“مازالت السلطات السعودية تشن حملةً شرسةً من المتابعات القضائية ضد أبناء قبيلة الحويطات الذين عارضوا الإخلاء القسري في عام 2020 لبناء مدينة نيوم المستقبلية العملاقة”.
هكذا خلص تقرير منظمة “القسط” الحقوقية (غير حكومية)، بعنوان “الجانب المظلم من مشروع نيوم: مصادرة أراضي سكان المنطقة وتهجيرهم ومتابعتهم قضائيا”.
ويستند تقرير “القسط” المفصّل الذي يتضمن العديد من المعلومات التي لم يسبق نشرها، إلى شهادات مباشرة من الضحايا والشهود، وأيضا بيانات مفتوحة المصدر.
ويرسم التقرير صورةً مقلقةً عن الانتهاكات الحقوقية الخطيرة التي يجري ارتكابها في سياق مدينة نيوم العملاقة التي يجري بناؤها بقيمة 500 مليار دولار.
ويُشكل مشروع نيوم محور “رؤية 2030” التي يقودها ولي العهد “محمد بن سلمان” في إطار برنامج اقتصادي، وهي مدينة مستقبلية عملاقة يجري بناؤها على ساحل البحر الأحمر في السعودية.
وقبل الشروع في البناء، وفق التقرير، صودرت ممتلكات سكان المنطقة، معظمهم من أبناء قبيلة الحويطات الذين يبلغ عددهم 20 ألف نسمة، وهُجّروا قسريا من بيوتهم بصورة غير قانونية دون أن يحصلوا في كثير من الأحيان على تعويضٍ.
وخلال تلك العملية، قتلت قوات الأمن “عبدالرحيم الحويطي” رميا بالرصاص.
وإضافةً إلى ذلك، وفق التقرير، اعتُقل عشرات من أبناء الحويطات بصورة تعسفية بسبب المقاومة السلمية للتهجير القسري لقبيلتهم والتعبير عن رفضهم للظلم الواقع عليهم.
وفي عام 2022، صدرت أحكام قاسية بشكل استثنائي بالسجن على الكثيرين منهم بموجب نظام مكافحة الإرهاب لمدد تتراوح ما بين 15 و50 عاما، وحتى بالإعدام على 5 أشخاص على الأقل.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، دعا ناشطون من “الحويطات” الأمم المتحدة “للتحقيق في محنتهم، بحجة أن ما تفعله السعودية يرقى إلى إبادة شعب أصلي”.
ويقول التقرير: “لا تُعد الانتهاكات المُرتكبة ضد قبيلة الحويطات حوادث معزولة، فقد جرت عمليات هدم وإخلاء واسعة النطاق لما يقارب نصف مليون شخص في سياق مشروع تطوير وسط جدة الذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار”.
ويتابع: “يخلّف استهتار السلطات السعودية الكامل بحقوق الإنسان في تلك السياقات آثارا عميقة على الشركات والشركاء والمستثمرين المشاركين أو الذين يفكرون في المشاركة في نيوم وغيره من المشاريع في السعودية”.
لذلك، يحث تقرير “القسط” كل من له مصلحة على النظر عن كثب في مسؤولياته المؤسسية واتخاذ خطوات لكيلا يصبح متواطئا في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السعودية.
كما يدعو التقرير المستثمرين والمستشارين والشركات المشاركة في مشروع “نيوم” وغيره من المشاريع السعودية إلى عدم التواطؤ في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
من جانبها، تقول المديرة التنفيذية للقسط “جوليا ليغنر” إن “الانتهاكات الحقوقية الخطيرة المُرتكَبة في سياق مشروع نيوم، بما في ذلك عمليات مصادرة الأراضي والتهجير القسري غير القانونية والاعتقالات التعسفية وأحكام السجن الظالمة وحتى أحكام الإعدام، تتعارض بوضوحٍ مع خطاب السلطات السعودية المتعلق بالإصلاح الليبرالي”.
وتضيف: “نيوم ليس سوى واحدٍ من عدة مشاريع في رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد، ومن ثم ستتواصل ممارسة تلك الانتهاكات في أماكن أخرى في البلاد”.
وتتابع “ليغنر”: “لقد حان الوقت للشركات والمستثمرين، الذين يشاركون في تلك المشاريع ويوجد مقر الكثير منهم في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، لكي يعيدوا تقييم مسؤولياتهم في مجال حقوق الإنسان”.
وأعلنت السعودية عن مشروع “نيوم العملاق في 2017، وهو عبارة عن مدينة عالية التقنية في الصحراء بمساحة هائلة.
وقال “بن سلمان” في يوليو/تموز الماضي، إن المرحلة الأولى من مشروع “نيوم”، التي تمتد حتى عام 2030، ستتكلف 1.2 تريليون ريال (319 مليار دولار)، على أن يغطي صندوق الاستثمارات العامة السعودي نصف هذا المبلغ.
كما خصصت المملكة 300 مليار ريال لصندوق استثماري مرتبط بـ”نيوم” وتخطط لإجراء طرح عام أولي للمشروع بحلول عام 2024.
متابعات