حان الوقت لتمديد عقد ديفيد مويز

يجب على النادي عدم تكرار أخطاء الماضي والإطاحة بأحد أفضل مدربيه على الإطلاق

سيحتاج وستهام إلى مبرر وجيه للغاية لعدم تقديم عقد جديد للمدير الفني للفريق ديفيد مويز مكافأة له على العمل الرائع الذي يقوم به. وإذا تردد النادي في القيام بذلك، فكل ما يتعين عليه القيام به هو التفكير مرة أخرى في الكيفية التي انتهت بها الولاية الأولى للمدير الفني الأسكوتلندي في ملعب لندن. فبدلاً من الحفاظ على استقرار الفريق تحت قيادة مويز، قرر النادي آنذاك إقالة المدير الفني الأسكوتلندي والتعاقد مع التشيلي مانويل بيليغريني ومنحه ميزانية ضخمة لتدعيم صفوف الفريق، ثم انتهى الأمر بإقالته من منصبه بعد 18 شهراً من الاضطرابات التي جعلت الفريق يتراجع للمراكز المؤدية للهبوط لدوري الدرجة الأولى.

عاد مويز إلى وستهام بدلا من بيليغريني، وتمكن من الإبقاء على وستهام في الدوري الإنجليزي الممتاز، وبنى فريقاً يلعب بهوية واضحة، وأنهى الموسمين الماضيين في المركزين السادس والسابع على الترتيب، وقاد النادي للمشاركة في البطولات الأوروبية للمرة الأولى منذ عام 2006. لم تكن الطريق مفروشة بالورود دائما، فقد تراجع مستوى وستهام بشكل كبير في الدوري في عام 2022، على الرغم من وصوله إلى الدور ربع النهائي لبطولة الدوري الأوروبي، وأصبح مستقبل مويز مهددا بشكل خطير. وكان من الممكن إقالة المدير الفني الأسكوتلندي من منصبه لو خسر وستهام أمام فولهام في أبريل (نيسان) الماضي، وكان قطاع عريض من الجمهور يرى أن الوقت قد حان لرحيله. ولم يرق للبعض الطريقة البرغماتية البحتة التي يعتمد عليها مويز، وكانوا يتحينون الفرصة لتوجيه الانتقادات اللاذعة له.

لكن جمهور وستهام يجب أن يدرك حقيقة أن مويز هو الرجل الذي قاد النادي للحصول على أول بطولة منذ 43 عاماً. لقد اندفع المدير الفني الأسكوتلندي بحماس شديد بجوار خط التماس في براغ عندما سجل جارود بوين هدف الفوز في مرمى فيورنتينا في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي في يونيو (حزيران) الماضي، وفي تلك اللحظة رأى البعض أن الوقت قد حان لبناء تمثال لمويز! لكن كان هناك حديث خلال معظم فترات الصيف الماضي عن وجود خلافات بين مويز والرئيس الجديد للجنة التعاقدات في وستهام، تيم ستيدن. وبناء على كل هذا، لم يكن من الغريب خلال الأسابيع الأخيرة أن يكون هناك شعور عام بأن وستهام سيسمح لمويز بالرحيل عندما ينتهي عقده في نهاية الموسم الحالي، خاصة أن ستيدن، الذي كان لاعبا سابقا في باير ليفركوزن، يسعى للبحث في أوروبا عن مدير فني جديد يكرر تجربة المدير الفني الإيطالي الشاب روبرتو دي زيربي في الدوري الإنجليزي الممتاز.

الاستغناء عن مويز تكرار لأخطاء وستهام في الماضي (رويترز)

لكن مويز نجح مؤخراً في قيادة وستهام للوصول إلى دور الستة عشر بالدوري الأوروبي. ونجح الفريق في التغلب على تداعيات رحيل نجمه الأول ديكلان رايس إلى آرسنال في الصيف الماضي، وأعاد مويز بناء الفريق من خلال التعاقد مع إدسون ألفاريز ومحمد قدوس وكونستانتينوس مافروبانوس وجيمس وارد براوز. ودخل وستهام مباراته يوم الثلاثاء الماضي أمام برايتون، التي انتهت بالتعادل السلبي، وهو في المركز السادس في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما حقق فوزين متتاليين بهدفين دون رد على كل من آرسنال ومانشستر يونايتد. وبالتالي، من المنطقي أن يكون النادي على استعداد لتقديم عقد جديد لمدة عامين ونصف لمويز عندما يعقد الطرفان محادثات حول هذا الأمر خلال الشهر الحالي.

لكن الأمر ليس بهذه السهولة، نظرا لأن مويز، الذي تعرض لانتقادات شديدة بسبب إراحته لبعض اللاعبين الأساسيين في المباراة التي خسرها وستهام أمام ليفربول بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد في الدور ربع النهائي لكأس رابطة الأندية الإنجليزية، ربما لا يرغب في تحمل هذا الضغط الهائل من قبل مشجعي وستهام الذين وصفوه بأنه سلبي للغاية. وعلاوة على ذلك، مر أقل من شهر منذ خسارة وستهام أمام فولهام بخماسية نظيفة. في الحقيقة، هناك أوقات يعاني فيها وستهام بشدة في النواحي الهجومية.

