قال بعض ممثلي الدول الجزرية الصغيرة، الاثنين، إنهم يرفضون مسودة الاتفاق الحالي المنشور في مؤتمر الأطراف “كوب 28” في دبي لعدم تضمينها لغة واضحة بشأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
وقال وزير الموارد الطبيعية والبيئة في ساموا، تويولسولوسولو سيدريك شوستر، للصحفيين في مؤتمر “كوب 28”: “لن نوقع على شهادات وفاتنا”.
واقترحت مسودة اتفاق مناخ محتمل في قمة “كوب 28″، الاثنين، مجموعة من الخيارات التي يمكن أن تتخذها الدول للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، لكنها أغفلت “التخلص التدريجي” من الوقود الأحفوري الذي طالبت به العديد من الدول.
ومن المنتظر أن يمهد مشروع القرار الطريق لجولة أخيرة من المفاوضات المثيرة للجدل في القمة التي استمرت أسبوعين في دبي، والتي كشفت عن انقسامات دولية عميقة حول ما إذا كان ينبغي أن يكون للنفط والغاز والفحم مكان في مستقبل صديق للمناخ.
ما هي الدول الجزرية الصغيرة؟
الدول الجزرية الصغيرة هي مجموعة دول تقع وسط المحيطات تضم 39 دولة جزرية من ثلاث مناطق هي منطقة البحر الكاريبي، والمحيط الهادئ، وأفريقيا والمحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي (AIS).
وانضمت هذه الدول إلى تحالف يمثلها معروف باسمه المختصر AOSIS، لأن هذه البلدان معرضة بشكل كبير لتأثيرات المناخ بما في ذلك ارتفاع مستوى سطح البحر، وفقا لوكالة “رويترز”.
ووفقا للموقع الرسمي للتحالف، فإن الدول التي تقع في منطقة البحر الكاريبي هم أنتيغوا وبربودا، وجزر البهاما، وبربادوسبربادوس، وبيليز، وكوبا، ودومينيكا، وجمهورية الدومينيكان، وغرينادا، وغيانا، وهايتي، وجامايكا، وسانت كيتس ونيفيس، وسانت لوسيا، وسانت فنسنت وجزر غرينادين، وسورينام ، وترينيداد وتوباغو.
أما جزر منطقة المحيط الهادئ فتضم جزر كوك، وولايات ميكرونيزيا الموحدة، وفيجي، وكيريباتي، وناورو، ونيوي، ووبالا، وبابوا غينيا الجديدة، وجمهورية جزر مارشال، وساموا، وجزر سليمان، وتونجا ، وتوفالو، وفانواتو.
وتتبع منطقة أفريقيا والمحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي عدة دول جزرية هي كابو فيردي، وجزر القمر، وغينيا بيساو، وجزر المالديف، وموريشيوس ، وسان تومي وبرينسيبي، وسيشيل، وسنغافورة، وتيمور الشرقية.
اقتصاد الدول الجزرية؟
ذكرت الأمم المتحدة على موقعها الرسمي أنه تم الاعتراف بالدول الجزرية الصغيرة النامية باعتبارها حالة خاصة بالنسبة لبيئتها وتنميتها في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية الذي عقد عام 1992 في ريو دي جانيرو، البرازيل.
ووفقا للأمم المتحدة، يبلغ إجمالي عدد سكان الدول الجزرية الصغيرة النامية 65 مليون نسمة، أي أقل قليلاً من 1% من سكان العالم، إلا أن هذه المجموعة تواجه تحديات اجتماعية واقتصادية وبيئية فريدة من نوعها.
وتواجه الدول الجزرية الصغيرة النامية مجموعة من التحديات، بما في ذلك جغرافيتها النائية بالنسبة لكثيرين. ونتيجة لذلك، تواجه العديد من الدول الجزرية الصغيرة النامية تكاليف استيراد وتصدير عالية للسلع والبضائع بالإضافة إلى أحجام حركة دولية غير منتظمة. ومع ذلك، يجب عليهم الاعتماد على الأسواق الخارجية للعديد من السلع بسبب قاعدة الموارد الضيقة.
وبالنسبة للدول الجزرية الصغيرة النامية، تبلغ مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة، أي المحيط الخاضع لسيطرتها، في المتوسط 28 ضعف كتلة اليابسة في البلاد.
ولذلك بالنسبة للعديد من الدول الجزرية الصغيرة النامية، فإن غالبية الموارد الطبيعية التي يمكنها الوصول إليها تأتي من المحيطات.
وأوضحت الأمم المتحدة أن عوامل عدة مثل صغر حجم السكان، والبعد عن الأسواق الدولية، وارتفاع تكاليف النقل، والتعرض للصدمات الاقتصادية الخارجية، والنظم الإيكولوجية البرية والبحرية الهشة، تجعل الدول الجزرية الصغيرة النامية معرضة بشكل خاص لفقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ لأنها تفتقر إلى البدائل الاقتصادية.
كيف يؤثر التغير المناخي على الدول الجزرية؟
أشارت الأمم المتحدة إلي أنه لتغير المناخ تأثير ملموس للغاية على الدول الجزرية الصغيرة النامية.
وحولت الأعاصير هارفي وإيرما وماريا ونيت موسم الأعاصير المدارية لعام 2017 إلى واحد من أكثر الأعاصير فتكًا وتدميرًا على الإطلاق، حيث دمرت البنية التحتية للاتصالات والطاقة والنقل والمنازل والمرافق الصحية والمدارس.
وتشكل التغيرات المناخية الآخذة في الظهور حاليا، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، تهديدًا وجوديًا لمجتمعات الجزر الصغيرة، ما يتطلب اتخاذ تدابير جذرية مثل نقل السكان، والتحديات ذات الصلة التي يفرضها ذلك. وتتفاقم هذه التحديات بسبب محدودية القدرات المؤسسية، وندرة الموارد المالية.
ويعد التنوع البيولوجي قضية مهمة بالنسبة لسبل عيش العديد من الدول الجزرية الصغيرة النامية، حيث يمكن أن تشكل صناعات مثل السياحة ومصائد الأسماك أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لاقتصادات الجزر الصغيرة.
ومع ذلك، فإن أهمية هذه الموارد الطبيعية تتجاوز الاقتصاد، إذ يحمل التنوع البيولوجي قيمة جمالية وروحية للعديد من المجتمعات الجزرية. ولقرون عديدة، استفادت هذه المجتمعات من التنوع البيولوجي في شكل إمدادات غذائية، ومياه نظيفة، والحد من تآكل الشواطئ، وتكوين التربة والرمال، والحماية من هبوب العواصف.
والتنوع البيولوجي القوي لا يولد الإيرادات من خلال الصناعات في الدول الجزرية الصغيرة النامية فحسب، بل يساعد أيضا في منع تكبد تكاليف إضافية يمكن أن تنجم عن تغير المناخ، وتآكل التربة، والتلوث، والفيضانات، والكوارث الطبيعية، وغير ذلك من الظواهر المدمرة.
وعلى المستوى الإقليمي، تتلقى الدول الجزرية الصغيرة النامية الدعم أيضًا من المنظمات الحكومية الدولية، وفي المقام الأول الجماعة الكاريبية (CARICOM)، ومنتدى جزر المحيط الهادئ (PIF)، ولجنة المحيط الهندي (IOC).
لماذا تهتم الدول الجزرية بمؤتمر المناخ؟
الجزر الصغيرة المعرضة للأعاصير أو ارتفاع مستوى مياه البحر، غالبا ما تكون أول من يعاني من الآثار الكارثية لتغير المناخ، بحسب وكالة “فرانس برس”.
وبعض هذه الجزر مهددة ببساطة بالاختفاء. ومؤخرًا، أعلنت أستراليا أنها ستوفر تدريجاً اللجوء المناخي لنحو 11 ألف مواطن من توفالو، وهي مجموعة صغيرة من جزر المحيط الهادئ التي يهددها ارتفاع مياه البحر.
وتلعب الدول الجزرية الصغيرة دورا محوريا في الدفع نحو التخلي عن الوقود الأحفوري للحد من ظاهرة الاحترار المناخي في أسرع وقت ممكن في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ “كوب28” المنعقد في دبي. لكن الأزمة تكمن في أنه في المفاوضات الحالية، تسعى بعض الدول الأخرى إلى الاتفاق على “خفض” أقل طموحاً في استخدام الوقود الأحفوري.
والهدف الرئيسي بالنسبة لجزر الصغيرة النامية هو حصر ظاهرة الاحترار المناخي دون 1.5 درجة مئوية”.
وتؤيد هذا التوجه مجموعة من جزر المحيط الهادئ ومنطقة البحر الكاريبي وأماكن أخرى كانت في طليعة الدفع باتجاه سقف أكثر طموحًا لاتفاقية باريس في عام 2015.
ويتعين على هذه الجزر أن تعمل على تحويل هذا الطموح المناخي إلى سياسات ملموسة، وفي دبي، تتمحور المفاوضات على مستقبل الوقود الأحفوري، مع دفع بعض الدول لإدراج هدف “التخلي” عن النفط والغاز والفحم في النص النهائي.
ومع ذلك، فإن بعض البلدان في مجموعة تحالف الدول الجزرية الصغيرة يستغل الوقود الأحفوري مثل ترينيداد وتوباغو أو بابوا غينيا الجديدة التي تستفيد من الحاجة للغاز الطبيعي المسال.
لكن سكان الجزر يريدون من الدول الغنية المنتجة مثل السعوديه أن تكون المبادرة في التوجه نحو التخلي عنه.
المسودة الحالية لـ”كوب 28″؟
أشار تحالف الدول الجزرية الصغيرة (AOSIS)، وهو منظمة حكومية دولية، إلى أن أعضاءه لن يوافقوا على الاتفاقية في شكلها الحالي وانتقد المفاوضات باعتبارها تفتقر إلى الشفافية والشمولية.
وقال شوستر في بيان: “لن نوقع على شهادة وفاتنا. لا يمكننا التوقيع على نص لا يتضمن التزامات قوية بشأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري”.
وحذر المدافعون عن المناخ من أن قمة المناخ “كوب 28″قد تكون على وشك الفشل بعد أن أزالت المسودة الجديدة للاتفاقية الأساسية دعوة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وهو المحرك الرئيسي لأزمة المناخ، بحسب شبكة “سي أن أن”.
وبدلاً من ذلك، استخدمت المسودة، التي تم نشرها، الاثنين، بعد أكثر من ست ساعات من الموعد المتوقع، لغة مخففة بشأن الوقود الأحفوري في تنازل واضح للدول المنتجة للنفط التي عارضت هذا الإجراء.
وتدعو المسودة البلدان إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من التلوث الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحراري، والتي “يمكن” أن تشمل الحد من استهلاك وإنتاج النفط والفحم والغاز. وقد انتقد العديد من خبراء ومراقبي المناخ المسودة بسبب لغتها الغامضة، بما في ذلك استخدام كلمة “يمكن” غير المحددة، والافتقار إلى جداول زمنية محددة، بحسب الشبكة.
وقد حضر أكثر من 100 دولة إلى محادثات دبي لدعم لغة التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، ومن المرجح أن يعبر العديد منها عن معارضته في الجلسات المقبلة. وقد تحاول دول أخرى، مثل السعودية، التي ضغطت ضد إدراج أي إشارة إلى الوقود الأحفوري، تخفيف النص بشكل أكبر.
وإذا لم تحصل المسودة الحالية على دعم واسع النطاق، فقد يحتاج المفاوضون إلى العودة إلى المناقشة.
وتضمنت المسودات السابقة عدة خيارات تدعو الدول إلى التخلص التدريجي من النفط والغاز والفحم الملوث للمناخ، وهو ما قال المراقبون إنه علامة مشجعة على أن اتفاق القمة هذا العام سيكون أقوى من السنوات السابقة.