الممثلة المعتزلة “مي فخري” تروي تجربة الاقتراب من الموت التي غيرت شكل حياتها

يقول الكاتب الراحل “أحمد خالد توفيق” إن الإنسان لا يستطيع أن يحدد الوقت والحدث، الذي بدأ فيه التغيير الكبير في حياته، إلا أن هذه المقولة لا تنطبق على “مي فخري”، الممثلة السعودية المصرية، التي تخلت عن الفن بعد مشوار دام ٢٠ عاماً.
فـ”مي” تعرف تحديداً اليوم والموقف واللحظة التي تغير فيها شكل العالم في عينيها، ومن بعدها انطلقت في سلسلة من القرارات، بدأت من اعتزال الفن وانتهت بها في موسم الرياض، ولكن كمصممة أزياء ومستشارة مظهر.
شاركونا في رحلة خضناها مع “مي فخري” التي مرت بتجربة اقتراب من الموت، وكيف لتجربة كهذه أن تحول شكل الحياة في عين من ينجو منها، وتعيد ترتيب أولويات حياته، بل وقد يخرج منها مختلفاً داخلياً وخارجياً، لدرجة أنه ما كان ليميز صورته في المرآة.

في البداية كيف كانت حياتك قبل تعرضك للأزمة؟
كنت في عام ٢٠١٩، خرجت للتو من دور ناجح ومحوري في مسلسل “نصيبي وقسمتك” الشهير، قصة كان اسمها “براد شاي”، من بطولة “هبة مجدي” و”هاني عادل”، واستقبلت أول بطولة مطلقة لي، كان مشروعاً كبيراً واستغرق تحضيره جهداً شاقاً، كنت في انتظار أول أيام التصوير، الذي يبدأ في الرابعة صباحاً، حين بدأت أشعر بالتعب الشديد، وأصبحت في خوف حقيقي على سلامتي.
ماذا قال لك الأطباء؟
لا أريد الخوض في تفاصيل الحالة الصحية التي مررت بها، إلا أنني أتذكر قول الطبيب، إنني لو لم أصل إلى المستشفى في الوقت المناسب، لكنت فارقت الحياة، وقفت كثيراً مع هذه الجملة وعند تلك اللحظة بالتحديد، وكانت فترة استشفائي هي فترة إعادة تقييم هامة بشدة و غيرت مجرى حياتي.
كيف قيّمتِ سنواتك الماضية بعد تلك الوعكة الصحية؟
شعرت أنني قصرت في العديد من النواحي الهامة في حياتي، فعلى سبيل المثال، كنت قد توقفت عن زيارة السعودية لأكثر من ١٠ سنوات، إلى الحد الذي كبر فيه أولاد اخواتي وتزوجوا وصار عندهم أطفال، وأنا لم ألتق بهم منذ كانوا هم أنفسهم أطفالاً، وهي واحدة من العديد من التفاصيل التي لاحظت تقصيري فيها، فبينما أنت تعملين بإيقاع سريع تكونين فيه يومياً مشغولة، تمضي الحياة من حولك بسرعة غير معقولة، دون أن تشعري بالوقت.
المرض والبقاء في المنزل لأوقات طويلة، اعطوني الوقت للتأمل في إيقاع حياتي، في الأشخاص المحيطين بي، وأين كان من مرضي ومحنتي، في العديد من الأشياء التي وضعت مخطئةً في أعلى خانات أولوياتي، بينما لم تكن تستحق هذه المكانة، ومن هنا بدأت أفكر في تغيير مهنتي بالكامل.

خرجت من تلك الرحلة العلاجية بعدة قرارات، ما هي؟
أول قرار كان الاعتزال، خفت من الشهرة، ومن الإيقاع السريع الذي كنت أترقى به سلالم النجومية، شعرت بقيد هائل حول كل تصرفاتي، إرهاق شديد ريما كان هو السبب الأساسي وراء أزمتي الصحية، شعرت أن ما أحصل عليه من الفن، ليس بالكافي لي، ولا بالمناسب أمام هذه التضحيات، وصلت للشهرة ولم أجد نفسي فيها، فكان الوقت قد حان للبحث عن نفسي في مكان آخر.
من بعدها جاء قرار الاحتشام، فأنا لا أعتبر نفسي وصلت من الحجاب إلى مكانة ترضيني بعد، احتشمت وأخبرت عائلتي وشعرت وأنا أشتري أول حجاب لي، أنني في سعادة غامرة، ولازلت أحب ذكرى هذا اليوم حتى الآن.
كيف وجدت لنفسك مهنة جديدة؟
لا أشعر أنها جديدة، فأنا أحب الخياطة منذ نعومة أظافري، وكانت والدتي المصرية بارعة فيها، فقد مرت والدتي بنفس رحلتي مع الحجاب، ولكن في سن أكبر، وكانت لا تحب ارتداء الملابس المنتشرة في السوق، لذلك كانت تصنع ملابسها بنفسها، وكنت أراقبها طوال الوقت وأجمع القصاقيص التي تخلفها.
ومع الوقت وبداية عملي في عالم الأزياء، تعلمت الكثير عن الموضة والأناقة، وظل عملي وثيق الصلة بالموضة والأزياء، سواء كنت عالم عرض الأزياء أو تصوير الدعايات وحتى دخولي عالم الفن.
فعندما تركت الفن، وارتديت الحجاب، لم أجد شيئاً يعجبني في السوق، وشعرت أن المحجبات يتعرضن لظلم كبير في سوق الأزياء، ومن هنا جاءت الفكرة، وبدأت أستغل حبي للرسم وموهبتي فيه في صنع ماركة خاصة بي.