لكن هناك أكثر من طريقة للعب، فعندما فاز وستهام على آرسنال، كان من المستحيل ألا تشيد بشدة بالأداء الدفاعي الرائع لوستهام. وخلال الموسم الحالي، فاز وستهام على تشيلسي وتوتنهام وبرايتون وآرسنال، على الرغم من استحواذه على الكرة بنسبة أقل من 30 في المائة. يرى بعض منتقدي مويز أن الحظ قد لعب دوراً كبيراً في فوز وستهام بهذه المباريات، كما لو كان من الممكن تحقيق ذلك دون أن ينفذ اللاعبون المتحمسون خطة تكتيكية ذكية وضعها مدير فني جيد ويمتلك خبرات كبيرة!

وعلى الرغم من أن خطة وستهام تعتمد بشكل كبير على تفوق وارد براوز في الكرات الثابتة، فإن الفريق لديه خيارات وبدائل وخطط أخرى، كما أنه يمتلك لوكاس باكيتا، الذي يعد أحد أفضل اللاعبين في الدوري بأكمله، كما يقدم بوين مستويات رائعة منذ تغيير مركزه وقيامه بمهام هجومية بشكل أكبر. وأظهر قدوس، الذي سيفتقد الفريق كثيراً لأهدافه ومراوغاته أثناء فترة غيابه للمشاركة مع منتخب غانا في نهائيات كأس الأمم الأفريقية، أنه يستحق الـ38 مليون جنيه إسترليني التي دفعها وستهام للتعاقد معه من أياكس.

بطبيعة الحال، يرغب البعض في أن يلعب هؤلاء اللاعبون المميزون تحت قيادة مدير فني يتحلى بعقلية هجومية ولديه القدرة على استغلال القدرات والإمكانات الكاملة لهؤلاء اللاعبين. ويرى من يتبنى وجهة النظر هذه أن مويز ليس مثالياً للقيام بهذا الدور، خاصة أن الفريق تحت قيادته يلعب بشكل ممل في بعض المباريات ويتراجع للخلف بشكل مبالغ فيه، وهو الأمر الذي يجعل المهاجمين يواجهون صعوبات كبيرة وفق هذه الطريقة. وفي نفس الوقت، ينظر المشجعون إلى كرة القدم الجميلة والممتعة التي يقدمها توتنهام تحت قيادة أنغي بوستيكوغلو، وهو المدير الفني الذي تجاهله وستهام في الماضي.

لكن إذا لم يكن هناك مرشح واضح لتولي قيادة الفريق، فليس هناك سبب لعدم استمرار مويز. لقد أشار مويز مرارا إلى أن وستهام لا يملك نفس الإمكانات والموارد التي تملكها الأندية الموجودة في مراكز قريبة منه في جدول ترتيب الدوري، لذا يتعين على الفريق أن يجد طريقة أخرى حتى يكون قادرا على المنافسة. ويشير مويز إلى السنوات التي قضاها في إيفرتون، ويتحدث عن ضرورة تدعيم صفوف الفريق مع مرور الوقت.

في الحقيقة، يذكرنا الوضع الحالي بما حدث في موسم 2014-2015 عندما سمح وستهام برحيل سام ألاردايس بعد نهاية عقده. ومن المعروف للجميع أن حالة الشك وعدم اليقين تؤثر سلبياً في أي فريق. وأشار مويز نفسه إلى أن هذا الأمر قد يؤدي إلى تشتيت انتباه وتركز اللاعبين، لكنه في نفس الوقت يستعد لتقديم أداء قوي في النصف الثاني من الموسم. لكن الخطر الحقيقي ربما يتمثل في تغيير الأجواء قبل فصل الصيف. يُمكن لوستهام أن يقدم عرضاً جديداً لمويز الآن، ثم تتراجع النتائج وتشعر الجماهير بالقلق مرة أخرى! وعلاوة على ذلك، يفتقر الفريق للبدائل والخيارات المناسبة في بعض المراكز الرئيسية. فماذا لو أصيب عدد من اللاعبين الأساسيين وغابوا عن بعض المباريات؟ وماذا لو أنهى الفريق الموسم وهو يحتل مركزا في منتصف جدول الترتيب؟

ومع ذلك، فإن مويز هو أفضل مدير فني لوستهام في عصر الدوري الإنجليزي الممتاز، وقاد الفريق للفوز على أندية كبرى، وحقق نجاحاً كبيراص على المستوى الأوروبي. لقد وصل إلى مكانة أسطورية في تاريخ النادي بعدما قاد وستهام لتحقيق الفوز في براغ، وهو الإنجاز الذي وضعه إلى جانب رون غرينوود وجون ليال في تاريخ النادي. لقد كسب مويز المزيد من الوقت، ولا ينبغي أن يجعله وستهام يرحل إلا إذا كان على يقين تام من أن شخصاً آخر يمكنه القيام بعمل أفضل! ولو سمح وستهام لمويز بالرحيل فإن ذلك سيكون بمثابة مغامرة كبيرة، خاصة أن النادي لا يريد أن يكرر تجربته السابقة مع بيليغريني!

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى