لماذا تُعتبر الأيام السبعة الأولى مصيرية في حياة المولود والأم؟
يُعتبر البقاء على قيد الحياة والرقم 7 مرتبطين ارتباطاً وثيقاً، ببعضهما بعد ولادة المولود، في مصر تحديداً، وفي اليوم السابع يتم الاعتراف رسمياً بوجود الطفل لأول مرة للعالم في طقوس تعود إلى العصور الفرعونية.
في تقليد “السبوع” يُطرق بمدقة الهاون في موكب يحمل به الأهل فيه المولود الجديد، الذي يتحرك بين ذراعي أمه. تُعتبر الأصوات العالية جزءاً من طقوس ما يُطلق عليه “سيبو” عند الفراعنة القدماء، وهذه الأصوات هي التي تبني شخصية الرضيع وتجعله شجاعاً.
فما حقيقة الاحتفال بولادة الصغير بعد أسبوع طبياً؟ ولماذا يعتبر الأطباء والاختصاصيون هذا الأسبوع الأول من حياة المولود محفوفاً بالمخاطر علماً بأن الطفل سيخرج مع إصابته باليرقان ومشكلات في التنفس.
تُعد الولادة والأيام الأولى بعد الولادة، أي فترة النفاس؛ وقتاً محفوفاً بالمخاطر بالنسبة للأم والطفل. ما يقرب من ربع إلى نصف الوفيات التي تحدث في السنة الأولى من الحياة تحدث في الأسبوع الأول، لكن العديد من الاحتياطات الصحية، من شأنها تحسين صحة المواليد الجدد وبقائهم على قيد الحياة، وعادة ما تكون منخفضة التكلفة نسبياً ويمكن تنفيذها. وهذه الاحتياطات هي كالآتي:
زيادة الراحة والثقة عند الأمهات
يعاني معظم النساء من مستويات مختلفة من القلق والانزعاج والألم في أثناء المخاض والولادة. وتنبغي مناقشة مخاطر وفوائد الطرق المختلفة لتخفيف الألم، وخاصة من خلال الأدوية، في أثناء الاستشارة السابقة للولادة. ولا بُدًَ من توضيح أن بعض مسكنات الألم تزيد من خطر انفصال الأم عن المولود الجديد بعد الولادة؛ ما يؤخر إدخال الرضاعة الطبيعية، حتى إن بعض الأدوية، تجعل الطفل يشعر بالنعاس، ويقلل هذا من ردود فعل المص لديه، ونتيجة لذلك، قد يكون المولود الجديد أقل استعداداً لبدء الرضاعة الطبيعية.
يجب تشجيع الطرق البديلة لإدارة الألم والقلق في أثناء المخاض والولادة، أو على الأقل تجربتها قبل تقديم أدوية آلام المخاض. الدعم المستمر للمخاض، والتدليك، والمياه الدافئة المهدئة، والتغيرات في وضع الجسم، والطمأنينة اللفظية والجسدية؛ يمكن أن تزيد من مستوى راحة المرأة وتشتت تركيزها على الألم.
التحضير للولادة وآلام المخاض
عندما تدخل الأمهات مرحلة المخاض والولادة يجب أن يكنَّ على علم بمراحل المخاض، والطرق الخالية من الأدوية للتعامل مع آلام المخاض، والآثار الجانبية المحتملة لأدوية المخاض، والفوائد التي تعود على الأم والطفل من الرضاعة الطبيعية الفورية والحصرية. يمكن للقابلات الماهرات زيادة راحة الأم، وتقليل آلامها.
حيث يمكن أن يساعدن في الحفاظ على تقدم المخاض بشكل طبيعي من خلال تشجيع الأم على المشي والتحرك في أثناء المخاض، وتقديم التغذية الخفيفة والسوائل لها، وإخبارها عن مدى نجاحها، واقتراح طرق لمنع الألم والقلق من التغلب عليها.
الرضاعة الطبيعية الفورية والحصرية
عند ولادة الصغير، يأتي وقت الرضاعة الطبيعية، وبمكن لهذا الإجراء أن يساعد النساء أيضاً من خلال تقليل النزيف المباشر بعد الولادة، وهو أحد الأسباب الأكثر شيوعاً لوفيات الأمهات.
تُعد الرضاعة الطبيعية الجيدة في الأيام الأولى أمراً بالغ الأهمية لصحة الطفل، والبدء بالرضاعة الطبيعية هو الأسهل والأكثر نجاحاً عندما تكون الأم مستعدة جسدياً ونفسياً للولادة والرضاعة الطبيعية، وعندما يتم إعلامها ودعمها وواثقة من قدرتها على رعاية مولودها الجديد.
لهذا يتم إعداد النساء، من قبل الأطباء، لأحداث المخاض والولادة والرضاعة الطبيعية معاً؛ ما يقرب بين الأم والطفل، خلال الأسبوع الأول.
تسع خطوات للرضاعة الطبيعية الناجحة
يجب على كل طبيب في مستشفى، اتخاذ هذه الإيضاحات، المكتوبة:
-
أن يكون لديه سياسة مكتوبة للرضاعة الطبيعية يتم توصيلها بشكل روتيني إلى جميع موظفي الرعاية الصحية.
-
تدريب جميع العاملين في مجال الرعاية الصحية على المهارات اللازمة لتنفيذ هذه السياسة، ومساعدة الأم على اجتيازها بنجاح.
-
إعلام جميع النساء الحوامل حول فوائد الرضاعة الطبيعية وإدارتها.
-
مساعدة الأمهات على بدء الرضاعة الطبيعية خلال نصف ساعة من الولادة.
-
تعليم الأمهات كيفية الرضاعة الطبيعية، وكيفية الحفاظ عليها حتى لو تم فصلهن عن أطفالهن الرُّضَّع.
-
ألا يُعطى الأطفال حديثو الولادة أي طعام أو شراب سوى حليب الأم، ما لم يقرر الطبيب غير ذلك.
-
السماح للأمهات والأطفال الرُّضَّع بالبقاء معاً –24 ساعة في اليوم. وتدريبهن على الإقامة مع المولود في غرفة واحدة.
-
عدم إعطاء الطفل أي حلمات أو لهايات صناعية.
الساعات الأولى بعد الولادة
الساعات القليلة الأولى بعد الولادة هي وقت حرج لكل من الأم والمولود الجديد؛ حيث تتعافى الأم من التغيرات الجسدية والهرمونية المفاجئة الناجمة عن المخاض والولادة وطرد المشيمة. إن انخفاض هرمونات المشيمة “يشير” إلى جسمها للبدء في إنتاج حليب الثدي بكميات كافية لإطعام طفلها. ويجب على من يرافق الأم عند الولادة أن يراقب من كثب لكشف النزيف غير الطبيعي والتأكد من تلبية احتياجاتها من التغذية والسوائل والحفاظ على راحتها.
وفي الوقت نفسه، يمر المولود الجديد بتحول جذري إلى الحياة خارج الرحم. تشمل الرعاية الفورية التي يحتاجها الطفل الاهتمام ببدء التنفس، والعناية بالحبل النظيف.
ملامسة الجلد للجلد
بالنسبة للطفل السليم، يجب أن يكون الروتين الأول بعد الولادة هو ملامسة الجلد للجلد بعد مسح الطفل من رأسه إلى أخمص قدميه بقطعة قماش جافة وتغطيته هو والأم بقطعة قماش جافة أخرى، وبدء الرضاعة الطبيعية. يمكن اتباع إجراءات روتينية أخرى مثل العناية بالحبل السري والعناية بالعين والوزن. لا يُنصح بالاستحمام إلا بعد عدة ساعات من الولادة. لا ينبغي أن يكون شفط فم الطفل وأنفه أمراً روتينياً، بل يجب أن يتم ذلك فقط إذا لزم الأمر لإزالة الإفرازات التي تمنع الطفل من التنفس بشكل جيد. الطفل الذي يبكي لا يحتاج إلى الشفط. وإذا كان الشفط ضرورياً، فيجب أن يتم ذلك بلطف حتى لا تؤذي الأنسجة الرقيقة في فم الطفل وحلقه؛ ما قد يتعارض مع الرضاعة الطبيعية، حيث يقلل هذا الاتصال المباشر من نزيف الأمومة ويثبت درجة حرارة المولود ومعدل التنفس ومستوى السكر في الدم. حتى الأم التي تحتاج إلى غرز في قناة الولادة يمكنها أن تضع طفلها على جلدها، الذي يجب أن بكون متنبهاً يؤدي ردود أفعال فطرية لمساعدته في العثور على الثدي والحلمة، والتقاطها، وبدء الرضعة الأولى.
يقول الأطباء إن حاسة الشم لدى حديثي الولادة متطورة للغاية؛ ما يساعد أيضاً في العثور على الحلمة. وعندما يتحرك الطفل إلى الحلمة، تنتج الأم مستويات عالية من الأوكسيتوسين؛ ما يساعد على انقباض عضلة الرحم والحفاظ على ثباتها، وبالتالي تقليل النزيف. كما يتسبب الأوكسيتوسين في إطلاق ثدييها لللبأ عندما يجد الطفل الحلمة.
ويمكن للطفل المولود بعملية قيصرية أن يستفيد من ملامسة الجلد للجلد عن طريق وضعه بالقرب من خد الأم بعد الولادة مباشرة، على أن يبدأ بالرضاعة الطبيعية -إن أمكن خلال الساعتين الأوليين بعد الجراحة بطريقة مريحة، بالنسبة للأطفال منخفضي الوزن عند الولادة والأطفال المبتسرين الأصحاء، فإن طريقة الكنغر هي وسيلة فعالة لرضاعتهم؛ فقد ثبت أنها تنظم درجة حرارة الجسم ومعدلات ضربات القلب والتنفس عند الأطفال حديثي الولادة منخفضي الوزن.
مدح الأم لأنها أعطت اللبأ وهو “التحصين الأول” للطفل
ويكون من خلال الالتزام بالآتي:
-
ينبغي أن يكون اللبأ -وهو الحليب المبكر اللزج ذو اللون الأصفر والأبيض- هو المذاق الأول للمولود الجديد. ويجب ألا تكون هناك أي أطعمة ما قبل الرضاعة مثل الماء أو السوائل الأخرى، غالباً ما يُطلق على اللبأ التحصين الأول للطفل.
-
إعطاء الأم مكمل فيتامين “أ”.
-
يكون خطر نقص فيتامين “أ” أعلى عند الرُّضع الذين تعاني أمهاتهم من نقص فيتامين أ. هنا يجب إعطاء الأم كبسولة واحدة عالية (200000 وحدة دولية) من فيتامين “أ”، وذلك بناء مخزون فيتامين “أ” لدى الأم، وزيادة محتوى فيتامين “أ” في حليب الثدي، وتقليل خطر الإصابة بالعدوى لدى الأم وطفلها.
-
الاستمرار في مراقبة ومساعدة الأم والطفل.
-
يجب أن تبقى الأم والطفل معاً. خلال الساعات القليلة الأولى بعد الولادة، حيث يمكن فحص درجة حرارة الأم ونبضها وضغط دمها -التي تُسمى غالباً العلامات الحيوية- والنزيف في أثناء بقاء الطفل على بطنها. ويمكن أيضاً فحص درجة حرارة الطفل وتنفسه ومعدل ضربات قلبه بهذه الطريقة.
الأيام الثلاثة الأولى بعد الولادة
خطوات في الرضاعة الطبيعية
خلال الأيام الأولى، ستعرف الأمهات عدد مرات إرضاع الطفل، وما إذا كانت الرضاعة الطبيعية تسير على ما يُرام، وما إذا كان الطفل يحصل على ما يكفي من الحليب. وتنبغي ملاحظة الوليد من أجل تحديد الطريقة التي تناسبه للرضاعة، وذلك عبر الخطوات الآتية:
-
حمل الطفل بالقرب من الأم، بحيث يكون مواجهاً للثدي، وتكون أذناه وكتفه ووركه في خط مستقيم.
-
يجب أن يلتقي فمه المفتوح بالحلمة وجزء كبير من الهالة (المنطقة الداكنة حول الحلمة)، وتكون شفتاه ملتفتين إلى الخارج، واللسان فوق اللثة السفلية.
-
يجب أن تكون حركة الفك التي تسحب الحليب والرضاعة منتظمة ومرئية مع ابتلاع مسموع وواضح.
-
تعليم الأم كيفية استخراج حليب اللبأ من الثدي، والمساعدة على تجنب الاحتقان عندما “يأتي” الحليب.
-
تعليم الأم كيفية إرضاع حليب الثدي المستخرج، من الكوب، إذا كان منخفض الوزن.
-
يجب أن يرضع الأطفال حديثو الولادة ما لا يقل عن 8-12 مرة خلال 24 ساعة. و تختلف مدة الرضعة من امرأة لأخرى ومن طفل لآخر.
-
عدم إعطاء الرضيع أي حليب أطفال صناعي أو حيواني أو شاي الأعشاب أو ماء أو أي نوع آخر من السوائل أو الطعام التي تحتوي على ملوثات خطيرة، وتخفف من إنتاج حليب الثدي.
-
يجب تشجيع الأمهات على الرضاعة من الثدي الأول دون قيود زمنية قبل تقديم الثدي الثاني للتأكد من حصول الطفل على محتوى الدهون الغني في الحليب الخلفي.
خطوات لطمأنة الأم
خلال الأيام الأولى بعد الولادة، تتعافى المرأة من التغيرات الجسدية والهرمونية العميقة. وقد تشعر في بعض الأحيان بالإحباط وعدم الراحة والقلق والإرهاق؛ لذلك يجب على من حولها التقيد بالآتي:
-
إخبار الأمهات وأسرهن أن هذه المشاعر شائعة بين الأمهات خلال الأسبوع الأول أو الأسبوعين الأولين بعد الولادة.
-
لا ينبغي لهم القلق إذا كانت الأم تعاني من حمى منخفضة الدرجة (لا تزيد على 37.6 درجة مئوية أو 100 فهرنهايت) في اليوم الذي يأتي فيه حليبها، لكن يجب ألا تستمر هذه الحمى أكثر من 24 ساعة.
-
يجب أن يعلموا أن الانقباضات الحادة في الرحم التي قد تعاني منها الأم في أثناء أو بعد الرضاعة الطبيعية في الأيام القليلة الأولى -خاصة إذا كانت قد ولدت من قبل- هي أمر طبيعي وسوف يختفي قريباً.
-
تقديم الدعم العاطفي والتغذية الجيدة والراحة للأم خلال هذه الفترة العميقة من حياتها، وهنا يأتي دور الآباء.
-
تشجيع الأمهات على النوم عندما ينام الطفل. ويمكن لأفراد الأسرة تولي المهام التي تقوم بها الأم عادةً أو المساعدة فيها.