تكتسب عملية احتجاز وتخزين واستخدام انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، بدلا من السماح لها بالدخول إلى الغلاف الجوي، زخما في بعض أجزاء منطقة الخليج العربي، ولكن يتم استخدامها أيضا لإنتاج مزيد من النفط، بحسب تقرير لسيباستيان كاستيلير في موقع “المونيتور” الأمريكي (Al Monitor).
كاستيلير أوضح، في التقرير الذي ترجمه “الخليج الجديد”، أن هذه العملية “هي أيضا الأداة الضرورية لإعادة تسمية الهيدروجين المنتج من الوقود الأحفوري من الأزرق إلى الرمادي”.
وتابع أن “هذه الخطوة تعد جزءا من حملة أوسع نطاقا من جانب دول الخليج للتركيز على إدارة الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بدلا من اتباع دعوات الدول الغربية للتخلص من الوقود الأحفوري (النفط والغاز الطبيعي)”.
وفي أوائل سبتمبر/ أيلول الجاري، أعطت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، المملوكة للدولة، الضوء الأخضر لخطة بناء أحد أكبر مشاريع احتجاز الكربون في الشرق الأوسط، بحسب كاستيلير.
وأوضح أن مشروع “حبشان” سيعمل على التقاط وتخزين 1.5 مليون طن من الكربون سنويا في التكوينات الجيولوجية تحت الأرض” مما يرفع قدرة “أدنوك” على التقاط الكربون إلى 2.3 مليون طن سنويا، فيما تطلق الدولة الخليجية نحو 194 مليون طن سنويا من الغازات الدفيئة، وفقا لقاعدة بيانات الانبعاثات التابعة للمفوضية الأوروبية.
ويمكن أيضا إعادة تدوير الكربون المحتجز إلى منتجات جديدة، مثل البلاستيك والمشروبات الغازية والوقود الاصطناعي والأعلاف الحيوانية ومواد البناء، ومع ذلك، لا يزال المنتقدون متشككين في أن جزيئات الكربون ستنطلق في النهاية إلى الغلاف الجوي عند حرق الوقود الاصطناعي والمواد البلاستيكية، كما أردف كاستيلير.
صافي الصفر
وبحسب واثق العراجي، خبير احتجاز واستخدام والكروبن في الإمارات، فإن أبوظبي تريد أن “تُظهر للمجتمع العالمي صافي الصفر (بالنسبة للانبعاثات) ليس مجرد أحاديث، بل إنها تضع هذه المشاريع موضع التنفيذ بالفعل”.
وستستضيف الإمارات في دبي قمة الأمم المتحدة السنوية للمناخ “كوب 28” (COP28)، بين 30 نوفمبر/ تشرين الثاني و12 ديسمبر/ كانون الأول المقبلين، وقد تعهدت أبو ظبي بالوصول إلى “صافي الصفر” بحلول 2050.
وتابع العراجي أنه يوجد “زخم أكبر بكثير” لاحتجاز الكربون في السعودية وقطر والإمارات خلال السنوات الأخيرة، بينما توجد في الكويت والبحرين وعمان فجوة بين مناقشتها (المشاريع) وتنفيذها”.
وأظهرت بيانات لوكالة الطاقة الدولية أن منطقة مجلس التعاون الخليجي لديها 13 مشروعا لالتقاط وتخزين الكربون مخطط لها أو قيد التشغيل حتى مارس/آذار الماضي. ويقدر إجمالي قدرة الاحتجاز السنوية بنحو 20 مليون طن من الكربون، وفقا لكاستيلير.
وأوضح أن ذلك يمثل حوالي 1.8% من الانبعاثات الجماعية السنوية لدول مجلس التعاون الخليجي من الكربون، والتي بلغت نحو 1.1 مليار طن في 2021.
ولفت إلى أن “هذا الرقم لا يشمل الكميات الهائلة من الكربون المنبعثة في الغلاف الجوي عند استخدام الوقود الأحفوري الذي توفره شركات الطاقة الخليجية للأسواق الاستهلاكية”.
أشجار المانجروف
و”احتجاز الكربون قبل أن تطلقه الصناعات يساعد في الحد من الانبعاثات الحالية، لكنه لا يعالج الانبعاثات التاريخية التي تعمل بالفعل على تسخين الغلاف الجوي للأرض”، كما أضاف كاستيلير.
وأفاد بأن “المعدل السنوي لزيادة الكربون في الغلاف الجوي أسرع بنحو 100 مرة منذ ستينيات القرن الماضي (…) وتشير التقديرات إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي أطلقت حوالي 30 مليار طن من الكربون في الغلاف الجوي، ما يمثل حوالي 1.7% من الانبعاثات التاريخية العالمية”.
ولفت إلى أن “العديد من دول الخليج تزرع أشجار المانجروف لسحب الكربون من الهواء، إذ تتميز هذه الأشجار الساحلية بكفاءة أكبر بخمسة أضعاف في عزل الكربون مقارنة بالغابات البرية”.
استخلاص معزز للنفط
وغالبا ما توصف عملية احتجاز الكرون بأنها “مثيرة للجدل”، إذ يستخدمها منتجو الوقود الأحفوري لزيادة كمية النفط التي يمكن استخراجها، كما زاد كاستيلير.
وبيّن أن هذه العملية تُسمى “الاستخلاص المعزز للنفط”، أي حقن الكربون في حقل النفط لتشكيل ضغط يساعد في استخراج 30% إلى 60% إضافية من النفط الموجود في الحقل.
وفي جميع أنحاء منطقة الخليج، يهدف ما لا يقل عن ثلث مشاريع تكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون إلى استخدامه من أجل “الاستخلاص المعزز للنفط”، أي المساهمة في انبعاث المزيد من الكربون، وفقا لكاستيلير.
وقال العراجي إن دورة حياة انبعاثات الكربون الناجمة عن البراميل المنتجة من “الاستخلاص المعزز للنفط” أقل من دورة حياة تلك التي يتم الحصول عليها من استخراج النفط من الحقول من دون حقنها بالكروبون.
متابعات