مع حرص كثير من الناس على تناول منتجات الألبان، مثل الحليب أو الجبن أو الزبادي بصورة يومية، تشير بعض الدراسات إلى أن جسم الإنسان ربما يحتاج إلى كمية أقل من تلك المنتجات وذلك حتى يصبح استهلاكها مفيدا، بحسب ما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.
وربطت بعض الدراسات بين الأنظمة الغذائية الغنية بالألبان، وبين زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أنواع السرطان، وأشارت إلى أن بعض المنتجات المرتبطة بالألبان مثل الآيس كريم والجبن كامل الدسم، تحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية والدهون المشبعة.
وتلفت الصحيفة إلى أن بعض الخبراء يشيرون إلى أن كوبا واحدا من الزبادي، أو ما مقداره 1.5 وقية من الجبن يوميا (حوالي 43 غراما)، يعد أمرا جيدا، وينصحون بعدم الإفراط في تناول منتجات الألبان.
ويوضح خبراء التغذية أن تناول منتجات الألبان مفيد للحصول على الكالسيوم، الذي يساعد على بناء العظام والحفاظ عليها، كما أنه يعد عنصرا مهما بشكل خاص للأطفال والنساء فوق سن 50 عاما.
ومن باب النصح بعدم الإفراط في تناول منتجات الألبان، يرشد الأطباء والمختصون إلى أنه يمكن الحصول على الكالسيوم من مصادر أخرى، بدلا على التركيز على مصدر واحد.
ويؤكد أستاذ علم التغذية في جامعة هارفارد الأميركية، والتر ويليت، أن تناول منتجات الألبان باعتبارها بديلا للفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، أمر غير حكيم. ويشير في المقابل إلى أن تناولها بديلا للحوم المصنعة والصودا، من المحتمل أن يكون مفيدًا.
ومع ذلك، يؤكد مختصون وجود أدلة على أن اتباع نظام غذائي غني بالألبان قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون.
وبرأي أستاذة التغذئة في مركز إم دي أندرسون للسرطان، كاري دانيال، فمن الراجح أن الكالسيوم وفيتامين (د) يمنعان نمو الخلايا السرطانية في القولون.
وأشارت دانيال إلى أن بعض الأحماض الدهنية الموجودة في منتجات الألبان قد يكون لها تأثير مضاد للالتهابات، مما قد يقلل من خطر الإصابة بالسرطان.
وعلى النقيض من ذلك، ربطت دانيال استهلاك الألبان بزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، لافتة إلى أن منتجات الألبان قد تزيد من مستوى عامل النمو الشبيه بالأنسولين، وهو الهرمون الذي قد يغذي نمو سرطان البروستاتا.
بعد إقرار هيئة الغذاء والدواء الأميركية قبولها بـ”إدعاءات صحية مؤهلة” بشأن إمكانية تقليل تناول لبن الزبادي من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، فإن بعض الخبراء يتحدثون عن وجود محاذير حول هذه التوصية ومخاوف من التعامل معها “كوصفة سحرية”.
وتنصح المملكة المتحدة، على سبيل المثال، بأن يتناول البالغون 700 ملليغرام من الكالسيوم يوميا. بينما توصي الولايات المتحدة بتناول 1000 ملليغرام يوميا للنساء بعمر 50 عاما أو أقل، والرجال بعمر 70 عاما أو أقل.
ويختلف الباحثون والعلماء بخصوص أيهما أفضل: منتجات الألبان كاملة الدسم أم قليلة الدسم، أم خالية الدسم.
وتوصي جمعية القلب الأميركية بتناول منتجات الألبان قليلة الدسم، إذ تحتوي منتجات الألبان كاملة الدسم على نسبة أعلى من الدهون المشبعة، مما يرفع نسبة الكوليسترول، وهو عامل خطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
بدورها، تحذر دانيال من أن العديد من منتجات الألبان الخالية من الدهون وقليلة الدسم تحتوي على سكريات ومواد أخرى مضافة، مما يجب الانتباه إليه.
وتشير دراسات حديثة إلى أن الزبادي قد يكون الخيار الأكثر صحة بين منتجات الألبان، إذ يحتوي على البروبيوتيك، وهي بكتيريا يمكنها تحسين صحة ميكروبيوم الأمعاء، كما أن البروبيوتيك يساعد على إنقاص الوزن والتحكم في نسبة السكر بالدم.
وكانت إدارة الغذاء والدواء الأميركية أعلنت مؤخرا أنها “لن تعترض” على وضع “ادعاءات صحية مؤهلة” على ملصقات منتجات غذائية، بشأن إمكانية أن يقلل تناول لبن الزبادي من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، “طالما تمت صياغتها بطرق لا تضلل المستهلكين”.
ومع ذلك تسود مخاوف لدى بعض الخبراء من أن التوصية الجديدة قد تجعل المستهلكين “يعتقدون خطأً بأن الزبادي هو الحل السحري لمرض السكري من النوع الثاني”، بحسب موقع “هيلث” الطبي.
ووجدت مراجعة أجريت عام 2022 في مجلة “علوم الألبان”، أن معظم الدراسات الأترابية (cohort studies)، كشفت أن منتجات الألبان المتخمرة “لها آثار وقائية بمواجهة تطور مرض السكري”.
ومن بين الأطعمة التي تحمي من المرض، كان الزبادي هو الأكثر ثباتًا.
وخلصت دراسة أجريت عام 2017، نشرت في مجلة التغذية، إلى أنه في سياق نظام غذائي صحي أوسع “يمكن أن يقلل الزبادي من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني لدى البالغين الأصحاء، وكبار السن الذين يعانون من مخاطر عالية على القلب والأوعية الدموية”.