من السودان إلى سوريا واليمن وانتهاء بروسيا- أوكرانيا، تتزايد التحركات السعودية الدبلوماسية الرامية للعب أدوار “إيجابية” من أجل إنهاء الصراعات هناك، والعمل على التحول للاعب أكبر في الشرق الأوسط من خلال الدبلوماسية.
في تقرير نشر، الخميس، سلطت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الضوء على التحركات الأخيرة التي قامت بها الرياض في السودان، وخاصة تلك المتعلقة بإجلاء الأجانب من البلاد/ ومنهم مواطنون إيرانيون.
وقالت الوكالة إنه تم الترحيب بـ65 إيرانيا تم إجلاؤهم من السودان من قبل الجيش السعودي في مدينة جدة السعودية المطلة على البحر الأحمر بالورود، وبثت صورهم على التلفزيون الحكومي الإيراني والسعودي.
وأضافت أنه “لم يكن من الممكن تصور مثل هذه الصور قبل أشهر فقط، عندما كانت إيران والسعودية خصمين إقليميين لدودين ينخرطان في صراعات متعددة بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.”
لكن الاثنين دفنا العداء في مارس بوساطة صينية بعد ما يقرب من سبع سنوات من العداء، ويأملان في إعادة فتح السفارات قريبا.
تقول الشبكة إن “المملكة الآن في مهمة لتجديد صورتها العالمية وإحلال السلام مع الأعداء السابقين في تحول استراتيجي بعيدا عن أكثر من عقد من سياسة خارجية تصادمية وتدخلية”.
يرى رئيس مركز القرن للدراسات الباحث السعودي سعد بن عمر إن الخطوة “ليست جديدة”، مبينا أن “المملكة ومنذ سنوات لديها سياسة واضحة، لكن أحيانا يرتفع مؤشر العمل العربي نتيجة للمشاكل الموجودة على الساحة”.
ويضيف بن عمر في حديث لموقع “الحرة” أن موقع السعودية الجغرافي ومكانتها الدينية يفرض عليها أحيانا أن تقوم بأدوار تصلح ذات البين وتسهم في لملمة العلاقات العربية- العربية”.
ويؤكد بن عمر أن “المملكة تحاول بشتى الوسائل حل المشاكل المتزايدة بين الدول العربية، وكثير من هذه الدول تعلق آمالا على الرياض في هذا المجال”.
ويرى بن عمر أن “الإمكانات الاقتصادية للسعودية عززت كذلك من دورها كوسيط ولاعب مهم في المنطقة”.
تعمل الرياض بصرف النظر عن إيران، على إصلاح العلاقات مع الحوثيين في اليمن وتركيا والنظام السوري. كما أنها تقود الجهود لإعادة الرئيس السوري المنبوذ بشار الأسد إلى الحضن العربي بعد عقد من الزمن على قطع العلاقات معه.
وتجاوزت جهود الوساطة التي تبذلها الرياض منطقة الشرق الأوسط. ففي العام الماضي، قالت الحكومة إنها توسطت في تبادل سجناء بين روسيا وأوكرانيا أسفر عن إطلاق سراح 10 معتقلين، بينهم اثنان من المحاربين الأميركيين وخمسة مواطنين بريطانيين.
وأعلنت المملكة في ديسمبر الماضي أنها ساعدت أيضا بالتوسط للإفراج عن نجمة كرة السلة بريتني غرينر من الاحتجاز الروسي، مقابل تاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت.
وترى آنا جاكوبس، كبيرة المحللين الخليجيين في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل في حديثها لشبكة “سي إن إن” أن “هناك سياسة خارجية جديدة تجري هنا.. تسعى المملكة العربية السعودية إلى فرض نفسها أكثر فأكثر على المسرح الدولي من خلال الوساطة ورفع مكانتها الدبلوماسية.”
وأضافت أن “السياسة الخارجية الجديدة للرياض أكثر استقلالية وتعطي الأولوية للمصالح السعودية”.
ويشير بن عمر إلى أن “المملكة وقفت في المنتصف في العديد من ملفات الصراع، ومنها أوكرانيا وهذا عزز من دورها كلاعب وسيط محايد”.
كذلك يرى بن عمر أن “المنطقة مرت بصراعات مسلحة بعد أحداث الربيع العربي من سوريا إلى ليبيا والسودان وغيرها وانتهت بحروب دمرت الكثير من الدول العربية.
ويتابع أن “المملكة تحاول حاليا ترقيع المشكلات والتبعات الناجمة عن أحداث الربيع من صراعات وحروب”.
ويؤكد أنه “بالنهاية زيادة التأثير الدور السعودي في المنطقة يعتمد على قادة دولها ومدى تقبلهم للدور السعودي، وفي حال كانوا ينظرون له برؤية إيجابية”.
بالمقابل شوهد الشهر الماضي قادة كبار من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يؤدون فريضة الحج في مكة.
والتقى بعد يومين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة جدة القريبة.يشار إلى ان هناك خلافات بين حماس والسلطة الفلسطينية منذ أكثر من عقد.
وقد توترت علاقات السعودية مع حماس خلال العقد الماضي أيضا.
تؤكد الزميلة في مركز ستيمسون بواشنطن باربرا سلافين أنها لا ترى السعوديين قادرين على قيادة جهود وساطة في المنطقة.
وتضيف لموقع “الحرة” إن الإمارات مثلا هي من قادت الجهود لإعادة سوريا إلى الحظيرة العربية وفتحت الطريق لعقد اتفاقات إبراهيم مع إسرائيل.
وتتابع أن السعوديين دعوا مؤخرا محمود عباس وحماس، لكن المعضلة الإسرائيلية الفلسطينية تحدت عقودا من الوساطة الأميركية، لذلك من الصعب رؤية ما يمكن أن تساهم به الرياض ما لم تجعل التطبيع مع إسرائيل مرهونا بتنازلات للفلسطينيين”.