من المسؤول عن شخصية المراهق المغرور؟
المراهق المغرور.. مشكلة تضر بصحة المراهق النفسية.. ولابد من البحث عن علاج لها.. إذ عادة ما تظهر عندما يبدأ الأب في تكرار كلمات التشجيع والمبالغة في تقدير وحب أبنائه منذ صغرهم؛ بغرض أن يزيد من ثقتهم بأنفسهم، ويُشعرهم بالحب والتميز ويدفعهم للتفوق الدراسي والحياتي كذلك، معتقداً أن هذا الإطراء لا يؤذي، بل على العكس يشعر الابن بالزهو.. وعندما يكبر، شاباً كان أو فتاة، تصبح له مكانته، لكن تأتي أحدث الدراسات في التربية لتؤكد أن الذين يفرطون في المديح لأطفالهم الصغار أو الثناء المبالغ للكبار؛ يقومون بزرع نفسية غير سوية.. ومشاعر مريضة، تتحول بعد ذلك إلى مشكلات نفسية لاحقاً لأبنائهم وبناتهم في مرحلة البلوغ وسنوات المراهقة.
بالتقرير التالي، نتعرف إلى أحدث الدراسات ورأي المختصين، وحدود مدح الآباء.. وتأثير ذلك على الشخصية والصحة النفسية مستقبلاً.. اللقاء مع الدكتورة فاطمة الشناوي، أستاذة الطب النفسي؛ للشرح والتفسير.
مديح وثناء بلا مبرر
بداية قام علماء من جامعة أوهايو، بالولايات المتحدة، وباحثون من جامعة أمستردام بهولندا، بدراسة تتبعوا فيها 565 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين 7و17 عاماً، وذويهم.
وكان هدف الدراسة بشكل أساسي معرفة بداية ظهور الغرور، والفرق بينه وبين الثقة بالنفس، ودور الآباء في غرسه في الطفل منذ البداية حتى يشبّ، وتم طرح أسئلة على الآباء والأبناء تم إعدادها من قبل الأطباء النفسيين.
وفي النهاية، أوضحت التجربة الفرق بين الأبناء الذين يتمتعون بالثقة في النفس والآخرين المغرورين، وظهر أن الأبناء الواثقين من أنفسهم راضون عن أنفسهم، ولديهم تقدير جيد لذاتهم.
والذين يعانون من النرجسية والغرور لديهم اعتقاد تام بأنهم أفضل من أقرانهم، وأنهم أكثر تميزاً، ويستحقون قدراً أكبر من التقدير، وسجلوا جميعاً نتائج أعلى في الاختبارات النفسية للغرور والنرجسية.
ومن تفسير الدراسة والتحليل، اتضح أن الأطفال بصفة عامة يصدقون آباءهم بطبيعة الحال، ويعتقدون اعتقاداً راسخاً بأنهم أفضل من زملائهم، واتفاقهم جميعاً على حب ذويهم لهم، وعدم افتقادهم مشاعر الحنان والاهتمام.
كما أوضحت الدراسة في النهاية أن الأمر بسيط؛ حيث يجب على الآباء بطبيعة الحال تشجيع الأبناء، ولكن دون استخدام ألفاظ مثل: «أفضل» أو «أكثر قدرة» أو «أكثر تميزاً»، وهو الخطأ الذي يقع فيه جميع الآباء.
صفات المراهق المغرور
الآثار النفسية للغرور.. تظهر بوضوح عند تطور مشاعر الغرور والنرجسية إلى الحد المرضي، وتتم بدافع إرضاء هذا الغرور، مثل:
-
لديه حالات هوس التملك والسيطرة على الآخرين، أو انعدام الثقة والمحبة تجاه المجتمع، وفي بعض الحالات قد يصل الأمر لمستوى المرض النفسي.
-
غالباً ما يتحدث المراهق المغرور عن نفسه باستمرار، عن نجاحاته وقدراته ومهاراته وصفاته، للأشخاص الآخرين، صغاراً وكباراً.
-
يتحدث عن نفسه معتقداً أنه مركز الحياة، والشخص الأكثر أهمية وتأثيراً في محيطه، ولا شيء يستحق الحديث عنه سوى نفسه.
-
الشاب أو الفتاة المغرورة لا يرغبان بسماع الانتقادات من أحد، ويلاقيان أي انتقاد لسلوكهما وتصرفاتهما بالانزعاج والرفض إلى حد العداوة والحقد.
-
الشاب المراهق لا يرغب بسماع شيء من الآخرين سوى الإطراء، ويرى أنه ليس من حق أحد انتقاد أي صفة في شخصيته، بينما يعطي لنفسه الحق في تقييم الآخرين.
-
بسبب كل هذه التصرفات.. لا تجد المراهقة المغرورة أو الشاب المغرور كثيراً من الترحاب والتجاوب من قبل الآخرين، ما ينتج عنه من وحدة وانعزال.
-
ومن الغريب أن هذا المراهق المغرور يبدو ضعيف الثقة بنفسه، فهو أساساً لا يدرك حجمها الحقيقي كونه مغروراً أو مخدوعاً بها، وبالتالي سوف يتعرض للكثير من المواقف المحرجة.
-
وتكرار المواقف السلبية تجاه المراهق.. ستؤدي لإضعاف ثقته بنفسه، ما يجعله يلجأ إلى المبالغة في محبة ذاته وتقديرها؛ هرباً من الواقع وتعويضاً عن هذا النقص.. وهو ما يحدث للمراهقة المغرورة أيضاً.
خطوات لعلاج الشخصية المغرورة
-
وهنا يؤكد علماء التربية والطب النفسي، كما تقول الدكتورة فاطمة، أن الغرور سلوك سيئ نتيجة لمغالاة الأب في مدح ابنه ومبالغته في إطراء كل تصرف يقوم به.
-
وهو للأسف ينتشر بين الأطفال والمراهقين، وهو سلوك يضر بتطور شخصية الطفل والمراهق معاً وعلاقاتهما الاجتماعية، رغم أن الإنسان لا يولد مغروراً.
-
وللعلاج.. هيا حددي المشكلة، ناقشي ابنك المراهق في سلوكه، واجعليه طرفاً في البحث عن علاج لهذا السلوك، فمن الضروري أن يشعر بأنكِ تشاركينه في حل المشكلة ولا تعادينه بسببها.
-
حددي مصدر هذا السلوك.. غالباً ما يكون مصدر التصرف بغرور لدى المراهق أو المراهقة هو الإحساس بقلة التقدير، والتي يترجمها بمحاولات مستمرة لإثارة إعجاب زملائه.. وربما كسبهم لصفه.
-
اشرحي لفتاتك عواقب سلوكها عليها -ذاتها- وعلى الآخرين، حاوريها حول شعورها تجاه صديقتها المفضلة إذا تصرفت معها بغرور، فأنتِ بذلك تقربين لها الصورة لمشاعر الآخرين تجاه سلوكها.
-
ركزي على بناء شخصية المراهق، وليس على إنجازاته، وجّهي اهتمامك للثناء على صبره ومثابرته في تحقيق أهدافه، أو على طيبته وإحسانه إلى الآخرين.. وامدحي أصدقاءه، وشجعيه على الاعتراف بمميزاتهم وإنجازاتهم وصفاتهم الإيجابية، وعوّديه على تقدير الآخرين.