تسارع الشركات الأجنبية لتحديد مواقع مقراتها الإقليمية في السعودية، قبل موعد نهائي، مقرر في يناير/كانون الثاني، رغم عدم وضوح بشأن اللوائح والضرائب والحوافز المحتملة لهذه الخطوة.
ونقلت وكالة “رويترز”، عن مسؤولين تنفيذيين بارزين لشركات أجنبية عالمية، شاركوا في المناقشات، أن بعض الشركات اشتكت من أن الحكومة ما زال يتعين عليها توضيح اللوائح الرئيسية المتعلقة بالبرنامج، وتتضمن الضرائب وإمكانية أن يكون لها مقر إقليمي ثانٍ في دول الشرق الأوسط خارج الخليج.
وقال مسؤول تنفيذي غربي (طلب عدم الكشف عن هويته): “النشاط الاقتصادي لا يروقه عدم اليقين والغموض الذي هناك الكثير منه حالياً”.
ورغم هذه المخاوف، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إن الموعد النهائي الذي تقرر في 2021 سينفذ”.
وتسعى الحكومة لتهدئة مخاوف المستثمرين، حتى تنافس مع الإمارات كمركز أعمال إقليمي.
وأضاف الجدعان، الأربعاء الماضي: “ما نقوله هو أن الشركات التي تعتقد أن هذا البلد يمنحها عوائد كافية… مرحب بها”.
وتابع: نحمل تعليقات المستثمرين محمل الجد، لأنه يتعين أن يثق بك المستثمرون ويشعروا أنك شريك لفترة طويلة، ونريد أن نكون شريكا لفترة طويلة”.
وقال مسؤول كبير في صندوق “الاستثمارات العامة” السيادي السعودي، البالغة أصوله 700 مليار دولار، إن هناك شرطاً أولياً سيفرض على مديري الأصول بأن يكون لديهم أشخاص على الأرض، إذا أرادوا الحصول على أموال من الصندوق.
وجاءت مهلة مقرات الشركات كضربة موجهة لدبي، المركز التجاري والمالي لدولة الإمارات التي أقامت اقتصادها على سمعتها الانفتاحية للأعمال والإغراء بنمط حياة مترف للمغتربين الأثرياء.
ويمضي جميع مصدري النفط والغاز في منطقة الخليج قُدُما في خطط التنويع الاقتصادي استعداداً لمستقبل ما بعد النفط، مما يدفعهم إلى التنافس على النفوذ ورأس المال الأجنبي، فضلا عن المواهب البشرية.
وتمضي المملكة على درب “رؤية 2030″، وهي مبادرة أطلقها ولي العهد السعودي الحاكم الفعلي للمملكة الأمير محمد بن سلمان، وتتضمن بناء مدن ضخمة وفتح الدولة المحافظة أمام السياحة وتطوير القطاع الصناعي. والمقرات الإقليمية جزء من هذه الخطة.
لكن مدير تنفيذي في شركة أجنبية، قال إن الطلب هو “لي الذراع” مع تقديم حوافز قليلة.
وواجه المسؤولون التنفيذيون في شركات أخرى تحديات مماثلة.
وأعلنت السعودية في فبراير/شباط 2021، عن خطط لوقف التعاقد مع الشركات التي لا يقع مقرها الإقليمي في المملكة بحلول الأول من يناير/كانون الثاني 2024، للمساعدة في خلق فرص عمل محلية لخطط التنويع الاقتصادي الطموح وفي ظل تنامي المنافسة الإقليمية.
ويشمل ذلك أي تعاقدات مع الهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة للحكومة، أو أحد أجهزتها، لكنها أصدرت بعض الاستثناءات، مؤخراً، منها العقود التي لا تتجاوز تكلفتها التقديرية مبلغ مليون ريال (266.5 مليون دولار) أو التي تنفذ خارج المملكة، أو عدم وجود أكثر من متنافس مؤهل من غير الشركات التي ليس لها مقر إقليمي في المملكة لتنفيذ الأعمال أو تأمين المشتريات المطلوبة، أو وجود حالة طارئة لا يمكن التعامل معها إلا من خلال دعوة الشركات التي ليس لها مقر إقليمي في المملكة.
وقد تغامر الشركات بخسارة مئات المليارات من الدولارات في العقود الحكومية في السعودية إذا كان مقرها الإقليمي يقع في مكان آخر.
وكان عدد الشركات العالمية التي افتتحت مقرات إقليمية لها في الرياض وصل إلى 80 شركة حتى مطلع هذا العام، ارتفاعاً من 44 شركة، مثلت الدفعة الأولى من الشركات التي اتخذت من العاصمة السعودية مقراً إقليمياً لها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق تصريحات سابقة لوزير الاستثمار السعودي خالد الفالح.
