الاستثمارات السعودية سبب رئيسي.. قلق أمريكي لاستحواذ ماسك على تويتر

استعرضت ورقة تحليلية لمعهد “بروكنجز” التأثيرات المحتملة لصفقة امتلاك الملياردير “إيلون ماسك” لموقع تويتر، على الأمن القومي الأمريكي، بالنظر إلى توجهات الأخير إلى جانب الاستثمارات السعودية في المنصة الكبيرة.

وأشارت الورقة إلى جذب “ماسك” عددا من المستثمرين الأجانب للمساعدة في تمويل شراء الشركة، بما فيها كيانات اقتصادية لها ارتباطات بحكومات دول أجنبية، وأيضا علاقات شركة “ماسك” الأكبر “تيسلا”، بالسوق الصينية.

وأبرزت أن كون تويتر منصة رئيسية، لتداول الخطاب السياسي الأمريكي، يفرض فتح تحقيق من لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS)، وهي لجنة مشتركة بين الوكالات الفدرالية برئاسة وزارة الخزانة، مخولة بمراجعة عمليات الاستحواذ على الشركات الأمريكية من قبل المستثمرين الأجانب، ولديها القدرة على إيقاف الصفقات التي تثير أي مخاوف متعلقة بالأمن القومي.

في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أفادت وكالة بلومبرج أن مسؤولي إدارة الرئيس “جو بايدن”، ناقشوا قيام اللجنة بمراجعة استحواذ “ماسك” على تويتر، بعد المواقف التي عبر عنها بشأن الحرب الروسية على أوكرانيا، وبعد إتمام الصفقة.

ويشير معهد “بروكنجز”، إلى أن الموضوع مطروح بالفعل بالبيت الأبيض، عقب دعوات من السناتور “رون وايدن”، الذي يرأس اللجنة المالية، والسيناتور “كريس ميرفي” إلى “فحص شامل” لصفقة “تويتر” لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

وأشارت الورقة إلى أن مجموعة من المؤشرات والأسباب الوجيهة، تدفع لجنة الاستثمار الأجنبي نحو فتح تحقيق في الصفقة؛ أولها تمويلها بمليارات الدولارات من استثمارات أجنبية، بينها شركات المرتبطة بالحكومة من قطر والمملكة العربية السعودية وشركة “بينانس” ذات الصلة بالصين.

ثانيها، أن تويتر يضم المعلومات الشخصية والحساسة لعشرات الملايين من المواطنين الأمريكيين، ويبقى منصة رئيسية للخطاب السياسي الأمريكي، مما يجعل احتمالية التأثير الأجنبي على الرأي العام وتوجهات الناخبين في الانتخابات قائمة.

واستحوذ “ماسك” على عملاق التواصل الاجتماعي مقابل 44 مليار دولار بعد 5 أشهر على اتفاقه المبدئي مع الشركة على الشراء، وقام بتمويل الصفقة بدفع 27 مليار دولار من أمواله الخاصة، و5.2 مليار دولار من مجموعات استثمارية وصناديق كبيرة أخرى، ومساهمة بـ500 مليون دولار من شركة بينانس أكبر بورصة عملات رقمية في العالم، والمرتبطة بالسلطات الصينية، حسب المصدر ذاته.

واستثمرت أيضا شركة قطر القابضة التي يتحكم بها صندوق الثروة السيادي القطري المعروف بـ”جهاز قطر للاستثمار”، في الصندوق.

وحوّل الأمير السعودي “الوليد بن طلال” لـ”إيلون ماسك” الأسهم التي يملكها في جهاز قطر للاستثمار والبالغ عددها تقريبًا 35 مليون سهم لقاء استثماراتهم، وسيصبح من المستثمرين الرئيسيين في تويتر.

وأشار التقرير في هذا السياق، إلى أن مصدر القلق الأكبر للأمن القومي الأمريكي، يتمثل أساسا في المستثمرين المرتبطين بالصين وحكومتي قطر والمملكة العربية السعودية.

