اشتم كثيرون رائحة ثورة في مهرجان كان السينمائي، وخاصةً يوم الأربعاء الماضي في حفل افتتاح قسم “نظرة ما” الذي بدأ هذا العام مع عرض الفيلم القصير “أنا أيضاً” لجوديث جودريش.
المخرجة الفرنسية باتت حاضرة إعلامياً بقوة منذ إطلاق مسلسلها “أيقونة السينما الفرنسية” على قناة آرتيه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والكشف الذي أعقب ذلك عن الاعتداء الجنسي الذي زُعم أنها كانت ضحيته على يد المخرجين بينوا جاكوت وجاك دويون خلال شبابها.
جودريش هي الآن فنانة تعمل في خدمة الصالح العام، وحرية التعبير والاستماع لأولئك الذين عانوا من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وباتت خطاباتها حدثاً، سواء خلال حفل أو في المؤسسات السياسية، حيث تقوم بحملة خاصة لصالح إنشاء لجنة تحقيق في العنف الجنسي في السينما، والتي وافقت عليها الجمعية الوطنية أخيراً في 2 مايو؛ مما أثار عاطفة قوية في الممثلة والمخرج.
يتتبع فيلم “أنا أيضاً” ما يقرب من 5000 شهادة تلقتها جودريش بعد أن تحدثت علنًا عن الانتهاكات التي تعرضت لها، وتم تصويره في يوم واحد صادف 23 مارس في أحد شوارع باريس الرئيسة، ومدته 18 دقيقة، وقد جمع آلاف الأشخاص المجهولين الذين أرسلوا للمخرجة قصتهم عبر البريد الإلكتروني ووافقوا على الانضمام إلى مبادرتها الفنية.
تلعب “تيس بارتيليمي” ابنة جوديث غودريش، الدور الرئيس في الفيلم وتجسد شخصية امرأة شابة ترتدي ثوبًا أبيض تتجول وترقص بين هذه الوجوه المجهولة والمرتبطة جميعها بخيط مشترك واحد هو العنف الجنسي الذي تعرضت له، ليكونوا جميعهم ضحايا من الصعب الحديث عنهم وتعويضهم، بينما يبث تعليق صوتي يمزج بين شهادات مختلفة.
واللافت أن جودريش أعادت مع فريقها الرقص على السجادة الحمراء في مهرجان كان والمميز بإخفاء الأفواه بالأيدي، كما لو أنه إشارة إلى الصمت المستمر في النقاش العام، وينتهي الفيلم بمسيرة طويلة تسمح لك بتمييز نظرات جميع الأشخاص الذين شاركوا في الفيلم، وكأنه طريقة لوضع حد لاختفاء ضحايا العنف الجنسي والجنسي.
تم الترحيب بفيلم “أنا أيضًا” كـهدية من قبل المندوب العام لمهرجان كان السينمائي “تييري فريمو” الذي قال: “إن التزامك ومعركتك هما التزامنا ومعركتنا”، كما حظي الشريط القصير بترحيب قوي في قاعة ديبوسي حيث تم عرضه وسط تصفيق حاد من الضيوف والصحفيين الحاضرين، وعُرض الفيلم أيضاً في سينما الشاطئ حيث يتم تقديم عروض مجانية لعامة الناس كل مساء.
بعد هذا العرض والضجة الكبيرة التي أحدثها، قررت مؤسسة التلفزيونات الفرنسية بثه قريبًا على قنواتها، ومن جهتها أعربت الرابطة الفرنسية لدور السينما الفنية عن رغبتها في بثه عبر شبكتها المكونة من 1200 دار سينما في فرنسا.
متابعات