وتعد إحدى أبرز أهداف سياسة المملكة لنقل المقرات الإقليمية للشركات الكبرى إلى أراضيها، هو دفع تلك الشركات إلى إعادة استثمار بعض أرباحها في المجتمع، وكذلك تدريب ونقل المعرفة إلى السكان المحليين، وتقدم الرياض لتلك الشركات حوافز خاصة مقابل توظيف السعوديين، فالمملكة لا تريد أن تكون مثل الإمارات، التي بات عدد المغتربين فيها يمثل 90% من السكان.
وما سبق، يخلق تحديا أمام السعودية لإجراء مزيد من الإصلاحات والاستثمار في التعليم وزيادة مهارات المواطنين لتأهيلهم للتوظيف في تلك الشركات العالمية التي تريد الرياض أن تأتي وتفتح مقراتها الإقليمية على أراضي المملكة.
ولكن الحكومة السعودية، لم تنشر حتى الآن سوى مجموعة مختصرة من اللوائح، بما في ذلك أن المقر الرئيسي يجب أن يضم 15 موظفاً على الأقل، منهم 3 على الأقل على مستوى المديرين التنفيذيين ونواب الرئيس.
وقال المسؤول التنفيذي الغربي، إن ما يعنيه هذا بالنسبة للترتيبات الضريبية للشركة لم يتضح بعد.
وفي الوقت نفسه، وضع هذا البنوك في حيرة بشأن ما إذا كانت اللوائح تنطبق على المؤسسات المالية، حسبما قال مصرفي مقيم في الخليج.
وعندما تم الكشف عن الخطة لأول مرة أعلنت وزارة الاستثمار عن إعفاء من ضريبة الشركات لمدة 50 عاماً، وإعفاء من الحصص الإلزامية لتوظيف السعوديين لمدة عشر سنوات على الأقل، ومزايا تفضيلية محتملة في مناقصات وعقود الجهات الحكومية.
ولم يتضح ما إذا كانت هذه الحوافز قد تم تحديدها، كما لم ترد وزارة الاستثمار على عدة طلبات للتعليق.
وعلى الرغم من الارتباك فإن وتيرة التغيير في السعودية والأعمال الحكومية المربحة المتاحة جذابة جداً، لدرجة لا يمكن تفويتها، حسبما قال العديد من المديرين التنفيذيين للشركات في مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” هذا الأسبوع.
ومن بين الشركات التي شاركت في برنامج المقر الإقليمي “بيكر هيوز”، و”بيبسيكو”، و”فيليبس”، وفقاً للموقع الإلكتروني لوزارة الاستثمار.
وعلى الرغم من الارتباك فإن وتيرة التغيير في السعودية والأعمال الحكومية المربحة المتاحة جذابة جدا لدرجة لا يمكن تفويتها، حسبما قال العديد من المديرين التنفيذيين للشركات في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار هذا الأسبوع.
ومن بين الشركات التي شاركت في برنامج المقر الإقليمي «بيكر هيوز» و»بيبسيكو» و»فيليبس»، وفقاً للموقع الإلكتروني لوزارة الاستثمار.
وقال العضو المنتدب بشركة “هايبريدج” للاستشارات عادل حمايزية، إن الشركات التي تلتزم بهذه الخطوة ستحصل بلا شك على مزايا ملموسة مقابل جهودها.
وأضاف: “إذا تحركت الشركات الملتزمة ولم تتم مكافأتها، فمن المرجح أن نشهد مع مرور بعض الوقت إعادة النظر في المسار اعتماداً على القطاع والمكانة السعودية التي تتناسب مع حصة أعمالها”.
يشار إلى أنه في عام 2021، استضافت السعودية أقل من 5% من مقار الشركات الإقليمية، في تناقض صارخ مع الإمارات، التي تستضيف حاليًا المقر الإقليمي لـ76% من الشركات المدرجة في قائمة “فوربس” الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي للإمارات هو نصف حجم السعودية، فقد تلقت أبوظبي المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر منذ عام 2013.
وهذا التفضيل التجاري غير المتوازن لصالح الإمارات يرجع في المقام الأول إلى سهولة ممارسة الأعمال التجارية في الدولة وسياساتها الاجتماعية الليبرالية، التي ناشدت المغتربين، وهو ما فطنت إليه السعودية، وبدأت في تغييرات ديناميكية لتوليد منافسة مع الدولة الخليجية الأخرى، وهي منافسة في مجملها جيدة للمنطقة ومستقبل الأعمال فيها.
متابعات