اعتادت هتان السيف على السجال مع الرجال، نادراً ما تخجل من مواجهة خصوم أثقل وأقوى، فهي تعرف كيف يكون الأمر عندما تمتص الضربة تلو الأخرى حتى تذرف الدموع من عينيها، ووجهها أحمر وساخن من البكاء.
باعتبارها واحدة من النساء القلائل في صالة الألعاب الرياضية الخاصة بها في العاصمة السعودية، الرياض، والمرأة الوحيدة التي تأمل في القتال على مستوى النخبة، لم يكن أمام هتان السيف خيار سوى التدرب مع وضدّ نظرائها الذكور عندما بدأت فنون الدفاع عن النفس لأول مرة.
قالت هتان السيف لـ CNN Sport: “كنتُ الفتاة الوحيدة التي تفعل ذلك ليلاً ونهاراً، ليلاً ونهاراً، أنا دائماً أتشاجر مع اللاعبين، وأتدرب معهم، وأنا دائماً معهم في صالة الألعاب الرياضية”، مضيفة: “الأمر ليس بالسهل، لذلك عندما يتعلق الأمر بالقفص، عندما أتلقى ضربة من فتاة، أشعر بأنني، حقا! هل هذا كل ما لديك؟”
وقد صنعت اللاعبة البالغة من العمر 22 عاماً التاريخ بالفعل في رياضة الفنون القتالية المختلطة، حتى قبل نزالها مع المصرية، ندى فهيم، الجمعة الماضي، والتي فازت بها في دوري المقاتلين المحترفين.
وفي يناير/ كانون الثاني، وقعت هتان السيف عقداً مع رابطة المقاتلين المحترفين (PFL)، مما يجعلها أول امرأة سعودية تنضم إلى ترويج عالمي لفنون القتال المختلطة.
لقد كانت لحظة بارزة في بلد معروف بمواقفه المحافظة اجتماعياً، إذ كانت الفرص الرياضية تاريخياً محدودة بالنسبة للنساء، ولم يلعب فريق كرة القدم النسائي السعودي مباراته الأولى إلا قبل عامين، في حين لم يتم تأسيس الدوري المحلي للسيدات بكرة القدم حتى عام 2020.
تدرك هتان السيف تماماً مكانتها كرائدة لمقاتلات “MMA” في السعودية، وتأخذ هذه المسؤولية على محمل الجد.
وقالت هتان: “إنه أمر كبير، بصراحة، لأنني سأحمل هذا الشيء طوال حياتي، إن حمله ثقيل بعض الشيء، لكنني متحمسة وفخورة لكوني الشخص الذي يفعل ذلك”.
عانت هتان السيف من تربية صعبة، وتيتمت في سن العاشرة بعد وفاة والديها في فترة قصيرة من الزمن، وتقول إنها عانت من الاكتئاب خلال سنوات مراهقتها قبل أن تجد عزاءها في فنون الدفاع عن النفس، مما ساعدها على اكتشاف الشعور بالهدف والسلام.
وأردفت السيف: “لم أعش طفولة عادية أو طفولة سهلة بسبب فقدان والدي، ولكن بعد الله، ساعدتني الفنون القتالية كثيراً، كثيراً جداً لقد غيّرت حياتي 100% للأفضل.. لهذا السبب أنا مدمنة على الفنون القتالية، لا أريد التوقف عن فعل ذلك لأنه الشيء الذي يجعلني أشعر أنني على قيد الحياة، أشعر أنني على قيد الحياة عندما أتدرب، وعندما أقاتل، في صالة الألعاب الرياضية، أستطيع أن أشعر بروحي حية”.
وتابعت بالقول: “عندما أتنفس بعد الجولات، عندما أشعر بالمرض، عندما أشعر بالتعب، عندما أشعر بالشجاعة، عندما أشعر بالخوف، تلك اللحظات، كل جزء من ذلك، يجعلني أشعر أنني على قيد الحياة، إنه شيء يعني الكثير بالنسبة لي”.
أثناء نشأتها، كانت هتان السيف تحب دائماً الرياضات المتطرفة التي تغذيها الأدرينالين، وقد أخذها فضولها لتجربة شيء جديد إلى صالة الألعاب الرياضية للملاكمة في حيها المحلي.
وأثار ذلك اهتمامها، لكنها سرعان ما وجدت أن صف الملاكمة الذي كانت تحضره يفتقر إلى الدقة والاحترافية، بعد ذلك، بعد مشاهدة مقاطع فيديو لمقاتل الفنون القتالية المختلطة، السعودي عبد الله القحطاني، على منصات التواصل الاجتماعي، تبادل الثنائي الرسائل ودُعيت هتان السيف لتجربة هذه الرياضة بنفسها.
قالت هتان السيف: “بدأتُ أنظر إلى الرجال، وكانوا يضربون الأكياس بالركلات والمرفقين والركبتين، كنتُ أقول، لديهم أسلحة أكثر مما لدي، ليس لدي سوى يدي في الملاكمة، شعرت بغيرة شديدة حينها”.
السيف (يمين) تنافس في رياضة المواي تاي قبل الفنون القتالية المختلطةCredit: Professional Fighters League
بدأت هتان السيف المنافسة في رياضة المواي تاي، وهي رياضة قتالية وقوفية وضربية نشأت في تايلاند، واستمرت في الفوز بألقاب في الألعاب القتالية العالمية والألعاب السعودية والبطولة العالمية للاتحاد الدولي لجمعيات المواي تاي (IFMA) تحت إشراف مدربها فراس سعدة.
وكان لفراس سعدة، مدرب المنتخب السعودي للمواي تاي، دور محوري في نجاح هتان السيف، رغم أن تأثيره يمتد إلى ما هو أبعد من المجال الرياضي.
قالت هتان السيف: “طوال هذه السنوات، لم أشعر أبداً بما يعنيه (أن يكون لديك) أب على الإطلاق، وكان عطية من الله، لقد فعل كل شيء معي، لقد ساعدني في كل موقف، في صالة الألعاب الرياضية أو خارجها.. لقد كان مثل العائلة، لقد كان دائماً يخبر أي شخص آخر أن هتان ليست مجرد تلميذة لي، بل هتان هي أحد أطفالي، أود أن أجعله سعيداً للغاية وأمثله بأفضل طريقة ممكنة”.
لم تتخيل هتان السيف أبداً أن تصبح رائدة فنون القتال المختلطة عندما خطت خطواتها الأولى في صالة الألعاب الرياضية القتالية، لكنها الآن تقول إنها تريد ترك إرث في هذه الرياضة.
إنها تفعل ذلك بين الجولات في صالة الألعاب الرياضية، إذ تمسح أي دموع من عينيها وتذكر نفسها بالجهد والطاقة التي كرستها حتى الآن لتحقيق هدفها.
ولفتت السيف قائلة: “أبدأ بالنظر إلى نفسي في المرآة وأقول: لقد قتلت نفسك؛ لقد بكيت، لقد ضحيت بكل شيء، أنت قوية حقاً، أنت قدوتك نفسك، وهذا يمنحني الكثير من التحفيز”.