ديمة قندلفت تكشف خبايا لم تُروَ عن “بدور” و”العربجي”

لا شكّ في أن الفنّانة ديمة قندلفت رسّخت مكانتها كواحدة من النجمات الأوائل جماهيرياً على مستوى العالم العربي، وتحديداً في السنوات الثلاث الأخيرة، وباستعراض ما حقّقه مسلسلاها الأخيران” ستيليتو” و”العربجي” بجزأيه، من رواج فني واستحسان نقدي مع اختلاف النوع الدرامي بينهما، فقد أنجزت دورين نوعيين بجدارة وبأسلوب أداء متمكن يصعب تخطيه، إذ يظهر التمعّن في شخصية “الداية بدور” تسخير قندلفت لأداء هذه الشخصية جلّ ما يمتلكه الممثل من موهبة وخبرة وأدوات في تجربة خاصة تتحدث عن تفاصيلها منذ تلقيها نصّ العمل وصولاً إلى تشكيل الدور بحرفة بارعة: “أحببت الشخصية على الورق، لا سيما أنها تتناول الداية التي لطالما نُمّطت في معظم أعمال البيئة الشامية، وأعتقد أنني استطعت مع المخرج والشركاء كسر هذه النمطية في مسلسلنا المتمتع بزمان ومكان افتراضيين خاصين به”.

وتضيف شارحةً عملية نسج الشخصية طبقةً فوق أخرى: “بالإضافة إلى المعطيات النفسية والسمات الخاصة بالشخصية والاشتغال عليها بدقة وعمق وعناية انطلاقاً من النص وتوجيهات المخرج، فقد كانت الملابس والأكسسوار والمكياج والإطلالة، جزءاً أساسياً من تكوين الشخصية، فانطلقت من مهنة «بدور» التي تفترض عقلية تفكير معينة ترتبط بالذكاء وسرعة البديهة والتصرف في المواقف الحرجة، وبعد ذلك بدأت بتكوين التفاصيل الخاصة بها التي تخدمها درامياً، على غرار الحقيبة الأشبه بالخرج بحكم عملها ولزومه حاجياته، ثم أضفت السكر النبات بوحي من عمل والدي كطبيب، الذي دائماً ما يقدّم الحلوى لمرضاه، وأتبعتها بعبارة صاحبة المعنى المختلف وفق الموقف “حلّي تمك”.

وتتابع: “بدور أيضاً صاحبة قلب قوي بحكم مهنتها واضطرارها للخروج في أوقات متأخرة مثلاً، فكان لا بد أن أخطّ لها طريقة مشي تجمع بين الأنوثة و«الجدعنة»، ثم أضفت المسواك المستخدم للمرّة الأولى من قبل امرأة في الدراما على ما أظن، فهي نوعاً ما وحيدة تحتاج إلى رفيق دائم، وهي غامضة وشديدة الكتمان، فأعطيتها الإضافة الأخيرة والقدرة وعلى إظهار إضمارها دائماً لشيء تدبّره، وبالطبع فقد قمت بتوظيف هذا التفصيل في ردود الأفعال المختلفة”.

وأما عن كحل العينين الذي حظي بنصيبه الواسع من الحضور لتميّزه وفرادته، فتوضح قندلفت: “فكرت بمكياج غرائبي للشخصية، من حقبة بلا مدلول زمني، وتبتعد عن أي تاريخ قديم أو معاصر”.

وتشير في حديثها إلى انتقادات لم تغفلها حول عدم تغيّر شكل الكحل طوال العمل، ولا سيما في مواقف البكاء أو الخطف قائلةً: “أحترم النقد، ولكن أؤكد أن هذا الأمر لم يفتنا وناقشناه قبل تنفيذ المشاهد، ولفهمه جيداً يجب الركون إلى نوع العمل الدرامي الذي ينتمي لدراما “الفانتازيا” كمرجعية، وشروطه التي حدّدها لشخصياته، فهو شرط فنّي خاص لا مرجعية تاريخية له، وهذا يسمح لنا ببعض الإبحار في شكل مختلف وجديد وأكثر جاذبية، ولطالما كانت هذه «الشطحات« الفنية حاضرة في الأعمال التاريخية الفانتازية في كل المسلسلات المشابهة عربياً وعالمياً”.

