المستهلكون في العالم يتجهون إلى بدائل أرخص للقمح مع ارتفاع أسعاره

يتجه الاستهلاك العالمي للقمح إلى أكبر انخفاض سنوي منذ عقود، إذ يجبر التضخم القياسي المستهلكين والشركات على تقليل استخدامه والاتجاه إلى بدائل أرخص مع تزايد انعدام الأمن الغذائي.
وربما يواجه المستهلكون زيادة في أسعار القمح في النصف الثاني من 2022، إذ يقوم المستوردون، الذين تلقوا حتى الآن الشحنات التي تم شراؤها قبل عدة أشهر بأسعار أرخص، بالتعامل بالأسعار الجديدة منذ ارتفاع أسعار القمح إلى أعلى مستوياتها في مايو/أيار.
ويقول محللون وتجار وأصحاب مطاحن أن الاستهلاك العالمي للقمح في الفترة من يوليو/تموز إلى ديسمبر/كانون الأول المقبل قد ينخفض بنسبة تتراوح من خمسة إلى ثمانية في المئة مقارنة بالعام الماضي، وهو معدل أسرع بكثير من توقعات وزارة الزراعة الأمريكية بانكماش بنسبة واحد في المئة.
وقالت الخبيرة الاقتصادية في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «فاو»، إيرين كوليير «سيكون هناك انخفاض في الطلب على القمح لأعلاف الحيوانات في أوروبا والصين. كما يتباطأ الطلب على القمح للاستهلاك الآدمي في الدول المستوردة الرئيسية حول العالم. الأسعار المرتفعة تثير مخاوف بخصوص الأمن الغذائي في أجزاء من آسيا وافريقيا حيث لا تستطيع البلدان تأمين إمدادات كافية من السوق الدولية».
ويواجه الملايين ارتفاعاً في تكاليف الغذاء وانعداماً للأمن الغذائي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا والظروف الجوية السيئة في الدول المصدرة الرئيسية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وقفزت العقود الآجلة للقمح بنسبة 40 في المئة هذا العام إلى مستوى قياسي في مارس/آذار قبل أن تتراجع في الآونة الأخيرة، رغم أن الأسعار ما زالت مرتفعة.
ويبلغ سعر شحنات القمح من منطقة البحر الأسود نحو 400-410 دولارات للطن، شاملة تكلفة الشحن والتسليم إلى الشرق الأوسط وآسيا. وانخفضت الأسعار من ذروة بلغت نحو 500 دولار للطن قبل بضعة أشهر، لكنها ما زالت أعلى بكثير من متوسط أسعار العام الماضي الذي كان نحو 300 دولار للطن.
وقال أولي هو، من مؤسسة «أيكون كوموديتيز» لخدمات السمسرة والاستشارات الزراعية في سيدني «إمدادات القمح ما زالت شحيحة للغاية. لسنا على يقين من كمية القمح التي ستخرج من البحر الأسود، كما تعاني الدول الأخرى المُصدِّرة للقمح من طقس سيء».
وأوضحت كوليير أن الدول التي يحتمل أن تواجه صعوبات بخصوص واردات القمح تشمل اليمن وجنوب السودان والسودان وسوريا وإثيوبيا وأفغانستان وسريلانكا.
وبينما يمثل ارتفاع التكاليف عبئاً ثقيلا على ميزانيات الأُسر، تندلع احتجاجات في أنحاء العالم ونزل الناس إلى الشوارع من الصين وماليزيا إلى إيطاليا وجنوب افريقيا والأرجنتين.
وفي إندونيسيا، ثاني أكبر مشتر للقمح في العالم، انخفض الاستهلاك بالفعل في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022، ومن المتوقع حدوث انخفاض أكبر مع ارتفاع التكاليف.
وتدفع يان عيسى ألاماندا، وهي خبازة عمرها 37 عاما في جاكرتا، نحو عشرة آلاف روبية (0.67 دولار) للكيلوغرام الواحد من طحين دقيق القمح، ارتفاعا من نحو 8200 روبية في وقت سابق من العام الحالي.
وقالت «اضطررت إلى زيادة سعر البيع… لكني أخشى أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تراجع إقبال المستهلكين».
مع خفض المستهلكين لمشترياتهم، يستبدل الخبازون ومصنعو المعكرونة القمح بالأرز.
ويقول فرانسيسكوس وليرانغ، رئيس اتحاد مطاحن الدقيق الإندونيسي «أسعار طحين القمح تكاد تكون نفسها أسعار الأرز، سيحدث الاستبدال بشكل تلقائي».
وأشار إلى أنه في المرة الأخيرة التي ارتفعت فيها أسعار طحين القمح بشكل كبير، انخفض استهلاك إندونيسيا بنسبة 4.5 في المئة.
وبينما قفزت أسعار القمح، فإن سعر طن الأرز الفيتنامي يبلغ نحو 404 دولارات بدون تغيير إلى حد كبير عن أواخر عام 2021.
وتظهر بيانات أن البرازيل، أكبر سوق للقمح الأمريكي، شهدت انخفاضاً في المشتريات بأكثر من ثلاثة في المئة في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران، على الرغم من أنها دفعت 20 في المئة إضافية.
وقال كبير مديري المخاطر في «هيدجبوينت غلوبال ماركتس»، روبرتو ساندولي «ربما يستبدل المستهلكون في شمال شرق البرازيل منتجات القمح بمنتجات إقليمية، مثل حبوب التابيوكا».
كما تعمل أسعار القمح المرتفعة على تغيير المكونات التي يستخدمها رعاة الماشية في علف الحيوانات.
وتتوقع وكالة الزراعة الحكومية الفرنسية أن ينخفض الطلب على علف القمح بنسبة 13 في المئة عن مستوى 2021-2022 إلى 3.9 مليون طن في 2022-2023.
وقالت المحللة في «ستراتيجي غرينز»، هيلين دوفلو «يرجع الانخفاض في استهلاك القمح في الاتحاد الأوروبي في الأساس إلى أن أسعار الذرة رخيصة للغاية. وهناك أيضاً القضية الاقتصادية بالطبع».
وفي فيتنام، التي تعد واحدة من أسواق الأعلاف الحيوانية الأسرع نمواً في العالم، يحل الأرز ذو النوعية الأدنى محل القمح.
وقال أحد مديري المشتريات في طاحونة أعلاف في مدينة هوتشي مينه أن الحكومة طلبت منهم الحصول على بدائل في ظل اضطراب سلاسل الإمداد.
وأوضح تجار يتخذون من بانكوك مقراً لهم أن تايلاند زادت في وقت سابق هذا العام حصتها من واردات الذرة إلى 600 ألف طن من 54700 طن، وخفضت رسوم الاستيراد لتخفيف شح الإمدادات في سوق العلف.
واستجابة لتغيير استخدام العلف، خفضت وزارة الزراعة الأمريكية في يوليو/تموز توقعاتها للاستهلاك العالمي للقمح للسنة التسويقية 2022-2023 إلى 784.22 مليون طن، في نزول بواقع 1.77 مليون طن عن تقديراتها ليونيو/حزيران وأقل بواقع 6.29 مليون طن من العام السابق.
ويتأثر المشترون في افريقيا والشرق الأوسط أكثر من غيرهم من باضطرابات البحر الأسود منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، واضطروا إلى التحول إلى مُوَرِّدين أسعارهم مرتفعة مثل ألمانيا وفرنسا.
وهناك آمال في استئناف إمدادات البحر الأسود بعد أن وقعت روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة اتفاقاً الأسبوع الماضي لاستئناف تصدير الحبوب الأوكرانية. ورست أول سفينة حبوب تغادر أوكرانيا ليل الثلاثاء. لكن السوق ما زالت متشككة بشأن قيمة عودة تجارة البحر الأسود.
ويقول تاجر في سنغافورة «لسنا متفائلين بشكل كبير بشأن إمدادات القمح الأوكرانية. ليس من مصلحة روسيا السماح بكميات كبيرة من صادرات الحبوب من أوكرانيا مع استمرار الحرب».

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى