تمضي دبي بخطى سريعة لتكون أول مدينة بالعالم تقدم خدمات التاكسي الجوي ذاتي القيادة في إطار تطوير حلول التنقل المستدام.
وتهدف خدمة التاكسي الجوي أو الطائر إلى الحد من الانبعاثات الكربونية عبر بنية تحتية متطورة تشمل إنشاء محطات عمودية مزودة بأحدث التقنيات والطرز الجديدة من الطائرات الكهربائية، فضلاً عن توفير التجهيزات اللازمة لشحن الطائرات وإدارة البيانات وكذلك التحكم في أنظمة الأمن والسلامة.
وقد شهدت الدورة الـ 18 لمعرض دبي للطيران التي عقدت خلال الفترة من 13 إلى 17 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي في دبي وورلد سنترال (DWC)، تحت شعار “مستقبل قطاع الطيران”، إطلاق جناح جديد مخصص لقطاع حلول النقل الجوي ذاتي القيادة، حيث أُتيح لأبرز الجهات الفاعلة في القطاع على المستويين الإقليمي والعالمي استكشاف تقنيات الطيران المستدام المستقبلية التي سيكون لها تأثير بارز على قطاع السفر،
ومن المخطط أن تبدأ مركبات التاكسي الجوي بالتحليق في سماء دبي في غضون ثلاث سنوات، مع اعتماد خطط تطوير محطات التاكسي الجوي كجزء من البنية التحتية لشبكة التنقل الجوي في دبي لتسهيل طريقة تنقل الأفراد عبر المناطق الحضرية بشكل آمن وسلس ومستدام.
وفي هذا الصدد، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في دولة الإمارات ومشروع محمد بن راشد للطيران في دبي الجنوب عن توقيع اتفاقية لإنشاء أول مركز متكامل لحلول النقل الجوي ذاتي القيادة في دبي، بهدف إطلاق أول عملية إصدار شهادة اعتماد لمطار عمودي في العالم كجزء من تطوير المشروع، ما من شأنه أن يساعد في تعزيز نمو القطاع على المستوى الدولي، وهو ما يؤكد على مكانة دبي الرائدة في هذا المجال على المستوى العالمي.
ووفقا لتصريحات مطر الطاير، المدير العام ورئيس مجلس المديرين في هيئة الطرق والمواصلات، فإنه عملاً بتوجيهات القيادة الرشيدة، بتعزيز التنقل المستدام والمبتكر في جميع وسائط النقل العام والتنقل المشترك، ومواكبة المتغيرات المتسارعة التي يعيشها العالم، والعمل على وضع الحلول المستقبلية للتحديات بكل أنواعها، فإن دبي تسعى من خلال إطلاق التاكسي الجوي إلى تقديم خدمة تنقل مستدام جديدة، باستخدام تكنولوجيا رائدة ومبتكرة تُسَهّل نقل الأفراد في المناطق الحضرية بشكل آمن وانسيابي ومستدام ومتكامل مع شبكة المواصلات العامة في دبي بما يتماشى مع مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية D33 بترسيخ موقع دبي ضمن أفضل 3 مدن عالمية، وتعزيز ريادة دبي العالمية في مجال التنقل ذاتي القيادة، من خلال تشغيل أنماط مختلفة من المركبات ذاتية القيادة، والتاكسي الجوي، ووسائل النقل البحرية، بهدف تحقيق استراتيجية دبي للتنقل الذكي ذاتي القيادة، الرامية لتحويل 25% من إجمالي رحلات التنقل في دبي إلى رحلات ذاتية القيادة عبر وسائل المواصلات المختلفة بحلول عام 2030.
ومن المقرر، وفقا لوكالة أنباء الإمارات “وام” أن يتم توفير خدمة التاكسي الجوي على مرحلتين أساسيتين، الأولى، اختيار التقنيات المطلوبة وفق أرقى المعايير العالمية، والشريك التقني المناسب من خلال المقارنة بين أفضل الشركات من حيث التقنيات المستخدمة في هذا النوع من حلول النقل المستدام فائق التطوّر، والخطة الزمنية لاعتماده ولتنفيذه، وتشمل أربعة محاور رئيسة هي: التفاوض التفصيلي مع العديد من الشركات والمؤسسات العاملة في هذا المجال، وتوقيع الاتفاقيات التجارية، وإنشاء شركات محلية لممارسة الأعمال المطلوبة بهذا الخصوص، وتطوير البنية التحتية والإطلاق الفعلي للخدمة، فيما تتضمن المرحلة الثانية اختيار الشريك للاستثمار في البنية التحتية الضرورية لإطلاق عمليات تشغيل التاكسي الجوي في دبي، حيث يجري حالياً، التفاوض التجاري مع أفضل المستثمرين المتخصصين على المستوى العالمي لتطوير البنية التحتية الضرورية في مجال التنقل الجوي.
وتكفل إمارة دبي كافة الإمكانات لإنجاح خدمة التاكسي الجوي، وذلك بفضل توفر البنية التحتية اللازمة لهذا التطور حيث تتوفر مهابط عمودية، لهذا الغرض في مطار دبي الدولي، ونخلة جميرا، ودبي مارينا، وداون تاون، والتي ستكون من أحدث شبكات الإقلاع والهبوط العمودي، إضافة إلى التنسيق الحكومي والتشريعات والقوانين المرنة المنظمة، ووجود الطلب القوي على الخدمة.
وتتميّز مركبات التاكسي الجوي بإمكانية الإقلاع والهبوط العمودي، وهي مركبات مستدامة صديقة للبيئة، تعمل بالطاقة الكهربائية، ولا تتسبب بأية انبعاثات بيئية، كما تمتاز بالأمان والراحة والسرعة، وروعي في تصنيعها الاستعانة بأحدث ما توصلت إليه التقنيات الحديثة في هذا المجال على مستوى العالم، ويصل مداها إلى 241.4 كيلومتر كحد أقصى، وسرعتها القصوى تبلغ 300 كيلو متر في الساعة، وطاقتها الاستيعابية تتسع لأربعة ركاب إضافة إلى قائد التاكسي الجوي.
ومن المتوقع أن يسهم مشروع “التاكسي الجوي” في انخفاض زمن الرحلة من مطار دبي الدولي إلى نخلة جميرا من 46 دقيقة إلى ست دقائق، فضلاً عن أنه يقلل من الازدحام على الطرق، فيما يسهم المشروع في تحقيق صفر انبعاثات كربونية ومواجهة التحديات البيئية.
ويعد نشر مركبات التاكسي الجوي جزءاً من أجندة دبي لتبني أحدث الابتكارات في مجال حلول النقل المستدام، عبر سلسلة من المشاريع ذات الطابع المستقبلي بأرقى المواصفات العالمية والمراعية في الوقت ذاته للبعد البيئي الذي يشكل أولوية مهمة تعزيزاً لريادة دبي كنموذج تنموي يرتكز على فكر متطور يضع راحة الناس وسعادتهم وسلامة البيئة والحفاظ عليها في مقدمة الأولويات.
جدير بالذكر أن التوقعات تشير إلى أن الأعوام القليلة المقبلة ستشهد تحوّلا كبيراً في قطاع حلول النقل الجوي ذاتي القيادة، إذ ان الأساليب الجديدة والمبتكرة في مجال النقل الجوي تساهم في تطوير مستقبل القطاع بوتيرة متسارعة؛ ومن المتوقع أن تبلغ القيمة السوقية العالمية للقطاع 16.81 مليار دولار في عام 2025، وأن تصل إلى 110.02 مليار دولار في عام 2035، لتسجل معدل نمو سنوي مركب بنسبة 21.7%، ويرافق هذا النمو المطرد تطوير مجموعة كبيرة من الحلول المبتكرة للشحن والسفر جواً، إلى جانب تطوير مجموعة من اللوائح التنظيمية والموارد والبنية التحتية.
وفي خطوة مهمة لتفعيل منظمة التاكسي الجوي، أعلنت شركة “جال أمرُك” الإماراتية الرائدة عالمياً والمتخصصة في مجال تقديم خدمات الصيانة والإصلاح والعَمرة العسكرية (MRO)، عن توقيع مذكرة تفاهم مع شركة آرتشر للطيران العاملة في مجال طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية. وتؤكد مذكرة التفاهم على بذل جهود مشتركة لإطلاق خدمة التاكسي الجوي الكهربائي باستخدام طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية “آرتشر ميدنايت”، في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة على نطاق أوسع، على أن يتم البدء بها في عام 2026.
وتهدف شركة “آرتشر” إلى إحداث تحول في مجال النقل الجوي المدني، واستبدال الرحلات التي تستغرق من 60 إلى 90 دقيقة بالسيارة برحلات طيران كهربائية تستغرق مدة تتراوح من 10 إلى 20 دقيقة، وهي رحلات آمنة ومستدامة ومنخفضة الضوضاء وتنافسية من حيث التكلفة مع النقل البري.