ويتركز اهتمام اللجنة حسب الورقة، بشكل متكرر على الاستثمارات المرتبطة بالصين، مشيرة إلى أن مساهمة شركة “بينانس”، وحدها كافية لوضع الصفقة تحت مجهر التحقيق، بحسب تقرير المعهد الذي يشير إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، يعتبر مواجهة التجسس الصيني “أولوية” مع اتهامه بكين “بالسعي للتأثير على المشرعين الأمريكيين” لإقرار سياسات أكثر ملاءمة للصين.

وفي 24 أكتوبر الماضي، اتهمت وزارة العدل 13 شخصا زُعم أنهم نفذوا مؤامرات لتعزيز المصالح الصينية في الولايات المتحدة ، قائلة إن الحكومة الصينية “سعت إلى التدخل في حقوق وحريات الأفراد في الولايات المتحدة وتقويض نظامنا القضائي”.

“الارتباط بالحكومات”

وفي الوقت ذاته، يثير ارتباط المستثمرين القطريين والسعوديين في صفقة تويتر، بحكومات بلدانهم، القلق بالنسبة للجنة الاستثمارات، مشيرة إلى أنه على ضوء تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، فإن استثمارات المملكة في المنصة، قد تكون أكثر إشكالية من منظورها.

وذكر معدو التقرير بـ”ماضي السعودية وتويتر”، ففي عام 2018، غمرت الحكومة السعودية الموقع بآلاف الحسابات الوهمية التي تغرد برسائل مؤيدة لولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”.

كما جمد تويتر حساب المسؤول السعودي، “سعود القحطاني”، لـ”تورطه المباشر” في مقتل الصحفي في واشنطن بوست “جمال خاشقجي”، باعتباره لاعبا فعالا في تدبير الحملات الرقمية بالمملكة العربية السعودية التي تستهدف منتقديها على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويرى تحليل معهد “بروكنجز”، أنه إذا احتفظ النظام السعودي بحصته في تويتر، لا سيما في الشكل غير الخاضع للإشراف، الذي أشار “ماسك” إلى أن تويتر سيتخذه، فمن المحتمل أن السعودية “لن تستأنف هذه الحملات فحسب، بل قد تستخدم أيضا المنصة لجعل دعايتها أكثر فاعلية”.

“أجراس إنذار”

من جانبها، تحدثت صحيفة الجارديان البريطانية، عن أن “أجراس إنذار دقت داخل “الكابيتول هيل” بعد إعلان “ماسك” إتمام صفقة شراء تويتر، وكون السعودية أصبحت ثاني أكبر مستثمر بالموقع.

وعاد تقرير الصحيفة، إلى قضية اعتقال الأمير “الوليد بن طلال”، صاحب الاستثمارات السعودية في تويتر، من طرف سلطات بلاده، مشيرة إلى أن “الصفقة السرية التي أبرمها معه ولي العهد السعودي مقابل إطلاق سراحه ومنحه فرصة العودة لاستثماراته واسترجاع أملاكه، تبقى غري معروفة”.

وأشار التقرير إلى أن “بن طلال” كان رافضا في البداية لصفقة استحواذ “ماسك” على تويتر، لكونها لا تناسب قيمتها الحقيقية، قبل أن “يعدل عن موقفه فجأة ويوافق شهر مايو/ أيار، على الصفقة بنفس القيمة الأولية، ويصف “ماسك” بـ”القائد الممتاز”.

وفي وقت لاحق من الشهر ذاته، استحوذ صندوق الثروة السيادية السعودي، الذي يرأسه “محمد بن سلمان”، على حصة 17% في شركة “المملكة القابضة”، المملوكة لابن طلال مقابل 1.5 مليار دولار.

وأشارت الصحيفة إلى أن  موقع السعودية اليوم كثاني مستثمر في المنصة، يثير مخاوف حقوقية واسعة، بعد أن كان مسؤول سعودي بارز العقل المدبر لاختراق “تويتر” عام 2015 من قبل جواسيس كانوا يعملون لصالح الحكومة السعودية، وجهت إليهم وزارة العدل الأمريكية لائحة اتهام.

وسمح هذا الاختراق للحكومة السعودية بالتعرف على الأفراد الذين ينتقدون حكومة المملكة من حسابات مجهولة، مما أدى إلى اعتقال الشاب “عبد الرحمن السدحان”، الذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة 20 عاما في العربية السعودية لاستخدامه حساب للسخرية من حكومة بلاده.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى