حقل الدرة.. قصة بحر الغاز والنفط العظيم الذي جدد الخلاف بين السعودية والكويت وإيران

تتعدد القضايا التي تثير نقاشات وخلافات بين إيران ودول الخليج العربي، ويبدو أن حقل “الدرة” البحري للغاز والنفط مرشح لأن يكون قضية الأيام المقبلة بين الطرفين، حيث عاد إلى الأضواء مجددا بعد أشهر من الصمت، لم يكن يعلو خلالها صوت فوق صوت المصالحة بين الرياض وطهران.

ماذا حدث؟

حراك “شفهي” إيراني فردود كويتية حاسمة، ثم تعليق سعودي كرر موقف المملكة من الأزمة.. هذا هو ملخص ما حدث، بداية من الأحد الماضي 2 يوليو/تموز، عندما قال الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية، محسن خجسته مهر إن بلاده قررت تسريع الاستعدادات لبدء الحفر في حقل الدرة المشترك.

مهر أكد أن الشركة وافقن على تخصيص موارد كبيرة لتنفيذ خطة تطوير حقل “الدرة”، وأنها ستبدأ الحفر مع تهيئة الظروف.

الرد الكويتي جاء سريعا، الإثنين، عبر وزير النفط الكويتي سعد البراك، الذي أعلن رفض بلاده “للادعاءات والإجراءات الإيرانية بشأن حقل الدرة جملة وتفصيلا”، وشدد على أن “حقل الدرة هو ثروة طبيعية كويتية – سعودية وليس لأي طرف آخر أي حقوق فيه حتى حسم ترسيم الحدود البحرية”.

وأضاف البراك: “تفاجأنا بالادعاءات والنوايا الإيرانية حول حقل الدرة، والتي تتنافى مع أبسط قواعد العلاقات الدولية”.

وتابع أن “الطرفين الكويتي والسعودي متفقان تماما كطرف تفاوضي واحد”، داعيا إيران إلى “الالتزام أولا بترسيم الحدود الدولية البحرية قبل أن يكون لها أي حق في حقل الدرة”.

تصريحات البراك سبقها بساعات تصريحات من مصدر مسؤول بالخارجية الكويتية بنفس المضمون تقريبا، مع تجديد الدعوة لإيران إلى البدء في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين الكويتي والسعودي كطرف تفاوضي واحد مقابل الجانب الإيراني.

تلك الدعوة هي التي شكلت أيضا قوام أول تعليق سعودي على الأزمة، الثلاثاء، على لسان مصدر بالخارجية السعودية، حينما أكد أن ملكية المنطقة المغمورة من الحقل حصرية للسعودية والكويت.

وأضاف المصدر أن المملكة تجدد دعواتها السابقة للجانب الإيراني للبدء في مفاوضات لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين المملكة والكويت كطرفٍ تفاوضيٍ واحد مقابل الجانب الإيراني، وفقاً لأحكام القانون الدولي، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السعودية “واس”.

ويلاحظ أنه رغم أن الحقل ملكية مشتركة بين السعودية والكويت وأن البلدين أكدا أنهما طرف واحد في التعامل مع إيران في هذا الملف، ولكن إيران تنازع الكويت في الحقل أكثر من السعودية؛ لأن المنطقة التي تدعي طهران ملكيتها تقع من الجانب الكويتي.

تاريخ الخلافات

يقع حقل الدرة في تقاطع المطالبات الإقليمية المتنافسة من قبل الكويت وإيران والسعودية، وذلك في المياه الضحلة قبالة الشاطئ في شمال الخليج العربي.

ويعود النزاع بين إيران والكويت الى ستينات القرن الماضي، إذ منحت الكويت وإيران امتيازات بحرية متداخلة بسبب الحدود البحرية غير المحددة، في ذلك الوقت منحت إيران امتياز التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية – البريطانية للنفط، في حين منحت الكويت الامتياز لشركة “رويال داتش شل”، وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من حقل الدرة.

في المقابل، طوّرت الكويت والسعودية منطقة محايدة، تُعرف باسم المنطقة المحايدة المقسومة، تغطي منطقة الحدود البرية والبحرية، بحيث تُطَوَّر جميع حقول الهيدروكربونات فيها بالاشتراك بين شركات النفط الوطنية في البلدين.

وفي منتصف ستينيات القرن الماضي، اكتُشِف حقل الغاز في وقت كانت فيه الحدود البحرية غير محددة على نحوٍ جيد، ولم يكن الغاز يُعدّ من الأصول الاستراتيجية في ذلك الوقت.

القيمة الاقتصادية للحقل

تُقدّر كميات الغاز التي يمكن استخراجها من حقل الدرة بنحو 220 مليار متر مكعب، أو 7 تريليونات قدم مكعبة، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية، لكن تقريرا نشرته قناة “العربية” السعودية في ديسمبر/كانون الأول 2019 أكد أن الحقل يحتوي على تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، إضافة إلى أكثر من 300 ملايين برميل نفطي.

وفي كل الأحوال تشكل هذه الثروات أهمية اقتصادية، لا سيما مع استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تسببت في ارتفاع سعر الغاز عالميا.

ومن المتوقع أن ينتج الحقل البحري مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً، و84 ألف برميل يومياً من المكثفات، وفقاً لبيان صدر سابق عن مؤسسة البترول الكويتية.

تسلسل زمني للخلاف

  • على مدى أعوام، أجرت إيران والكويت مباحثات لتسوية النزاع حول منطقة الجرف القاري على الحدود البحرية بين البلدين، إلا أنها لم تؤد الى نتيجة.

  • في ديسمبر/كانون الأول 2019، وقعت الكويت والسعودية مذكرة تفاهم “تضمنت العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل الدرة”، وجاء الاتفاق الجديد في مارس/آذار 2022 ترجمة لها.

  • في 21 مارس/آذار 2022، وقعت السعودية والكويت وثيقة لتطوير الحقل تنص على قيام شركة عمليات الخفجي المشتركة، وهي مشروع مشترك بين “أرامكو لأعمال الخليج” و”الشركة الكويتية لنفط الخليج”، بالاتفاق على اختيار استشاري “يُجري الدراسات الهندسية اللازمة لتطوير الحقل”.

  • في 26 مارس 2022، اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن الاتفاق بين السعودية والكويت لتطوير حقل “آرش” – التسمية الفارسية لحقل “الدرة” – خطوة “غير قانونية”، مؤكدة احتفاظ إيران بحق الاستثمار في الحقل المشترك بين الدول الثلاث.

  • في 28 مارس، قال وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، إن بلاده ستبدأ “قريباً” التنقيب في حقل غاز “أراش” في الخليج العربي، رداً على صفقة كويتية سعودية لتطوير حقل الغاز المشترك.

  • وأضاف أوجي لأنه بينما تميل إيران إلى التفاوض والتعاون مع الكويت والسعودية لتطوير حقل الغاز، فإن “إجراءاتهم الأحادية الجانب لن تمنع” طهران من المضي قدماً في خططها الخاصة، ورد الكويت بأن الحقل سعودي كويتي وليس إيرانياً.

  • في 29 مارس، قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح إن “إيران ليست طرفاً في حقل الدرة فهو حقل كويتي سعودي خالص”.

  • في أبريل/نيسان 2022، وجهت السعودية والكويت إلى إيران دعوة من أجل التفاوض حول الحقل، حيث قال بيان لوزارتي الخارجية السعودية والكويتية في ذلك الوقت إن البلدين يجددان “بصفتهما طرفاً تفاوضياً واحداً” دعوة إيران إلى ترسيم الحدود الشرقية للمنطقة المقسمة المغمورة بين البلدين الخليجيين.

  • في مايو/أيار 2022، قال سفير إيران بالكويت محمد إيراني لصحيفة “الراي” الكويتية إن بلاده أرسلت دعوة رسمية للجانب الكويتي المختص بالمحادثات في شأن حقل “الدرة” للجلوس مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية “لاستئناف المفاوضات بين البلدين من حيث توقفت في العام 2014”.

  • في ديسمبر/كانون الأول 2022، جددت السعودية والكويت مذكرة التفاهم حول حقل “الدرة”، بعد تطويرها، ووقعت المذكرة كل من “الشركة الكويتية لنفط الخليج” وشركة “أرامكو” لأعمال الخليج.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى