عين رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الاثنين محافظا جديدا لمحافظة الجوف، كبرى محافظات شمال اليمن وقائدا عسكريا لمحور المحافظة، خلفا للقيادي الإخواني أمين العكيمي الذي كان يجمع بين المنصبين.
ويأتي القرار في توقيت حساس، مع انتهاء الهدنة الأممية بين السلطة الشرعية في اليمن و الحوثيين، وانحسار زخم الوساطة الدولية والإقليمية لإنقاذها.
وأعاد الرئيس اليمني تعيين حسين العجي العواضي محافظا للجوف وهو شخصية سياسية محسوبة على اليسار تولت قيادة محافظة الجوف خلال وبعد فترة تحريرها في العام 2016، قبل أن تتم الإطاحة به عبر انقلاب إخواني، تمت شرعنته من خلال قرار أصدره الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي، قضى بتعيين الشيخ القبلي الإخواني أمين العكيمي محافظا للجوف وقائدا لمحورها العسكري.
رماح الجبري: تعيين قيادة جديدة لمحافظة الجوف قرار تأخر كثيرا
ويتهم خبراء وسياسيون يمنيون محافظ الجوف السابق الذي عرف بعدائه تجاه التحالف العربي وتصريحاته الكثيرة للجدل، بالتسبب في سقوط محافظة الجوف مرة أخرى في قبضة الجماعه الحوثية في العام 2020 نتيجة الفساد وسوء الإدارة والحسابات السياسية الخاصة التي كانت تستهدف ابتزاز التحالف العربي وتحقيق مكاسب سياسية لصالح الإخوان المسلمين في اليمن.
وتكتسب الجوف أهمية إستراتيجية بالغة نظرا لموقعها الجغرافي على الحدود اليمنية – السعودية ومساحتها الشاسعة التي تمتد إلى حدود محافظات أخرى مثل مأرب وحضرموت وصعدة وعمران.
وقالت مصادر يمنية مطلعة إن قرار إقالة المحافظ السابق أمين العكيمي كان محسوما بعد سقوط المحافظة في أيدي الجماعه الحوثية دون مقاومة تذكر، على الرغم من الدعم العسكري والمالي الهائل الذي قدمه التحالف العربي بقيادة السعودية لتشكيل وحدات عسكرية جديدة في المحافظة وتسليحها.
وأشارت المصادر إلى أن قرار الإقالة وتعيين محافظ جديد للجوف تعثر نتيجة التحولات السياسية المتسارعة التي شهدها الملف اليمني وممانعة الإخوان لتعيين محافظ جديد من خارج منظومتهم الحزبية، إضافة إلى الخلافات التي عصفت بالمجلس الرئاسي بعد تشكيله وخصوصا في أعقاب إقالة عدد من المسؤولين المحسوبين على حزب الإصلاح مثل محافظ شبوة السابق محمد بن عديو.
وكشفت مصادر أن صدور قرار تعيين حسين العجي العواضي محافظا للجوف ومحمد عبده الأشول قائدا لمحور الجوف وإلغاء كافة التعيينات السابقة في محور الجوف، جاء بعد أيام قليلة من هجوم مسلح نفذه علي يحيى العكيمي، ابن شقيق المحافظ السابق أمين العكيمي والذي يشغل منصب قائد المحور الأوسط في الجوف، ضد عدد من الضباط والجنود في حرس الحدود أثناء ذهابهم لاستلام رواتبهم من التحالف العربي، الأمر الذي تسبب في مقتل ضابطين وجرح سبعة جنود.
وقالت المصادر إن الهجوم الذي نفذه ابن شقيق المحافظ السابق للجوف يرجح أنه جاء بإيعاز من المحافظ الإخواني المقال أمين العكيمي في محاولة لعرقلة محاولات التغيير في المحافظة وتوجيه رسالة ابتزاز وتهديد لمجلس القيادة الرئاسي والتحالف العربي على حد السواء.
وأشارت مصادر إلى تورط شقيق المحافظ المقال في عمليات تهريب السلاح للحوثيين، عبر صحراء الجوف مستغلا نفوذ شقيقه، وهي معلومات كشفت النقاب عنها قبل سنوات في سياق تقرير يكشف اختراق الحوثيين لعدد من قيادات الشرعية الموالية للإخوان وتجنيدها لتسهيل مرور شحنات السلاح القادمة للحوثي من إيران.
وتوقعت مصادر يمنية أن تشهد الفترة القادمة موجات من التمرد الإخواني على قرار إقالة المحافظ العكيمي وإعلان عدد من أقرباء المحافظ المقال الذين يشغلون مناصب عسكرية ومدنية في المحافظة انضمامهم للميليشيات الحوثية.
اختيار شخصية مثل اللواء حسين العواضي الذي كان محافظا سابقا للمحافظة نفسها، محاولة لتصحيح الاختلالات الميدانية في محور الجوف
وحول توقيت القرار، يرجح أن تكون محافظة الجوف أحد أبرز أهداف الشرعية اليمنية والتحالف العربي في حال فشلت جهود تمديد الهدنة الأممية التي ما تزال مستمرة حتى اليوم في العاصمة العمانية مسقط بوساطة دولية، على الرغم من تراجع زخمها.
وفي تصريح اعتبر الباحث السياسي اليمني رماح الجبري أن تعيين قيادة جديدة لمحافظة الجوف قرار تأخر جدا وكان يفترض أن يتم بعد سقوط الجوف بيد الحوثي للمرة الثانية نظرا لحالة الفشل والعشوائية التي كانت تعيشها القيادة السابقة.
ولفت الجبري إلى أن اختيار شخصية مثل اللواء حسين العواضي الذي كان محافظا سابقا للمحافظة نفسها، محاولة لتصحيح الاختلالات الميدانية في محور الجوف ومؤشر على احتمالية عودة المعارك ضد الميليشيا الحوثية إذا لم تلتزم بالهدنة.
وتابع “يحظى العواضي بتقدير كبير في الأوساط السياسية والقبلية والعسكرية وأعتقد أنه قادر على تغيير قواعد المعركة في محافظة الجوف إذا منح الضوء لاستئناف المعركة وتحرير محافظة الجوف”.
وكان التحالف العربي قد استدعى وفقا لمصادر إعلامية قائد المنطقة العسكرية السادسة في الجيش الوطني اليمني التي تضم محافظة الجوف، اللواء هيكل حنتف، وأشارت المصادر إلى أن الاستدعاء جاء لوجود معلومات ووثائق حول دور القائد المحسوب على جماعة الإخوان في تسليم عدد من مواقع الجيش اليمني في الجوف للحوثيين بالتزامن مع انعقاد مشاورات الرياض اليمنية التي رعاها مجلس التعاون الخليجي في أبريل الماضي، وهو ما يشير إلى وجود ارتباط بين توقيت المشاورات ومحاولة الإخوان عرقلة التحولات التي خرجت بها المشاورات وأفضت إلى تشكيل مجلس قيادة رئاسي خلفا للرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر.
متابعات