متخصص يتحدث عن تأثيرات التصميم الداخلي الحاسمة على نفسيات الأفراد

ثمة قدرة لعناصر الديكور الداخلي، على إثارة استجابة عاطفية إيجابية أو سلبية، في صفوف الناس؛ إذ تُثبت مجموعةٌ من الدراسات ذلك. من بين الدراسات واحدة صادرة عن “مؤسسة الصحة العقلية” في المملكة المتحدة، تُفيد بأن العديد من تقنيات وأساليب التصميم الداخلي يُقلّل من التوتر والاكتئاب.

الديكور ورفاهية الإنسان

العديد من أنواع النباتات المنزلية يقوم بترشيح الهواء، بصورة طبيعية، مما يزيد من جودته

تربط دراسات صادرة من “جامعة تكساس الزراعية والميكانيكية”، بين حضور النباتات المنزلية، وفوائد، مثل: تحسين التركيز وتقليل التوتر، إذ من المعلوم أن العديد من أنواع النباتات المنزلية يقوم بترشيح الهواء، بصورة طبيعية، مما يزيد من جودته ويقلل من مسببات الحساسية.

هناك قدرة لعناصر الديكور الداخلي على إثارة استجابة عاطفية إيجابية أو سلبية (الصورة من Freepik)

الجدير بالذكر أنه على مرّ التاريخ، حاولت البشرية جلب جمال الطبيعة وتأثيراتها المُهدّئة إلى المنزل. مثلًا، تحتفي الممارسة القديمة لـ”فنغ شوي” بالأشكال والأنسجة، التي تُمثّل العناصر الطبيعية (النار والماء والأرض والخشب والمعدن).
أضيفي إلى ذلك، هناك سمات للألوان وفوائد نفسية منسوبة إليها.

من جهة ثانية، تُقدّر غالبية الناس، مهما كانت خلفياتها الثقافية، الجمال الذي يعبر عنه الفن بأشكاله المختلفة؛ كان البروفيسور سمير زكي، عالم الأحياء العصبية في “كلية لندن الجامعية”، خلص إلى أن مشاهدة الفن تمنح المرء متعة مشابهة للوقوع في الحب. إلى ذلك، عندما شاهد المرضى نزلاء المشفى عناصر فنية، وجدوا أن معاناتهم قد انخفضت، مما أدى إلى شفاء أسرع. يشير هذا النوع من البحوث إلى أنه يمكن استخدام الفن، في سياقات متعددة، لزيادة الرفاهية والصحة العقلية والرضا عن الحياة لعامة الناس، صغارًا وكبارًا.

الديكور ومزاج الفرد وتوجهاته وتطلعاته

للتصميم الداخلي نفوذ إلى مزاج الفرد وتوجهاته، وحتى تطلعاته ومدى تحقيق الأهداف في الحياة

في حديث خاص إلى “سيدتي. نت”، يؤكد الدكتور محمد جاسم، الحاصل على دكتوراه في العمارة الداخلية السيكولوجية وماجستير في طاقة المكان (فنخ شوي) أنه “على غرار تأثيرات البيئة الخارجية على المزاج والسلوك والنفسية، للبيئة الداخلية السلطة عينها، فأكثر؛ إذ للعمارة الداخلية والتصميم الداخلي نفوذ إلى مزاج الفرد وتوجهاته، وحتى تطلعاته ومدى تحقيق الأهداف في الحياة”. ويستشهد بالمثال الآتي: هناك بعض الناس الذي يُفضّل الطقس المُشمس ويعتبر أن يومه مفعمٌ بالنشاط والطاقة، في حضور خيوط الشمس. في المقابل، ينزعج بعض الناس الآخر من الطقس المُشمس ويُفضّل الغائم، واصفًا الأخير بالرومانسي والجميل، ليستنتج د. جاسم أن “لكلا الطقسين فعالية على الأفرد، بالإيجاب أم بالسلب، مما يؤدي الى ردود أفعال بحسب أنماط الشخصيات”. ويشرح أن “هذه الأخيرة تتعدّد، فهناك الشخصية الانطوائية والقهرية والاعتمادية، وغيرها الكثير”.

قد يتسبب لون محدّد يسود الديكور الداخلي بالضيق لساكن المنزل (الصورة من Freepik)

ويتوسع في شرح سطوة الديكورات والألوان على المزاج والنفسية والسلوك، فيقول إن “كلمة السكن تعني السكينة والاستقرار الروحي والجسدي والنفسي؛ لكن في كثير من البيوت التي يسكنها الأفراد، هم لا يحصلوا على السكينة والراحة، وذلك بسبب عدم خلق بيئة داخلية ملائمة”، لافتًا إلى أنه “من العناصر المهمة في ديكور المنزل، اللون الذي يعدّ جزءًا مُهمًّا في التصميم الداخلي لأثره على مزاج وسلوك الساكنين”، مُلاحظًا أن “الكثير من الساكنين يشعر بالضيق عند تواجده في غرفه منزلية معينة أو في المنزل ككل. بعد النقاش وتوجيه بعض الأسئلة، يتبين لي أن السبب وراء الضيق هو اللون المستخدم في الديكور”. ويزيد: “لكل لون دلالات إيجابية وسلبية؛ مثلًا، الأحمر يُعبّر عن العاطفة والقوة وهو فاتح للشهية. والأحمر يمكن أن يكون أيضًا، سلبيًّا، ويُعبّر عن الحذر والخطر، مما يؤدي إلى الغضب!”. ويختصر الأثر وفق الآتي: قد يثير لون ما المرء، ومع مرور الوقت يمكن أن يتسبب اللون المذكور بانفعال مُعيّن، ليتحول الأخير بعد مدة إلى غضب ينتج عنه سلوك ورد فعل.

الأحمر يُعبّر عن العاطفة والقوة وهو فاتح للشهية، وهو يمكن أن يكون أيضًا، سلبيًّا، ويُعبّر عن الحذر والخطر

أثاث واكسسوارات

أضيفي إلى ذلك، لأثاث واكسسوارات المنزل، دور كبير في نفسيات الساكنين؛ في هذا الإطار، يتحدث د. جاسم عن القطع ذات الحواف والأطراف المدببة، وارتفاع مجال حدوث ندوب عند المرور بجوار هذا الأثاث والاحتكاك به، فالشعور بالألم، وهذا يؤدي الى القلق والتوتر ويعطي شعورًا سلبيًّا لساكني المنزل. فهم، في كل مرة، يتحاشون الاحتكاك والتلامس مع الأثاث المذكور ويحاولون الابتعاد عنه”. ويضيف: “قطع الاثاث المستديرة ذات الأطراف الناعمة مريحة ومقبولة أكثر وتعطي إحساسًا إيجابيًّا والراحة” .

ويوضّح أن “لطراز الأثاث سلطانًا على مزاج الفرد وسلوكه؛ مثلًا، الطراز الكلاسيكي يعطي إحساسًا بالهيبة والقوة والأصالة والفخامة والعظمة، أمّا الطراز المودرن يشيع إحساسًا بالرقة والبساطة والذوق الرفيع والرهافة”.

ديكور منزلك بحسب شخصيتك

عن دور الشخصية في اختيار عناصر محددة لديكورات منزلها، يؤكد د. الجاسم أنه “لا تتوافر دراسات عديدة في جانب اختيارات أنماط الشخصية لعناصر ديكور محدّدة”، موضحًا أنه “في العموم، نمط الشخصية المتفائلة يميل للطراز المعاصر لما يتميز به من ألوان جريئه وصريحة وحيوية. نمط الشخصية الهادئة، بدوره، يميل إلى الطراز “المودرن”، لما يتميز به الأخير من بساطة ولطافة وذوق رفيع، بالإضافة إلى محدودية العناصر في الديكور. في المقابل، نمط الشخصية المحافظة يميل إلى الطراز الكلاسيكي و”الريترو”؛ هذه الفئة من الأفراد تحافظ على العادات والتقاليد ولا تحبّ كسر الروتين وتهتم بأدق التفاصيل والرتابة”.

الدكتور محمد جاسم

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى