بين الاستثمار والاستهلاك.. هل التعليم مشروع خاسر اقتصاديًا؟
هل تعتقد أن الشخص الذي يستثمر في تعليمه، يمكن أن يحقق مكاسب اقتصادية أكبر في المستقبل؟ وهل ترى أن التعليم يمكن أن يكون وسيلة لتطوير المهارات وزيادة الإنتاجية؟ أم أنك تعتقد بأن التعليم يمكن أن يشكل بسبب التكاليف المرتبطة به، مثل الرسوم الدراسية وتكاليف الكتب، سببًا في اعتباره خسارة اقتصادية؟ وهل ترى أن تحصيل درجات علمية عالية، أو الحصول على شهادات تعليمية قد تعتبر خسارة اقتصادية إذا لم تترجم إلى فرص عمل أو دخل مرتفع؟
يعد السعي في مشروع التعليم أخطر المشاريع الاجتماعية في جميع البلدان وعلى مر العصور، فخطورة المشروع تأتي من الادخار والاستثمار في مدخلات ومخرجات الإنسان، فالتعليم يشكل سباقاً بين الأزمان لتشكيل الحضارة التي تعد صالحة لكل زمان ومكان، الآن وفي المستقبل كما يشير موقع ” Investopedia.com “
ما هو المقصود بمفهوم التعليم؟
يعد التعليم بمعناه الشمولي عملية مستمرة من أجل إعداد الأفراد للحياة والتنمية البشرية والوجدانية؛ معرفيًا وجسديًا وانفعاليًا، فالتعليم والتعلم يمثلان نظامين فرعيين من العملية التربوية، وأحد الأدوات الرئيسية في تطوير الأفراد وتعزيز مكانتهم الاجتماعية، فالتعليم هو العملية التي يكتسب فيها الفرد المعرفة الأساسية، أو ينقلها إلى شخص آخر، ليصبح قادرًا على تحقيق الآتي:
-
ينمي المهارات الأساسية للحياة اليومية.
-
يتعلم الأعراف الاجتماعية والعادات والتقاليد الخاصة بطبيعة المجتمع والمكان.
-
يطور الحكم والتفكير، والمهارات الخاصة بالمهنة والحرفة التي يسعى لامتلاكها والعمل بها.
-
يتعلم كيفية تمييز الصواب من الخطأ.
-
فالهدف النهائي للتعليم هو مساعدة الفرد على التنقل في الحياة، والمساهمة في المجتمع بمجرد أن يكبر. والاستثمار في أساليب تساعدك على تحويل المشاريع إلى واقع
تضارب الآراء.. التعليم أم الاقتصاد؟
تثار الأحاديث حول قضية التعليم، ويشكل السؤال الأهم والأبرز: هل يعتبر التعليم أداة للاستهلاك أم نوعًا من الاستثمار في الموارد البشرية، السؤال الأهم والأبرز في العصر الحالي.
يشار في بعض الأحيان إلى وصف التعليم كأداة استهلاك للأفراد بطريقة مباشرة، حيث أنه يشبع حاجة الأفراد الراغبين في الحصول على المعرفة، من خلال ميزانية ينفقها مجموعة من الأفراد أو الدولة، والتي تشهد ارتفاعاً في مقدار النفقات التعليمية السنوية، مقارنة مع ارتفاع ملحوظ في منسوب البطالة بين الخريجين والمتعلمين والمثقفين، الأمر الذي يرجح بين الأوساط العامة فكرة أن يكون التعليم أداة للاستهلاك الاقتصادي دون نتيجة أو عائد ربحي.
وعلى الجانب الآخر هناك من يؤكد أن التعليم هو نوع من الاستثمار فى العنصر البشري، يولد عائداً طويل الأجل على امتداد حياة الفرد المتعلم، سواء أكان هذا العائد اقتصادياً أم اجتماعياً، فالعنصر البشري أحد عناصر الإنتاج الرئيسية التي تقوم عليها التنمية الاقتصادية، بجانب رأس المال المادي، هذا بالإضافة إلى الإضافات والإسهامات التي يقدمها التعليم لرفع وتحسين معدل النمو الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع.
وقد أخذ موضوع التعليم بين الاستثمار والاستهلاك مجالاً واسعاً من التباحث والدراسة، فالقائلون أن التعليم استثمار أخذت دراساتهم بالبحث عن مقدار ما حققه التعليم من نمو اقتصادي، والأخرى اتخذت نظام الأجور والمرتبات حجة على النظام التعليمي؛ بسبب ارتفاع النفقات والتكاليف وتكدس القوى البشرية وارتفاع البطالة بشكل ملحوظ، فأيهما الأصح؟
التعليم أداة للاستثمار بالأفراد
يؤكد العديد من الباحثين بأن التعليم يعد استثماراً للأفراد داخل المجتمعات بشكل عام، فالتعليم المستمر والمباشر يمكنه أن يحقق المكاسب الآتية، وأن يوفر مجموعة من الفرص للأفراد، أبرزها:
-
يؤدي التعليم إلى زيادة المقدرة الإنتاجية للفرد، ومقدرته على توليد ورفع الدخل الخاص به.
-
يساهم التعليم بالكشف عن المواهب لدى الأفراد، ويتعهد بتوفير الرعاية والصقل مما يؤثر بالإيجاب على الاقتصاد.
-
يهيئ التعليم الأفراد على زيادة القدرة على التكيف مع ظروف العمل، و إعداد القوى العاملة المؤهلة للظروف المختلفة والصعبة منها.
-
يعتبر التعليم أداة رئيسية ومهمة من أجل تحقيق الارتقاء الاجتماعي والتطور المهني في جميع الدول والمجتمعات.
هل يعتبر التعليم سلعة اقتصادية؟
يسهم التعليم في رفع الإنتاجية والإبداع لدى الأفراد، بالإضافة إلى قدرته على تحفيز ريادة الأعمال والاختراقات التكنولوجية بين العاملين. فالأفراد المتعلمون يشكلون أداة أكبر وأكثر ربحًا للاستثمار الاقتصادي، إذا تحققت لديهم العوامل التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج والنمو الاقتصادي.
تعد المعرفة والمهارات التي يمتلكها العمال بسبب التعليم والتدريب عوامل رئيسية في تحديد النمو التجاري والاقتصادي وازدهاره، فالاقتصادات التي تتمتع بأعداد كبيرة من العمالة الماهرة المتعلمة والمدربة غالباً ما تكون قادرة على تطوير المزيد من الصناعات ذات القيمة المضافة للشركة، مما يدعم ويرفع من العائد الاقتصادي على الشركات، والأفراد والدولة.
“إذا أردت جني الفوائد من استثمار مستدام، فاستثمر في التعليم.” – ألبرت أينشتاين