خصوم الصدر يستثمرون غيابه عن الانتخابات ويستكملون هيمنتهم على مقاليد السلطة في العراق

الأخبار "السيئة" بالنسبة للصدر بدأت تتواتر فور انتهاء التصويت، ومن ضمنها فوز ائتلاف المالكي في ست محافظات من بينها بغداد.

أجريت الاثنين في العراق انتخابات مجالس المحافظات بمشاركة فاعلة من القوى السياسية الكبرى المهيمنة على مقاليد السلطة، لاسيما الأحزاب والفصائل الشيعية التي تتجه نحو استكمال هيمنتها على المشهد في غياب غريمها ومنافسها الأهم التيار الصدري الذي يقول مراقبون إنّ زعيمه مقتدى الصدر ارتكب خطأ إستراتيجيا بقراره مقاطعة الانتخابات المحلّية، ما سيؤدّي إلى المزيد من تهميشه في مقابل المزيد من التمكين لخصومه من داخل العائلة السياسية الشيعية التي ينتمي إليها.

وتمكّنت السلطات العراقية من استكمال الاستحقاق الانتخابي رغم ما شابه من عثرات من بينها تعطل الأجهزة الانتخابية الإلكترونية وتسجيل حالات ضغط على الناخبين وشراء أصوات وتواصل الدعاية الانتخابية أمام بعض مراكز الاقتراع، بالإضافة إلى النقيصة الأبرز والمتمثّلة في تواضع نسب المشاركة.

غير أنّه لا يتوقّع أن تؤدي مختلف تلك العثرات والنقائص إلى الطعن قانونا في نتائج الانتخابات بسبب وجود إرادة سياسية قوية من قبل القوى القابضة على مقاليد السلطة لإنجاح المناسبة بأي ثمن طالما حققت لها المزيد من الإنجازات.

وستؤدي الانتخابات حتما إلى غياب مقتدى الصدر وتياره عن الإدارة المحلية للمحافظات بما لها من أهمية قصوى سياسية ومادية، مفسحا المجال أمام القوى المشكّلة للإطار التنسيقي الشيعي ومن ضمنه ائتلاف دولة القانون بقيادة غريمه الكبير رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وفور انتهاء التصويت مساء الاثنين بدأت الأخبار “السيئة” بالنسبة للصدر تتواتر ومن ضمنها فوز ائتلاف المالكي في ست محافظات من بينها بغداد.

وكان التيار الصدري يسيطر قبل الانتخابات على مجالس محافظات كل من النجف وكربلاء والبصرة.

كما حقّق تحالف “نبني” الذي يضمّ ضمن مكوّناته ممثلي الميليشيات الشيعية المشكّلة للحشد الشعبي نتائج إيجابية إذ حلّ ثانيا في المحافظات التي فاز بها تحالف دولة القانون.

وبذلك تكون الانتخابات قد كرّست فشل مقتدى الصدر في استخدام سلاح المقاطعة لتعطيل ماكنة الإطار التنسيقي الذي سبق له أن انتزع منه امتياز تشكيل الحكومة العراقية رغم فوزه بعدد كبير من مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية الماضية.

وأبدى كبار قادة الإطار رضاهم على الانتخابات رغم تواضع نسبة المشاركة التي تفاوتت بشكل كبير من محافظة إلى أخرى وقدرت بما بين سبعة عشر وعشرين في المئة.

وعبّر هادي العامري رئيس تحالف “نبني” عن رضاه على نسبة المشاركة معتبرا أن تدني النسبة يعود إلى بطاقة الناخب التي تمنع حسب رأيه أكثر من ثلث العراقيين الذين يحق لهم الانتخاب من التصويت.

أما المالكي فقد هاجم خصمه الصدر ضمنا قائلا “البعض ما كان يتصور أننا سنصل إلى مثل هذا اليوم وإلى مثل هذه الساعة التي وقفنا فيها أمام صناديق الانتخابات واخترنا من نؤمن بصلاحه وصلاحيته”.

ولم يعكس حماس القوى السياسية لإجراء الانتخابات المحلية النظرة الحقيقية لرجل الشارع  لهذا الاستحقاق الانتخابي، حيث تسود حالة من الإحباط يغذيها عدم الثقة بمسؤولي الدولة بمن فيهم هؤلاء الذين ستفرزهم صناديق الاقتراع كقادة محليين للمحافظات.

وشرح ريناد منصور، الباحث في مركز أبحاث شاتام هاوس، لوكالة فرانس برس أن “نسبة المشاركة هي المقياس النهائي حول مدى الرضى وما إذا كانت سياسة السوداني الشعبوية الاقتصادية وسياسته في منح فرص العمل ناجحة وقادرة على جذب الجيل الجديد أم لا”.

وتتمتع مجالس المحافظات التي أنشئت بعد إسقاط نظام صدام حسين في العام 2003 بصلاحيات واسعة، على رأسها انتخاب المحافظ ووضع ميزانيات في الصحة والنقل والتعليم من خلال تمويلات مخصصة لها في الموازنة العامة التي تعتمد بنسبة تسعين في المئة من إيراداتها على النفط.

لكن معارضي مجالس المحافظات يعتبرونها أوكارا للفساد ومكرّسة للزبائنية.

ورأى منصور أن الانتخابات المحلية فرصة للأحزاب الشيعية الكبيرة “لتعود وتثبت أن لديها قاعدة اجتماعية وشعبية”. وتحدّث عن “منافسة كبيرة داخل البيت الشيعي”، حيث تتسابق مكوّناته المختلفة إلى وضع اليد على مناصب المحافظين.

وكان قد جرى حلّ مجالس المحافظات في العام 2019 تحت ضغط شعبي في أعقاب تظاهرات عارمة شهدتها البلاد. واستهدفت موجة الغضب الشعبي غير المسبوقة الطبقة الحاكمة بقيادة الأحزاب والفصائل الموالية لإيران، لكن المفارقة التي حدثت في الانتخابات التشريعية التي أجريت بعد تلك الموجة أنّ القوى المستهدفة شعبيا عادت إلى الحكم أقوى مما كانت عليه في السابق، وهي بصدد تكريس تلك المفارقة من خلال الانتخابات المحلّية.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى