قطع القضاء الفرنسي الخطوة ما قبل الأخيرة في حسم قضية حادثة سقوط طائرة الخطوط الجوية اليمنية قبل خمس عشرة سنة قبالة جزر القمر، وإنهاء الجدل الذي دار حول الحادثة وما حف بها من شكوك ذهب بعض مثيريها حدّ القول إن الطائرة أسقطت خطأ بصاروخ لدى عبورها أجواء منطقة كانت تشهد إجراء مناورة عسكرية، من دون أن تظهر بعد ذلك مؤيدات فعلية لتلك الشكوك.
وثبّتت محكمة الاستئناف في العاصمة الفرنسية باريس حكما سابقا في القضية صدر في سبتمبر 2022 وقضى بإدانة شركة الخطوط الجوية اليمنية المشغلة للطائرة المنكوبة بالقتل والإصابة غير العمد لـ152 شخصا كانوا على متن الرحلة التي تحولت إلى كارثة قبل وقت وجيز من بلوغ وجهتها النهائية.
وترتّب تلك الإدانة فرض غرامة على الشركة ينص عليها القانون وتبلغ 225 ألف يورو (حوالي 248 ألف دولار).
وفي ليل التاسع والعشرين إلى الثلاثين من يوليو 2009 أثناء الاستعداد للهبوط في مطار موروني عاصمة جزر القمر، تحطمت رحلة الخطوط الجوية اليمنية رقم 626 في المحيط الهندي، ما أدى إلى مقتل 141 راكبا بينهم 65 فرنسيا و11 من أفراد الطاقم. وقد استدعى وجود فرنسيين بين الضحايا فتح تحقيق في فرنسا.
ونجت طفلة واحدة من بين الركاب كانت تبلغ آنذاك 12 عاما بعد أن تمسكت لساعات بجزء من حطام الطائرة ظل طافيا على سطح البحر.
وأتاحت التحقيقات التي أجريت على الصندوقين الأسودين بعد العثور عليهما في نهاية أغسطس 2009 على عمق 1280 مترا، استنتاجا مفاده أن الحادث كان بسبب سلسلة أخطاء في القيادة.
ولم تعلن رئيسة محكمة الاستئناف بالتفصيل دوافع القرار. وكانت المحكمة الابتدائية أشارت إلى “تهور” من الشركة “مرتبط بالحادث” لاسيما تسيير الرحلات الليلية في فترة الصيف حيث من الممكن أن يؤدي الطقس إلى مناورات هبوط صعبة حين تكون بعض أضواء المطار لا تعمل.
كما أشارت المحكمة آنذاك إلى تكليف مساعد الطيار بالرحلة وهو لديه “نقاط ضعف مهنية”. وأضافت رئيسة محكمة الاستئناف سيلفي ماديك، الثلاثاء، أن الحكم عقوبة تتمثل في عرض القرار لمدة شهرين في مباني مطاري رواسي ومرسيليا.
ويمكن الآن لشركة الخطوط الجوية اليمنية التي استأنفت إدانتها أمام المحكمة الابتدائية، أن تقدم طعنا أمام محكمة التمييز.
وقال رومان ليبوفيتشي، أحد محامي جمعية أقارب الضحايا، “نحن راضون جدا عن هذا القرار الذي يؤكد ما هو واضح نظرا إلى العناصر المادية التي كانت موجودة في الملف”.
وأضاف أنّ “عمل 15 عاما يعطي نتائجه اليوم معربا عن أمله في أن يكون الحكم نهائيا لأنه في كل مرة، يكون ذلك بمثابة محنة جديدة لجميع أصحاب الحقوق”.
واتبعت المحكمة قرار النيابة العامة التي طلبت العقوبة نفسها الصادرة عن المحكمة الابتدائية أثناء المحاكمة الثانية مؤكدة أنها لا ترى “أي ظروف تخفيفية” للشركة.
وتخللت المحاكمة الثانية مجددا شهادة قوية أدلت بها بهية بكاري (27 عاما اليوم) وهي الناجية الوحيدة من الكارثة. وحضر العديد من أقارب الضحايا للاستماع إليها.
وكما حصل في المحكمة الابتدائية، كان قفص الاتهام فارغا. والفارق الوحيد هو أنه تم استجواب أحد المسؤولين التنفيذيين في الشركة عبر الفيديو، لكنه مع ذلك لم يتمكن من الإجابة على معظم الأسئلة.
وخلال رحلتها الأخيرة، كانت طائرة الأيرباص “أي 310” تقل العديد من مواطني جزر القمر وفرنسيين متحدرين من جزر القمر لحضور “حفلات الزفاف الكبرى”، وهي احتفالات تجمع قرى بأكملها.
وكان الركاب الذين انطلقوا من باريس أو مرسيليا، قاموا بتغيير طائرتهم في صنعاء واستقلوا طائرة قديمة. وقد تم التنديد بهذه العملية وظروف الطيران “المزعجة” للشركة من قبل جمعية أس.أو.أس فواياج كموروس. لكن الخبراء القانونيين خلصوا إلى أن الحالة الفنية للطائرة لم تكن السبب في الحادث.