“التصعيد المحسوب عنوان المرحلة”.. ماذا بعد تهديدات الحوثيين للسفن الأميركية؟

تثير تهديدات جماعة الحوثي باستهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر مخاوف من اتساع نطاق الصراع بالممر المائي الهام، ويؤكد محللون أن الولايات المتحدة ستعمل على احتواء هذا التصعيد.

وقال مسؤول في جماعة الحوثي اليمنية، الاثنين، إن الجماعة ستوسع أهدافها في منطقة البحر الأحمر لتشمل السفن الأميركية، وتعهد بمواصلة الهجمات بعد الضربات الأميركية والبريطانية على مواقعها في اليمن.

وقال نصر الدين عامر، المتحدث باسم الحوثيين، لقناة الجزيرة، إن السفن البريطانية والأميركية أصبحت “أهدافا مشروعة” بسبب الضربات التي شنتها الدولتان على اليمن، الأسبوع الماضي. وأضاف: “ليس من الضروري أن تكون السفينة متجهة إلى إسرائيل حتى نستهدفها. يكفي أن تكون أميركية”.

وجاءت تصريحات المتحدث بعد تأكيد الجيش الأميركي استهداف الجماعة لسفينة “جبل طارق” الأميركية بصاروخ باليستي، الاثنين، مما أدى إلى تصعيد التوتر في المنطقة.

ويعتقد مارك كيميت، المحلل العسكري، مساعد وزير الدفاع سابقا، في تصريحات لموقع الحرة، أن الولايات المتحدة “تأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، لأن حرية الملاحة مبدأ دولي أساسي، وسوف تكون التكاليف الباهظة المترتبة على تغيير مسار السفن بعيدا عن البحر الأحمر وقناة السويس محسوسة في مختلف أنحاء العالم”.

ويقول الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمر الشوبكي، لموقع الحرة إنه بغض النظر عما إذا كان موقف الجماعة هو التضامن مع غزة أو توظيف هذه الحرب لأغراض جيوسياسية، ففي النهاية نحن أمام أزمة أثرت على الملاحة الدولية”.

وأثارت هجمات الحوثيين، المتحالفين مع إيران، قلق القوى الكبرى، وشنت الولايات المتحدة وبريطانيا عشرات الضربات الجوية على أهداف عسكرية تابعة للجماعة يومي 11 و12 يناير ليلا.

واليوم الثلاثاء أعلن مسؤول أميركي في تصريحات للحرة إن القوات الأميركية استهدفت مجددا مواقع تابعة للحوثيين.

وأوضح المسؤول أنه تم تدمير 4 صواريخ باليستية مضادة للسفن، كانت جاهزة للإطلاق.

لكن الهجوم الحوثي على سفينة أميركية، وفق رويترز، يشير إلى أن تحقيق الردع لم يتحقق. 

وجاء في تحليل على صحيفة واشنطن بوست أنه في حين “يبدو أن جماعات مثل حزب الله اللبناني ترغب في تجنب التصعيد المباشر، فقد دفع الحوثيون أنفسهم إلى دائرة الضوء من خلال ارتداء عباءة القضية الفلسطينية”.

وكان مسؤولون أميركيون أعلنوا نجاح الضربات الأميركية والبريطانية لحوالي 60 هدفا في اليمن تابعة للمسلحين الحوثيين في البلاد نهاية الأسبوع الماضي. 

وقال الجنرال دوغلاس سيمز، مدير العمليات في هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجمعة، إن الولايات المتحدة “واثقة تماما” من نجاحها في إضعاف قدرة الحوثيين على مواصلة مهاجمة السفن في البحر الأحمر بالصواريخ والطائرات بدون طيار. 

لكن عددا كبيرا من السفن لا تزال تتجنب عبور البحر الأحمر الذي يقع في مرمى هجمات الحوثيين المستمرة، ويبدو أن الحوثيين أنفسهم لم يخضعوا بعد لتهديدات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وفق واشنطن بوست.

ويرى كيميت أن الولايات المتحدة “ستواصل تصعيد الرد على هجمات الحوثيين بعمليات هجومية”.

ويضيف أنه “ليس هناك شك في أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي سيواصلان مهاجمة أهداف الحوثيين حتى ينتهي تهديدهم”.

وقال مسؤول أميركي لشبكة “سي بي أس نيوز”، يوم الثلاثاء، إن التحالف نفذ مزيدا من الضربات خلال الليل على أهداف الحوثيين في مناطق سيطرتها في اليمن، من دون تقديم تفاصيل إضافية.

واعتبر محللون تحدثوا لموقع “ذي هيل” الأميركي أن الضربات الغربية الأخيرة تهدف إلى احتواء الصراع.

وقال بريان كلارك، من معهد هدسون الأميركي، إن الضربات لم تكن تصعيدية، معتبرا أنها كانت فقط في نطاق مصادر الخطر، وحذر في الوقت ذاته من أن الحوثيين “سيستعيدون قوتهم وسيواصلون هجماتهم كما ستفعل الجماعات الإيرانية الأخرى”.

وقال: “للقضاء على التهديد حقا، سيتعين عليك القيام بشيء أكثر تصعيدا، مثل مهاجمة خطوط الإمداد القادمة من إيران”، لأن “إيران تريد الاستمرار في لعب دور رئيسي في المنطقة..  يريدون أن يثبتوا أن وكلاءهم يعملون بفعالية ولا يمكن القضاء عليهم بسرعة.. سوف يردون بمواصلة شن هذه الهجمات”.

وكان الجيش الأميركي أعلن، الثلاثاء، مصادرة “أسلحة تقليدية متقدمة” على متن قارب كان متجها إلى الحوثيين، وهو دليل، وفقا للجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، على أن “إيران تواصل شحن المساعدات الفتاكة المتقدمة للحوثيين” خلال هجومهم على السفن التجارية في البحر الأحمر.

ويقول الشوبكي لموقع الحرة إنه “بصرف النظر عن مدى ارتباط حرب غزة بمواقف الحوثيين، يجب أن تبحث الولايات المتحدة جديا في إنهاء العدوان الإسرائيلي على المدنيين في غزة”.

ويوضح أنه “من ناحية أخرى، سوف تستمر في الاحتفاظ بهذا النوع من التصعيد المحسوب، أي أنه رغم تهديد الحوثيين جميع السفن الأميركية، سيكون عنوان المرحلة المقبلة هو التصعيد المحسوب”.

وهذا يعني أنه ” إذا استهدفت سفينة أميركية غدا، سترد القوات الأميركية والبريطانية باستهداف مواقع الحوثيين في اليمن” ويعتقد المحلل أن الخيار الاستراتيجي لواشنطن وطهران “هو عدم الدخول في مواجهة شاملة”. 

ويقول الشوبكي: “التطورات الأخيرة هي بلا شك تصعيد، لكنه تصعيد محسوب”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى