ما هي “نظرية الدومينو” التي أرعبت أوروبا بعد صعود اليمين المتطرف؟

انقسم محللون سياسيون فرنسيون، على اعتبار انتشار صعود اليمين المتطرف إلى الحكم في أوروبا بمثابة نظرية الدومينو” مع صعود هذا التيار بانتخابات البرلمان الأوروبي، وكذلك هيمنته على نوايا التصويت بالانتخابات التشريعية في فرنسا المقررة الأحد المقبل الجولة الأولى.

وتشير نظرية الدومينو إلى الانتشار والتأثر، وهي نظرية جيوسياسية ظهرت في الولايات المتحدة تفترض أنه إذا وقعت دولة واحدة في منطقة ما تحت تأثير الشيوعية مثلًا، فإن الدول المجاورة ستقع مثلها وفقًا لتأثير الدومينو.

الباحث السياسي الفرنسي وأستاذ العلوم السياسية في معهد جنيف لبحوث السلام، جيل إيمانويل جاكيه، رأى أن نظرية الدومينو لا تنطبق فعليًّا أو على الأقل في هذه الحالة، موضحًا أنه ينبغي اعتبار أن نتائج الانتخابات في بلد ما ستؤثر على الانتخابات في بلدان أخرى.

وأوضح جاكيه أنه لا يمكن تفسير صعود الأحزاب القومية أو الشعبوية، فضلاً عن نجاحها الانتخابي، بظاهرة التقليد أو العدوى، بل بعوامل إشكالية مشتركة بين العديد من البلدان الأوروبية، مثل انفجار الدين العام الذي أدى إلى تقليص الخدمات الحكومية والاجتماعية.

كما أشار إلى منح المليارات من المساعدات العسكرية والمساعدات المالية لأوكرانيا التي لا تزال بعيدة عن النصر، وإلى الوعود الانتخابية التي لم تلتزم بها الأحزاب التي تحكم؛ إلى جانب الأزمة الاجتماعية والاقتصادية مثل البطالة، كعوامل مشركة بين بلدان أوروبية عدة.

بدوره، قال الباحث السياسي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والإستراتيجية هشام لهميسي لـ”إرم نيوز” إن الانحدار الاجتماعي للطبقات المتوسطة، وإفقار الطبقات العاملة في أوروبا، نتيجة للعولمة، من أسباب تعزيز الشعور بانعدام الأمن الثقافي بين قطاعات ضخمة من السكان.

وأضاف أنه “على هذا الأساس، سارعت حركات الهوية القومية إلى اكتساب النفوذ والسيطرة على النقاش العام، مستفيدة أيضًا من حالة تسارع ظاهرة الهجرة، كنتيجة مباشرة لحروب التدمير التي شنَّها الغرب في الشرق الأوسط وأفريقيا.

ولفت إلى أن هذه العوامل هي التي أثرت على المجتمع الفرنسي في انتخابات البرلمان الأوروبي، وكذلك في استطلاعات الرأي لنوايا التصويت للانتخابات التشريعية المقبلة.

لكن صحيفة “لوتون” السويسرية، عدّت بعد فوز اليمين المتطرف في إيطاليا وفنلندا والسويد، أن تأثير الدومينو يتنشر في أوروبا، محذرة من أن الموجة العارمة التي حققتها الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية في أوروبا يمكن أن تنتشر، بعدما سادت في إيطاليا وفنلندا والسويد.

وأشارت الصحيفة إلى هولندا، التي جاء فيها حزب “خيرت فيلدرز” المعادي للإسلام في المركز الأول بالانتخابات، بعدما حصل في نوفمبر/ نشرين الثاني على 37 مقعدًا من أصل 150 مقعدًا في مجلس النواب.

في المقابل، قالت الصحيفة الناطقة بالفرنسية، إن نتيجة الانتخابات الرئاسية في النمسا أبطلت نظرية الدومينو الجديدة، لكن من ناحية أخرى، فإن نتيجة الانتخابات في إيطاليا أعادت خلط الأوراق، لافتة إلى أن الخطوة المقبلة ستكون في فرنسا.

وقالت صحيفة “سليت” الفرنسية، من جهتها، إن ما يحدث في أوروبا، بلا هوادة، يعيد القارة إلى نظرية الدومينو؛ لأنه إذا كانت حركة (5 نجوم) في إيطاليا لا تنتمي بشكل واضح إلى اليمين المتطرف (ولكنها تظل نتاج محو اليسار)، فهي من خلال أسلوبها في الواقع شكل من أشكال الشعبوية.

صحيفة “ليمانيتيه” الفرنسية، بدورها، أكدت أنه منذ انتصار الشعبويين في بريطانيا ثم في الولايات المتحدة، ظهرت نظرية جديدة مفادها أن ثورة الشعب هذه تنتصر الآن على القارة القديمة. فيما بقى التساؤل: هل ستكون أوروبا قريبًا الضحية التالية لهذه الموجة الشعبوية الكبرى.

وحذرت محطة “بي.إف.إم” التلفزيونية الفرنسية، من أن الاتحاد الأوروبي في خطر حال هيمنة اليمين المتطرف بشكل فعلي على الدول الأوروبية، لافتة إلى المصطلح الذي طرحته زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان، عندما قالت: ” سننشئ اتحاد الأمم الأوروبية”، وهو كيان مواز في وجهة نظرها للاتحاد الأوروبي مع احتفاظ كل شعب أوروبي بهويته.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى