لا يمكن فصل الحركة النسوية عن مشاعر الغضب والقهر والحزن، فهي لم تكن لتنشأ لو كانت حياتنا عادلة وكل شيء على ما يرام، بل نشأت نتيجة الظلم والتمييز والاضطهاد، وسلب الحقوق، في مجتمعات ذكورية لا تأبه بكيان المرأة، والتمييز لم يطل جنسها فقط بل حتى حقها بإبداء مشاعرها.
مجتمعاتنا مهووسة بالألقاب والتصنيفات، كل شيء وكل شخص هنا قابل للتصنيف والحصول على لقب بناءً على نظرة الآخرين، فغير المتزوجة تلقب بـ(العانس)، وحتى (النسوية) طالتها الألقاب فتلقب إما بالغاضبة أو الحساسة.
ذات يوم عندما كتبت عبر برنامج (إكس) عن الفرق بين التحرش والإطراء، قال أحدهم بما معناه إنني تحت تأثير الدورة الشهرية، لم يقلها علانيةً لأن كلمة الدورة الشهرية في مجتمعاتنا (عيب)، لكنه ربط شعوري بالاستياء من قضية التحرش بأنني تحت تأثير الهرمونات.
وعندما كتب أحدهم نكتة استهزاء بالمرأة عبّرت النساء بأن النكتة مسيئة، لكن الرد كان بأنهن نكديات حتى عند إلقاء النكت.
حين تعترض المرأة أو تبدي ملاحظة يقال عنها حساسة أو عصبية، تلك الألقاب تسلب حق المرأة بإبداء مشاعرها كالغضب، ولو كان عن عمد أو لا.
وعندما بدأت الحركة النسوية في الدول العربية والخليجية، صارت تلقب بسليطة اللسان، وعندما يعرف أحدهم أنك (نسوية) سيقال عنك صاحبة شخصية صعب التعامل معها، أو أنك كارهة للرجال، ثم يتحوّل النقاش إلى تحليل شخصية ومحاولة إثبات العكس، بدل النقاش حول التاريخ الطويل من القمع والتمييز.
في إحدى المقابلات التلفزيونية سألتني المذيعة عما إذا كانت التحركات النسائية عبارة عن (تحلطم)، أجبتها بأنه غضب ناتج من الظلم عبر التاريخ، لم أخجل لأن من الطبيعي أن يشعر المرء بالغضب عندما يكون هناك ظلم، بل إنه ليس من الطبيعي ألا نشعر بالغضب أو ألا نشعر بشيء على الإطلاق.