قد يكون من المحتمل أنك تحدثت إلى نفسك خلال حياتك البالغة، سواء داخلياً أو حتى بصوت عالٍ؛ فهذه الممارسة شائعة بين كثيرين. ومع ذلك، قد تتساءلين هل التحدث مع النفس أمر طبيعي؟ ومتى يكون التحدث مع النفس مرضاً نفسياً؟ وهل يجب علينا أن نمنع أنفسنا من القيام بذلك؟.. إليك الإجابات في الموضوع الآتي:
هل التحدث مع النفس علامة على مرض نفسي؟
تقول الدكتورة لورا إف دابني، وهي معالجة نفسية تمارس عملها في فرجينيا، إنه “من الطبيعي تمامًا أن تتحدثي إلى نفسك”. إنها ليست بالضرورة عادة ستختفي عندما تكبرين أو علامة على مرض عقلي، ولكنها ممارسة أكثر شيوعاً بكثير مما قد يعتقده المرء.
تقول فيرونيكا توجاليفا، مؤلفة كتاب “فن التحدث إلى نفسك”: “في الواقع، نحن جميعاً نفعل ذلك”. قد يبدو الأمر غريباً بعض الشيء إذا كنت تفعلين ذلك أمام أشخاص آخرين، لكنها تقول إننا جميعاً نجري محادثات عقلية معقدة ومتعددة، مما يساعدنا على فهم الأشياء اليومية وتفسيرها.على سبيل المثال، عندما تستعدين للخروج وتقومين بإدراج ما لا يجب أن تنسينه بصوت عالٍ (المفاتيح، والسترة، والحقيبة..) للتأكد من عدم فقدان أي شيء. أو في طريقك إلى المنزل، بعد العمل، عندما تفكرين في نقاش متوتر مع رئيسك.
ووفقاً لها، “هذه ليست مجرد ممارسة عادية ولكنها أساسية، ومن خلال إدراك فضائل هذا الخطاب الداخلي يمكننا تحقيق السعادة والازدهار”.
التحدث مع النفس يمكن أن يكون مفيداً
السماح لنفسك بإجراء محادثات منتظمة مع نفسك يمكن أن يكون صحيًا ومفيدًا، وفقًا لشيري ماكجريجور، مدربة الحياة ومؤلفة كتاب Done With the Crying.
وتقول شيري ماكجريجور، التي تدعم بشكل خاص الآباء الذين قطعوا علاقاتهم مع أطفالهم، إن التحدث إلى نفسك بطريقة إيجابية يمكن أن يساعد أي شخص يمر بهذا النوع من المحنة.
تقول لنا: “أشرح لعملائي ولأولئك الذين يقرأون لي أن التحدث إلى النفس بلطف يمكن أن يكون طريقة جيدة للعناية بنفسك”. يتيح لك ذلك طمأنة نفسك والتركيز على الإيجابيات بدلاً من المخاوف والضغوطات.
في الواقع، في الشدائد نلجأ في أغلب الأحيان إلى أنفسنا. على سبيل المثال، عندما يتعين عليك اتخاذ خيار صعب في سياق حساس أو عندما تواجهين مشاعر قوية، كما يقول إيتامار شاتز، طالب الدكتوراه في اللغويات بجامعة كامبريدج.
تحدثي مع نفسك عن همومك اليومية
وفقًا لشيري ماكجريجور، فإن التحدث إلى النفس يمكن أن يساعدك أيضاً على تذكر المهام التي تحتاجين إلى إنجازها أو حل الصعوبات البسيطة أو المؤقتة.
في المرة القادمة التي تشعرين فيها بالتوتر بشأن التحدث أمام الجمهور، اعترفي بمخاوفك حتى تتمكني من تطوير حلول عملية أو تذكري أنك مستعدة تمامًا. تجنّبي المونولوجات المدمرة التي تقوّض الروح المعنوية ولا تسمح لك بالهروب من همومك.
ووفقاً لإيتامار شاتز، الذي أجرى بحثاً حول هذه التقنية، فمن الممكن تحسين فعالية هذا النوع من الكلام من خلال استخدام أساليب الإبعاد الذاتي التي تتكوّن من مخاطبة النفس بضمير الغائب. “إذا كنت تخشين التحدث أمام الجمهور، فبدلاً من أن تسألي نفسك: “لماذا أنا متوترة للغاية؟”، اسألي نفسك: “لماذا أنتِ متوترة للغاية؟” أو: “لماذا تشعرين بالتوتر الشديد؟”
وتُظهر الدراسات أن التحدث مع النفس يساعدك على فهم الموقف بطريقة أكثر موضوعية على المستوى العاطفي، مما يسمح لك بالتعامل بشكل أفضل مع عواطفك واتخاذ قرارات مدروسة.
تحدثي مع نفسك دون قلق
يرتبط التحدث إلى نفسك باليقظة الذهنية، وهي ممارسة شائعة جدًا هذه الأيام. وفقًا لشيري ماكجريجور، “هذا النهج ضروري لأنه لا يسمح لك فقط بأن تصبحي واعية بأفكارك، بل أيضاً بالطريقة التي تصوغينها داخلياً”.
عندما نمر بالتجارب، ليس من غير المألوف أن تغرقنا أفكارنا في اليأس. ولهذا يُنصح بالاعتياد على التحدث مع النفس بلطف، حتى لو تطلب الأمر جهدًا، تمامًا كما هو الحال في التأمل.
تقول لورا إف دابني: “مع العلم أن الخطابات الموجهة ذاتيًا ليس لها عيوب، فلا يوجد سبب يمنعك من استخدامها بانتظام”. وتوصي باختيار وقت أو مكان مناسب للعمل على ذلك. على سبيل المثال، يمكنك القيام بذلك بعد وقت مرهق من اليوم، وتحديد ما يساعدك أو لا يساعدك على التأقلم أو الشعور بالتحسن.
وتضيف: “من الممكن تقييم فعاليته عقلياً أو الاحتفاظ بمذكرات لمدة أسبوع لتدوين ما يناسبك”.
هل من مخاطر للتحدث مع النفس؟
غالبًا ما نربط الحديث مع أنفسنا بالأمراض العقلية، على الرغم من أنها نادراً ما تكون السبب. ومع ذلك، هناك حالات يمكن أن يكون فيها الحديث مع النفس علامة على وجود اضطراب نفسي.
وفقاً للورا ف. دابني، عندما يكون الحديث الموجّه للذات مصحوبًا بممارسات إيذاء النفس – الضرب أو القطع، على سبيل المثال – فإن ذلك علامة على وجود خطأ ما عاطفياً. ربما يكون هذا هو الحال أيضًا إذا كنت تستخدمين دائمًا نفس التعبيرات أو نفس الصيغ أو نفس الأرقام في حديثك مع نفسك، ويربكك ذلك أو يصعب عليك إيقاف نفسك. في كلتا الحالتين، تحدثي إلى اختصاصي رعاية صحية مؤهل بشكل مناسب والذي سيكون قادراً على إجراء التشخيص الصحيح.
*المصدر: Huffingtonpost
** ملاحظة: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.