الكوليرا تعود إلى حصد الأرواح في اليمن

أعلن مسؤول صحي يمني، الأربعاء، ارتفاع ضحايا وباء الكوليرا بمحافظة تعز إلى 36 حالة وفاة وأكثر من خمسة آلاف إصابة منذ مطلع العام الجاري 2024.

وعاد وباء الكوليرا للانتشار في مناطق واسعة من اليمن كأحد تداعيات الحرب المستمرة في البلد منذ نحو عشر سنوات، والتي اشتدت آثارها في الآونة الأخيرة مع تعمّق الأزمة الاقتصادية والمالية التي ألقت بظلالها على معظم سكان مناطق البلاد وأثّرت بشكل واضح على مختلف القطاعات لاسيما القطاع الصحّي، فضلا عن تهديدها الكبير للأمن الغذائي.

وقال تيسير السامعي مسؤول الإعلام في مكتب وزارة الصحة بمحافظة تعز في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، إن “عدد الوفيات جراء مرض الكوليرا في المحافظة ارتفع إلى 36 حالة، منذ مطلع العام الجاري 2024”. وأضاف أن “عدد حالات الإصابة بالكوليرا في المحافظة وصل إلى خمسة آلاف و 45 حالة منها 706 حالات مؤكدة بالفحص المخبري”.

 

وحول انتشار حمى الضنك أوضح السامعي أن”السلطات الصحية رصدت ألفا و898 حالة مند بداية العام الجاري حتى اليوم، دون تسجيل أي حالة وفاة بهذا المرض”. كما أشار المسؤول الصحي إلى أن “حالات الإصابة بمرض الحصبة في المحافظة بلغت ألفا و171 حالة تُشتبه إصابتها منها ثماني وفيات خلال الفترة ذاتها”.

ولفت السامعي إلى أن” استمرار الأمراض يأتي بسبب المعاناة الكبيرة التي يواجهها القطاع الصحي جراء تداعيات الحرب “.

وحذر من استمرار انتشار الأمراض والأوبئة جراء تواصل موسم الأمطار في البلاد، مفيدا بأن الوضع بحاجة إلى تدخل عاجل من المانحين لتوفير متطلبات القطاع الصحي الذي يواجه واحدة من أصعب المراحل جراء نقص التمويل. وسبق أن شهد اليمن منذ عام 2016 موجات انتشار عديدة للمرض ما أودى بحياة الآلاف على مدار سنوات.

ويأتي الانتشار الجديد للوباء في ظل الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمرافق الصحية جراء الحرب وبسبب الأزمة المالية، ما جعل من وصول السكان إلى حدّ أدنى من الخدمات الصحية المناسبة أمرا بالغ الصعوبة، فضلا عن ضعف الخدمات والمرافق ذات الصلة بحفظ الصحّة والوقاية من الأمراض والأوبئة من قبيل وفرة المياه النظيفة ووجود شبكات الصرف الصحّي، بالإضافة إلى مقاومة الحشرات الناقلة للعدوى مثل البعوض، والتي وفرت لها العوامل المناخية بيئة ملائمة للتكاثر والانتشار.

وقال المواطن أحمد عبدالله في تصريح سابق لوكالة لأناضول إنه أصيب مؤخرا بالكوليرا حيث تعرض لإسهال وتقيؤ مصحوبين بآلام شديدة. وذكر أنّه توجّه إلى أحد المراكز الصحية في مدينة تعز بجنوب غرب اليمن لتلقي العلاج حيث وصف له الأطباء مغذيات ومعوّض سوائل وبعض العلاجات.

لكنّ عبدالله استدرك بأنّ هناك العديد من المصابين بالكوليرا في مدينة تعز الذين لا يذهبون إلى المستشفيات نتيجة الفقر ما يؤدي إلى وفاة البعض منهم. وعزا أبرز أسباب انتشار الأمراض والأوبئة إلى الحرب قائلا “لم نعرف هذه الأمراض إلا خلال فترة الحرب التي جلبت لنا كل الأوجاع”.

ويأتي انتشار مرض الكوليرا في وقت يواجه فيه القطاع الصحي تحديات كبيرة إذ لم تعد تعمل سوى قرابة نصف المرافق الطبية جراء تداعيات الحرب، وفق تقارير أممية سابقة. ويوميا يستقبل مستشفى “الجمهوري” في تعز الواقعة تحت سلطة الحكومة المعترف بها دوليا حالات متعددة من المرضى، من بينهم مصابون بالكوليرا.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري أعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث عن قلقه العميق إزاء تفشي وباء الكوليرا الذي يتزايد بسرعة في اليمن. وقال غريفيث، ذو المعرفة الواسعة بالشأن اليمني بفعل عمله لسنوات مبعوثا أمميا إلى اليمن، في إحاطة لمجلس الأمن الدولي إنه يتم الإبلاغ عن المئات من الحالات الجديدة يوميا ليصل العدد الإجمالي إلى حوالي 40 ألفا بما في ذلك 160 حالة وفاة منذ مطلع العام الجاري.

وشدد على أنّ الأمم المتحدة وشركاءها يتخذون إجراءات عاجلة لمواجهة المشكلة، وتوقّع أن تؤدي الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى تفاقم الوضع.

وشهدت عدّة مناطق يمنية خلال الفترة الأخيرة هطول كميات كبيرة من الأمطار، وذلك بالتزامن مع دخول موسم الحرارة التي تشكّل مع الرطوبة عاملا مثاليا لانتشار الأمراض وتكاثر الحشرات الناقلة لها. وذكَّر غريفيث مجلس الأمن بأن وباء الكوليرا سبق أن أودى بحياة نحو أربعة آلاف شخص معظمهم من الأطفال خلال موجتي انتشاره في اليمن في 2016 و2021.

وبدوره أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا بأن عدد الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا في اليمن يصل إلى ألف حالة يوميا. وتوقع المكتب الأممي في تقرير له أن يرتفع العدد الإجمالي للإصابات في البلد إلى 255 ألفا بحلول شهر سبتمبر القادم.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى