اليسار الفرنسي يهدد بعزل ماكرون

صعّد اليسار الفرنسي هجومه ضد الرئيس إيمانويل ماكرون، حيث وجَّه له مذكرة تهدد بالتحرك لعزله من منصبه في حال عدم تعيينه لمرشحة اليسار لوسي كاستيس، رئيسة للحكومة.

ورأى خبراء قانونيون فرنسيون، أن تهديد حزب اليسار المتطرف “فرنسا الأبية” بعزل الرئيس إجراء غير قانوني، ولا يتماشى، بشكل كامل، مع المادة 68 من الدستور.

وقالت الخبيرة الدستورية، آن شارلين بيزينا  إن “الموقعين على المذكرة يستشهدون، بالمادة 68 من الدستور، التي تسمح للبرلمان بإقالة الرئيس بسبب “عدم قيامه بواجباته بشكل يتعارض بشكل واضح مع ممارسة ولايته، إلا أن الإجراء سيواجه العديد من العقبات”.

وأضافت بيزينا: “الخطوة الأولى، تتمثل بأن يقوم اليسار المتطرف، بإقناع مجلسي النواب والشيوخ بتشكيل محكمة عليا، ويتضمن ذلك قرارًا مقترحًا، ويجب أن يتم التصديق عليه تباعًا من قبل البرلمان، ثم يتم اعتماده من لجنة القانون، ويجب بعد ذلك القيام برحلة مماثلة في مجلس الشيوخ”.

وأشارت الخبيرة الدستورية إلى أن الخطوة الثانية، تكون بمجرد تشكيل المحكمة العليا، إذ سيكون لديها شهر واحد للحكم، بالاقتراع السري، على الفصل، ومرة أخرى بأغلبية الثلثين.

ويقول الموقعون على المقال: “من الواضح أن الاعتراف بالانتخابات التشريعية، وقرار تجاهلها، يشكلان فشلاً مستهجنًا في تلبية المتطلبات الأساسية للولاية الرئاسية”.

ولفتت بيزينا إلى أنه إذا كان باستطاعة حزب فرنسا الأبية، الذي يضم 72 نائبًا، أن يقدم نظريًا قراره المقترح بمفرده، فإن الأمر يتطلب 1/10 من أصل 577 نائبًا للقيام بذلك، وهو أمر مستحيل.

من جهته، قال الخبير الدستوري والأستاذ في جامعة باريس إيست كريتيل، بيير دو مونتاليفييه لـ “إرم نيوز” إنه من الناحية العملية، فإن هذا الإجراء خيالي، ولم يستخدم في تاريخ الجمهورية الخامسة ضد أي رئيس فرنسي، كما أنه ليس قانونيًا، ولا ينطبق عليه شروط العزل.

الانقلاب المؤسسي

وفي مقال نشر في صحيفة “لا تريبيون ديمانش”، هدد العديد من قادة حزب فرنسا الأبية (يسار متطرف) الرئيس ماكرون بالبدء في إجراءات عزله إذا لم يعيّن لوسي كاستيس رئيسة للوزراء، إذ يدين الحزب رفض الرئيس الأخذ بنتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في يوليو/تموز.

وكتب الموقعون المشاركون في المقال، بما في ذلك زعيم حزب فرنسا الأبية (يسار متطرف) جان لوك ميلانشون، ومنسق الحزب مانويل بومبارد، ورئيسة كتلة حزب فرنسا الأبية في البرلمان، ماتيلد بانوت: “إننا نطلق هذا المقال كتحذير رسمي”.

ويقول الموقعون على المقال: “يجب على ماكرون أن يعلم بأنه سيتم استخدام كل الوسائل الدستورية لإقالته بدلاً من إخضاعنا لتحركه السيئ ضد القاعدة الأساسية للديمقراطية، في فرنسا، السيد الوحيد هو التصويت الشعبي.. إنه انقلاب مؤسسي ضد الديمقراطية”.

وبينما يتعيّن على ماكرون استشارة القوى السياسية، يوم الجمعة المقبل، بهدف تشكيل الحكومة، بعد مرور شهر ونصف تقريبًا على الانتخابات، حذَّر اليسار المتطرف، ماكرون من تجاهل اليسار.

وقال اليسار المتطرف إن “ماكرون على وشك تعيين رئيس للحكومة دون مراعاة النتيجة السياسية لهذه الانتخابات التشريعية، التي وضعت اليسار الموحد داخل الجبهة الشعبية الجديدة (193 نائبًا) في المقدمة، لكن بعيدًا عن الأغلبية المطلقة (289 نائبًا)”.

وفي 23 يوليو/تموز، استبعد ماكرون إمكانية تعيين ممثلة ائتلاف اليسار لوسي كاستيتس في منصب رئاسة الوزراء، بحجة أنها لن تنجح في جمع قاعدة كافية في البرلمان للحكم. 

ومنذ ذلك الحين، تم تداول أسماء مثل اليميني رئيس إقليم “أوت دو فرانس”، والوزير السابق زافييه برتراند، وكذلك رئيس الوزراء الاشتراكي السابق برنار كازينوف.

غضب اليسار 

في المقابل، وصف السياسيون الفرنسيون، المقال الذي يهدد بعزل ماكرون، بأنه فوضوي، وغير عملي، إذ وصفه وزير الداخلية الفرنسي المستقيل جيرالد دارمانان بـ”الفوضى”.

كما نأى رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور بنفسه عن هذا الاقتراح، وقال: “هذا المقال موقّع فقط من قبل قادة حزب فرنسا الأبية، إنه ينطوي فقط على حزبهم. 

 كما تنصلت رئيسة حزب المدافعين عن البيئة مارين تونديلييه، من المقال، في مقابلة أجرتها صحيفة “لا تريبيون” وقالت: “لا أجرؤ على تصور أن ماكرون لن يعيّن لوسي كاستيتس، على أية حال، فإن طاقتي وطاقة المدافعين عن البيئة تُستخدم في المقام الأول لضمان تحقيق ذلك.

بدوره، قال رشيد تيمال، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الاشتراكي والمتحدث باسم المجموعة في مجلس الشيوخ، إن “تعيين هذا الشخص أو ذاك في منصب رئاسة الوزراء لا يندرج تحت المادة 68، مؤكدًا أنه يعارض هذا النهج الذي “لا يعد قانونيًا ولا سياسيًا كما رآه بلا فائدة”.

ويتفق معه جيروم جيدج، نائب الحزب الاشتراكي الذي ترشح للانتخابات التشريعية العام 2024، دون راية الجبهة الشعبية الجديدة لليسار، قائلاً: “نهج انفرادي، محكوم عليه بالفشل عمدًا وليس له مصداقية كبيرة”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى