أعاد قرار المحكمة الاتحادية في العراق القاضي بعدم دستورية تمديد عمل برلمان إقليم كردستان، تسليط الضوء على الصعوبات التي تواجهها العملية الانتخابية في الإقليم، شبه المستقل، في وقت وجهت فيه القوى السياسية الرئيسية في الإقليم أصابع الاتهام لبعضها البعض بشأن المسؤولية عن عرقلة إجراء الانتخابات في موعدها.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا، الثلاثاء الماضي، قرارا يقضي بعدم دستورية تمديد عمل برلمان كردستان لعام إضافي، بعد أن جدد لنفسه، في عام 2022، معتبرة أن كل القرارات الصادرة عنه بعد تلك المدة “باطلة”.
ومدد برلمان الإقليم، المكون من 111 مقعدا، في أكتوبر الماضي، مدة دورته عاما إضافيا مرجئا بذلك الانتخابات، التي كان يفترض أن تجرى في الشهر ذاته، على خلفية نزاعات سياسية بين الحزبين الكبيرين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
جاء قرار المحكمة الاتحادية ردا على دعوى تقدم بها نواب معارضون في البرلمان الاتحادي وبرلمان الإقليم وآخرون، من بينهم رئيس برلمان إقليم كردستان الأسبق، يوسف محمد.
وافقت الأحزاب الكردية الحاكمة، بما في ذلك الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، على قرار التمديد، عام 2022، بعد الإخفاق في التوصل إلى توافق حول قانون انتخابي جديد.
وتعهدت الأحزاب بإجراء انتخابات، في نوفمبر من عام 2023، لكنها لم تتوصل بعد إلى توافق في الآراء بشأن اللوائح الجديدة.
وفي 22 مايو الماضي، تشاجر نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني داخل البرلمان الإقليمي خلال مناقشات حول اللوائح الانتخابية، في إشارة إلى أن الاتفاق لا يزال بعيد المنال.
ويؤكد رئيس البرلمان الكردي الأسبق، يوسف محمد، أن “الحزبين الكرديين، للأسف الشديد، لديهما إرث سيء في الإقليم، يتمثل بعدم إجراء أي من الانتخابات التشريعية أو الرئاسية أو المحلية في موعدها المحدد قانونا”.
ويضيف محمد لموقع “الحرة” أن “الخلافات بين الجانبين استمرت وتعمقت مؤخرا، مما ساهم بألا تجرى الانتخابات في موعدها المقرر”، مشددا على أن “الخلافات تتعلق بمصالح حزبية، ولا علاقة لها بما يخدم مواطني الإقليم”.
ويرى محمد، الذي شغل سابقا كذلك منصب رئاسة كتلة حركة التغيير الكردية المعارضة في البرلمان الاتحادي، أن الحزبين، (الديمقراطي والاتحاد) “لديهما قوات مسلحة وأجهزة أمنية واستخباراتية، وبالتالي هذا عقّد من قضية التبادل السلمي للسلطة في الإقليم”.
وأشاد محمد بقرار المحكمة الاتحادية، ووصفه بأنه “مهم جدا، لأنه فتح الباب مجددا لإعادة الشرعية لمؤسسات الحكم في الإقليم وحل الخلفات المستعصية بين الطرفين المتصارعين”.
وبعد قرار المحكمة الاتحادية، دعا الحزب الديمقراطي الكردستاني في بيان “جميع الأطراف والمواطنين في كردستان للتعاون وتسهيل إجراء انتخابات نزيهة” و”الحكومة والمؤسسات ذات الصلة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة”.
يهيمن الحزبان الكبيران المتخاصمان، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، على الحياة السياسية في الإقليم.
ففي البرلمان الحالي، يملك الحزب الديمقراطي الكردستاني الأغلبية مع 45 مقعدا، يليه الاتحاد الوطني الكردستاني مع 21 مقعدا، وباقي المقاعد موزعة على أحزاب المعارضة وأخرى صغيرة.
ويشير عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان، إلى أن “الانسداد السياسي الذي حصل في بغداد بعد الانتخابات، انعكس على إجراء انتخابات برلمان الإقليم”.
ويبين باجلان لموقع “الحرة” أن “انقسامات حصلت في الرؤى بين الحزبين بعد أن تحالف الحزب الديمقراطي مع التيار الصدري، بينما تحالف الاتحاد الوطني مع الإطار التنسيقي”.
تسبب هذا الأمر في تعميق الانقسامات وأدى لفتور في علاقاتهما، وهو أمر انعكس على الاتفاق بشأن الانتخابات، وفقا لباجلان.
بالمقابل، يتهم عضو مجلس النواب العراقي عن الاتحاد الوطني الكردستاني، أسو فريدون، خصمه الديمقراطي الكردستاني بالتسبب في أزمة الإقليم الانتخابية.
ويرى فريدون لموقع “الحرة” أن “حزب الاتحاد الوطني لم يكن لديه أي اعتراض على إجراء الانتخابات في موعدها، لكن كانت لدينا تحفظات على بعض بنود قانون الانتخابات وكيفية إجرائها، وفقا للدائرة الواحدة أم الدوائر المتعددة”.
ويضيف فريدون أن الاتحاد الوطني “كان لديه تحفظ على التمثيل داخل المفوضية وكذلك على عدم اكتمال أعضائها”.
“بالنهاية”، يقول فريدون: “وافق الديمقراطي الكردستاني على إجراء الانتخابات وفقا للدوائر المتعددة، لكنه لم يوافق على باقي مقترحاتنا وهذا ما عرقل التوصل لاتفاق”.
لكن باجلان رمى بدوره الكرة في ملعب الاتحاد الوطني، بالقول إن “الحزب الديمقراطي وافق على مقترح الدوائر المتعددة، لكن مشكلة أخرى ظهرت وتمثلت بالتصويت على المفوضية”. وأضاف أن “الفتور بين الطرفين استمر لحين قرار المحكمة الاتحادية”.
ويتابع باجلان أن “كل الأحزاب في الإقليم مسؤولة عن تأخر إجراء الانتخابات، لكن الاتحاد الوطني هو المسؤول الأول والأكبر”.
ومدد برلمان الإقليم، أكثر من مرة في السنوات الماضية، ولايته، على خلفية خصومات سياسية داخلية بلغت ذروتها في التسعينيات، مع تقاتل داخلي بين عائلتي بارزاني وطالباني.
ويختلف الحزبان كذلك في العديد من القضايا، لا سيما تلك المتعلقة بتوزيع تخصيصات الموازنة.