ولا تغفل عن الرومنسية في “بدور”، الصفة التي شكّلت “العربجي” أكثر مما يعرف الجمهور حتى الآن، والتي لم تكن مقرّرة فيه: “بدور ليست شريرة بالأصل ولا عديمة الأخلاق، بل تحب عائلتها وتخلص لها، لذا شاهدنا حين تمّ ريّ بذرة الرومنسية الموجودة فيها أصلاً، تغلّب الحبّ على ما سواه من جشع وطموح”، منوّهة بمعرفتها الشديدة بالشخصية منذ بداية الجزء الأول حين كتبت “أنا بدور الداية حلمي جاه وعزّ ونسب، لما القلب يدق بيطلع مني كلمة حق”، وذلك قبل الجزء الثاني الذي شهد تكليل الحب مع “عبدو العربجي”، بعد أن رسّخ هذه الفكرة المخرج سيف السبيعي في المشهد الأخير من الجزء الأول، بتصريح محسوس لا بكلام مكتوب أو منطوق، ليشرع الباب أمام ريّ البذرة في الجزء الثاني.

“فلك معوّض” و”الدراما المعرّبة” والكوميديا!

ترفض قندلفت تفضيل شخصيتها في “ستيليتو” على نظيرتها في “العربجي”، مضيفةً: “مستحيل أن أختار بينهما، أحببت الشخصيتين جداً، واشتغلت عليهما بطريقة مختلفة عن الشخصيات السابقة، لأن النوع مختلف فالنوع هو الذي حدّد طريقة جديدة في التعاطي مع الشخصية”.

ويفرض الحديث عن النوع الجديد السؤال عن تحقيق المسلسل الرواج الأعلى في صنفه، فتجيب: “قد يكون جاء مبكراً ضمن هذه الفئة، ولأنه مختلف، إذ يروي قصصاً متشابكة لنساء ورجال وزواج وصداقة وجوانب أخرى، فيستعرض مشاكل كثيرة يتفرّع منها العديد من الأحداث. قالب مختلف ونصّ جميل، حتى النسخة التركية (جرائم صغيرة) كانت مميّزة جداً”.

وتُبدي رأيها بما اشتهر اصطلاحاً بـ”الدراما المعرّبة” كموجة في الدراما تلت سابقاتها في الفانتازيا والتاريخ والمدبلج والكوميديا والمقتبس مضيفةً: “قد تتساءل شريحة من الجمهور إذا ما انتهت قصصنا ومواضيعنا المحلية حتى نأتي بالتركية، ولكنه نوع ناجح جداً على مستوى المنطقة، وله جمهوره العريض ومشاهداته المليونية، لذا فإن الحكم على هذا النوع من المسلسلات ينبغي أن يكون ضمن الإطار النقدي لهذا النوع المطروح دون سواه، إذ لا يمكننا تقييم مسلسل تاريخي من خلال آخر معاصر، أو مسلسل مسلٍّ – وهذا هام – بمسلسل هادف ويحمل قضايا كبيرة بالمعنى الفكري”.

وتشير قندلفت إلى أنها لا تفضّل نوعاً معيناً من الدراما، لكن الأمر يعتمد على المزاج الحالي، إذ تشعر الآن بميل إلى الكوميديا على المدى القريب، وأعمال السيرة الذاتية والتاريخية على المدى الأبعد.

ديمة قندلفت المتمرّدة، أبعد من الكاميرا 

أبعد من المسلسلات والشخصيات، بالحديث مع “شيطانة التمثيل” خلف شخصيتها، والإنسانة التي يعرف محيطها جيداً كم ساد التمرّد حياتها، تقول: “ما زلت متمرّدة لكن بنضج وشكل مختلف، ففي البدايات يكون الاندفاع أكبر، ولكن مرور السنوات يصقل الوعي، ما يضيف زوايا جديدة ومختلفة للرؤية، أنا لم أتغيّر، وأعتقد أن التمرّد سيبقى في شخصيتي عموماً، لكن مفهوم ودوافع هذا التمرد اختلفت وأصبحت أكثر انضباطاً وموضوعية، فالتمرد من دون جدوى لا قيمة حقيقة له”.

ولعل هذا التمرّد يبرز أكثر في خياراتها المهنية المفترضة لو لم تكن ممثلة، إذ تفضّل أن تكون مغنّية تستخدم صوتها بحرية، أو راقصة فضاؤها التعبير، أو طبيبة بطلة مواقف، أو سبّاحة تلجأ إلى عالمها الخاص، ولكن ما لا تتخيّل أن تكونه هو أي مهنة تحصرها في مكان.

ويرافق هذا التمرّد خجل ترفض التعبير عنه عادةً، إذ تعبّر عن استحيائها العارم من محبّة الناس، ولا سيما المتواصلين معها على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى درجة شعورها بالذنب: “أعرف كيف أبادر بالأفعال الجميلة لكنني أرتبك حين أتلقاها، وتقصيري تجاه المتابعين الذين يغمرونني بحبهم، إذا وقع، فهو خجل ليس إلا، وليس عدم اهتمام أبداً…”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى