تعطيل الغاز القطري، للضغط على الحوثي أم على إسرائيل

أعلمت قطر شركات أوروبية بأنها ستؤخر إرسال شحنات الغاز بسبب التوتر في البحر الأحمر، في خطوة تثير الاستغراب خاصة أن قطر لم تتعرض لأي هجوم من الحوثيين ولم تتلق أي تهديدات، حيث يعتبر محللون حدوث ذلك أمرا مستحيلا، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن الهدف من وراء التعطيل القطري، هل فعلا للضغط على الحوثيين أم سيتم توظيف الغاز كورقة ضغط على إسرائيل؟

وتمتلك الدوحة علاقات جيدة مع الحوثيين، ويظهر ذلك من خلال التغطية الإعلامية المكثفة لهجماتهم، ليس فقط في البحر الأحمر وإنما قبل ذلك أيضا في معاركهم مع القوات الحكومية في اليمن أو مع التحالف العربي، ومن خلال التنسيق بينهم وبين مجموعات محسوبة على قطر. وتقيم قطر علاقات وثيقة مع إيران التي ترعى الحوثيين وتدعمهم، ما يبدد أي مخاوف من استهداف جماعة أنصارالله للسفن التي تقوم بشحن الغاز القطري نحو أوروبا.

ولا يستبعد مراقبون أن تكون وراء عملية تعطيل الغاز رسالة سياسية تهدف إلى الضغط على إسرائيل لتسريع التوصل إلى هدنة والتفاعل بإيجابية أكبر مع الوساطة القطرية، أو إيقاف كامل للقتال ومنح حركة حماس فرصة للنجاة بعد أن ضيّق عليها الإسرائيليون الخناق.

ومن شأن الإرباك الذي يحصل لحركة توريد الغاز القطري إلى أوروبا أن يضغط على المسؤولين في بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، للتحرك من أجل اضطلاعهم بدور أكبر في إنهاء الحرب بدلا من الموقف الحالي الذي يغلب عليه دعم إسرائيل وتفهم إصرار رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو على مواصلة هجومه على حماس إلى ما لا نهاية له.

وتريد قطر أن يشعر الأوروبيون بأن الحرب في غزة تؤثر على مصالحهم، وأنهم ليسوا بمنأى عنها، وهي الرسالة التي تسعى إيران والحوثيون لتوجيهها كذلك. وقال مصدران مطلعان على الأحداث لرويترز إن قطر أبلغت شركة إنديسا الإسبانية لمرافق الكهرباء بأن شحنة غاز مسال متجهة إليها قد تتأخر بنحو عشرة إلى اثني عشر يوما، بسبب التوتر في البحر الأحمر.

وقررت شركة قطر للطاقة مؤخرا سلْك الطريق الأطول عبر رأس الرجاء الصالح بسبب الصراع، وأبلغت هذا الأسبوع شركة إديسون ومشترين آخرين في أوروبا، بالإضافة إلى بعض المحطات البريطانية حيث لديها تعاقدات طويلة الأجل، بأنها ستؤخر شحنات أو تعيد جدولتها.

وأعلنت الشركة مؤخرا أن الهجمات في منطقة البحر الأحمر “قد تؤثّر” على جدولة شحنات الغاز الطبيعي المُسال، على عكس الإنتاج الذي طمأنت بأنه “مستمرّ دون انقطاع”.

وقالت الشركة المملوكة للدولة في بيان “بينما قد تؤثر التطورات في منطقة البحر الأحمر على جدولة بعض شحنات الغاز الطبيعي المسال من قطر لأنها قد تسلك طرقا بديلة، إلا أنه تتم إدارة تسليمها مع عملائنا”.

وأكد رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في مؤتمر دافوس قبل أسبوع أن شحنات الغاز الطبيعي المُسال ستتأثر بالهجمات، معتبرًا أن الأزمة في البحر الأحمر هي “التصعيد الأخطر في الوقت الحالي لأنه لا يؤثر على المنطقة فحسب، بل يؤثر على التجارة العالمية أيضا”.

ومنذ نحو شهرين ينفّذ المتمرّدون اليمنيون هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، فيما يقولون إن ذلك تضامن مع قطاع غزة الذي يشهد حربًا بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وأبدت إسرائيل منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر غضبا من استضافة قطر حركةَ حماس ودعمها ماليا وأرسلت إشارات في أكثر من مرة بشأن مسعاها للانتقام بتصفية قادة الحركة الذين يتواجدون بشكل رئيسي في الدوحة.

واتهم وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الخميس قطر بأنها “مسؤولة” عن الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر. وكتب الوزير  عبر منصة إكس أن “قطر دولة تدعم الإرهاب وتموله”، مضيفا أن الإمارة “عرابة حماس ومسؤولة إلى حد بعيد عن المجازر التي ارتكبتها حماس بحق مواطنين إسرائيليين”.

وتشكّل الدول الآسيوية (الصين واليابان وكوريا الجنوبية في المقدمة) السوق الرئيسية للغاز القطري، لكن تهافتت عليه الدول الأوروبية بشكل متزايد غداة بدْء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ نحو عامين.

وعقدت قطر أهم صفقات غاز مع أوروبا في أكتوبر 2023؛ الأولى لتزويد فرنسا بالغاز عن طريق شركة توتال، والثانية لمد هولندا بالغاز عن طريق شال، والثالثة لتزويد إيطاليا عبر شركة إيني. والصفقات الثلاث لمدة سبعة وعشرين عاما حسب ما أعلنت شركة قطر للطاقة. ووقعت اتفاقا مشابها مع ألمانيا في نهاية شهر نوفمبر عام 2022 لمدة خمسة عشر عاما.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى