لا تعتبر زراعة الزعفران، جديدة في سوريا، فمنطقة “جوسيّة الخراب” بحمص، اشتُهرت بإنتاج نوعية فاخرة من هذا النبات الثمين، لكن زراعته تضررت خلال الحرب، واليوم تعود لتتصدّر اهتمامات الفلاحين.
ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من الزعفران، حسب مواقع التسوق العالمية، إلى 1550 دولاراً، ما يجعل جدواه الاقتصادية مربحة جداً، وقد شجعت زراعته الهيئة العامة للبحوث الزراعية، من خلال توزيع “الكورمات” على الفلاحين.
وتؤكد هيئة البحوث الزراعية السورية، أن المناخ والتربة السورية، مناسبين لزراعة الزعفران، وقد أعطى الزعفران أفضل النتائج بأقل التكاليف، وهو ما دفع الفلاحين لتخصيص مساحات من الأراضي لهذه النبتة المطلوبة عالمياً.
الذهب الأحمر.. حلم الثروة!
ونتيجة الوضع الاقتصادي الصعب، لجأ الفلاحون في سوريا، إلى زراعة الزعفران، وسواه من النباتات النادرة مرتفعة الثمن، في معظم المناطق، إما بمبادرات فردية، أو بالتعاون مع مديريات وزارة الزراعة.
ويقول الفلاح أبو صلاح، لـ”إرم نيوز”: “الزعفران هو الذهب الأحمر، فإذا تمكنا من إنتاج 5 كيلوغرامات منه في العام، نؤمن تكاليف معيشة الأسرة لسنة كاملة”.
وتبدأ زراعة الزعفران على مرحلتين، الأولى في شهر ديسمبر، والثانية آخر أكتوبر، وتحتاج النبتة إلى تربة مفككة عميقة سهلة الصرف وغنية بالمادة العضوية ونسبة رطوبة معينة، إضافة إلى استخدام الأسمدة والمبيدات بعناية فائقة، نظراً لحساسية الزعفران وسرعة تأثره.
ولم يقتصر انتشار الزعفران على الأراضي الزراعية، فقد عمد البعض لزراعته في حديقة المنزل، أو على الشرفات، أملاً في الحصول على غرامات قليلة من هذا النبات الشهي المعالج للأمراض.
ويقول المزارع غريض، لـ”إرم نيوز”: “زراعة دونم بالزعفران ليست مسألة سهلة، لكن إن نجحت، فهي تفتح باب الحظ والثروة لصاحبها، ولهذا نرى كل الناس اليوم مشغولين بزراعة الزعفران”.
ويفكر أبو صلاح بزراعة عدة دونمات من الزعفران في ديسمبر المقبل، فكلما ارتفعت كمية الإنتاج، اقترب أكثر من قائمة الأثرياء. ويضيف: “لم أوفق العام الماضي بموسم جيد، بسبب أخطاء سأتلافاها هذا الموسم”.
الزهرة الصعبة!
وتقول المهندسة الزراعية، الدكتورة ريجينا ملوك، لـ”إرم نيوز”: “الزعفران عدة أنواع، منها: سرجول، ونقيل، وأبو شيبة، وأبو شال، وجميعها مرتفعة الثمن، وذات فوائد كثيرة لجسم الإنسان. فهو يستعمل في علاج الربو والاكتئاب واضطرابات النوم ومرض الزهايمر وله فوائد للقلب والشرايين”.
وتضيف ملوك: “أظهرت الأبحاث أن مادة السافرانال تفيد في الوقاية من السرطانات.. وقد انتشرت زراعته كثيراً في سورية، بعد نجاح التجربة في منطقة جوسية بحمص”.
ولا يبدو الحصول على كمية وفيرة من الزعفران أو الذهب الأحمر، أمراً سهلاً، فهيئة البحوث الزراعية تقول، إن كل دونم من الأرض “1000م2″، تعطي 100 غرام من الزعفران، أي أن كل كيلو، يتطلب زراعة عشرة دونمات”.
ومن العوائق التي تقف أمام توسّع زراعة الزعفران، عدم توفر المياه الكافية في جميع المناطق، فالزعفران يحتاج كميات ماء كبيرة تبقي تربته رطبة.
وتضيف الدكتورة ملوك: “يتطلب الوصول لإنتاج كبير من الزعفران، إلى جهود مؤسساتية، توفر الكورمات، وتزود الفلاحين بتعليمات الزراعة بشكل علمي، لأن الزعفران نبات حساس للظروف الجوية والجفاف الطويل أو الصقيع”.
مشهد الفلاحين وهم يحاولون زراعة الزعفران في مدن الساحل والمنطقة الوسطى والجنوبية، يبشر بعصر ذهبي قد تشهده هذه الزراعة خلال السنوات القادمة.. الجميع يحلم بالثروة وقبر الفقر.. والأمل هو الزعفران!.
متابعات