فقررت إزالة الفيلر والعودة إلى ما كنت عليه قبله، بقدر الإمكان».
أنا إليسا، من أنت؟
الصراحة، التي تُعد صفة أساسية تلازم شخصية إليسا، قالت عنها إليسا: «لم أقل يوماً إلا ما أنا مقتنعة به، فأنا أحب أن أكون راضية عن نفسي».
وعن شكلها الجذاب قالت إليسا: «إذا فعلاً أملك هذه الصفة؛ فأنا أحمد الله على ذلك»، وأضافت: «الأهم من الشكل الجذاب هو الروح أو الشخصية الجميلة؛ فبعض الأشخاص ذوي المظهر الجميل يفقدون إعجابكم بهم ما أن يتحدثوا أمامكم ويظهروا شخصيتهم الحقيقية».
وتطرقت إليسا إلى موضوع التنمر والتعليقات السلبية معتبرة أن هذا الأمر كان يؤثر فيها في البدايات رغم وجود العديد من الأشخاص الداعمين من حولها وأبرزهم والدها، لكنها الآن باتت تنظر بشفقة للمتنمرين وتحزن لأجلهم أكثر مما تحزن من تنمرهم عليها؛ فالمتنمر كما تقول «إنسان مريض، وعنده نقص ما، ولا بُدَّ أنه تعرض للعنف والتنمر بدوره، فيلجأ إلى التنمر ليشعر أنه متساوٍ مع الشخص الآخر»، وأضافت: «أمس شاهدت فيديو يسخرون فيه من شكل فمي، ولكن لا يهمني ذلك»، متوجهة للمتنمر بالقول: «أنا إليسا، أنت الذي تختبئ خلف صورة افتراضية، من أنت؟».
الأب المثالي
ومن الأسئلة التي أجابت عنها إليسا بصراحة تامة، سؤال حول العلاقات العاطفية، وقالت: «ككل فتاة مررت بعدة تجارب فاشلة وسامة أيضاً، لكنني لم أندم عليها، بل تعلمت منها».
وأفصحت الفنانة عن كونها دوماً تبحث في الرجال عن الصفات التي كانت موجودة بوالدها الراحل، مشيرة: «أنا كشخص موضوعي لا أتحدث عن أبي فقط لأنه أبي، بل لأنه كان يحمل أجمل الصفات التي يجب أن يحملها الرجل، كالكرم والثقافة والحنان وطريقة التعامل معنا أنا وإخوتي؛ فهو كان لي الأب المثالي، ولذلك لم أجد هذه الصفات في أي رجل آخر».
وأضافت: «عند وفاة والدي لم أحظَ حتى بإمكانية الحداد الكامل؛ فقد دفعتني التزاماتي للسفر وإنجاز حفلات كانت مقررة ومتفقاً عليها من قبل، لذلك فأنا أخذت وقتاً طويلاً لأتقبل وفاته، وعندما كنت أكون في حفلاتي؛ فأنا كنت أغني على المسرح وأعود إلى غرفتي لأغرق في حزني».
رسائل للمرأة
وحملت الجلسة الكثير من الرسائل التي تتعلق بالمرأة، فكان أن تحدثت عن الأمومة التي لم تحققها من خلال الإنجاب، لكن يمكن تحقيقها -كما أشارت- من خلال العديد من الأدوار الكبيرة الأخرى؛ كون المرأة أختاً، أو مربية، أو زوجة، أو صديقة، وتساءلت: «هل الثنائي الذي لم يُرزق بأطفال هو عائلة ناقصة؟! هل الرجل الذي لم يصبح أباً ناقص؟!»، وأضافت: «من أكثر العبارات التي أكره سماعها: أنجب طفلاً لآخرتك. ألا يترك الأطفال أهلهم عندما يكبرون؟! ألا ترون الكثير من الأهل الذين يموتون في دار للمسنين بعد أن تركهم أبناءهم فيها؟!».
وأشارت إليسا إلى أن «الولد ليس سنداً، بل الصديق سند، والزوج سند، ولا بُدَّ من تسليط الضوء على هذا الموروث وتغييره».
وحول تجربتها مع مرض السرطان أشارت إليسا: «من خلال كوني مؤثرة أحببت أن أوظف هذا الأمر، وأن أتحدث عن الأمر للتوعية ضمن مجتمع فيه الكثير من التابوهات؛ فمرض السرطان لم نكن حتى نذكره بالاسم، بل نقول عنه ذلك المرض، وأحببت أن يصل صوتي للكثير من النساء، وأن أؤثر فيهن وأشجعهن على الفحص المبكر والعلاج».
لن أترك وطني
وأكدت إليسا في القسم الأخير من جلستها أنها لا تفضل أبداً أن تخوض غمار السياسة؛ لأنه كما تقول: «فيه الكثير من الكذب، ويمكن لي بموقعي بصفتي شخصية عامة أن أعبر عن رأيي بتجرد، وأن أقول الحقائق كما هي، وأن أصل للناس بشكل مؤثر أكثر».
وأضافت إليسا: «أنا مواطنة قبل أن أكون فنانة، والقانون منحني الحق بأن أعبر عن رأيي».
وأكدت إليسا: «لا يمكن أن أترك وطني أبداً، يمكن أن أعيش في بعض الدول العربية، لكن لا يمكن أن أهاجر للخارج؛ فنحن في العالم العربي تجمعنا لغة واحدة وقيم واحدة، وأنا فخور بكوني عربية وكوني لبنانية».
وتفاعل معها جمهور الرياض بعد هذا السؤال بدعوتها للإقامة في الرياض، فقالت: «بالتأكيد لن أشعر أنني تغربت إذا عشت في السعودية».