كشف صندوق النقد الدولي، أن دول الخليج تعتبر أكبر مصدر للتحويلات المالية في العالم، كنسبة من ناتجها المحلي الإجمالي.
وقال تقرير نشرته مدونة الصندوق، إن دول مجلس التعاون الخليجي ثاني أكبر مصدر للتحويلات المالية بالدولار، ولكنها المصدر الأكبر على الإطلاق عندما يتم قياس التحويلات كنسبة من ناتجها المحلي الإجمالي.
وغالباً ما تتجاوز نسبة العمال الأجانب في الخليج 70% من السكان.
وتعد السعودية والإمارات مصدرين كبيرين للتحويلات المالية لجنوب آسيا وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا.
ومع ذلك، فإن نمو التحويلات المالية من هذه المنطقة يمكن أن يتغير.
إذ بدأت حكومات الخليج في توظيف عدد أقل من العمال الأجانب كجزء من حملة توطين مواطنيها في الوظائف التي كان يشغلها المهاجرون الأجانب، عدا عن أن البلدان الخليجية تعمل على تنويع توظيف العمال الأجانب، مستهدفة القادمين من أفريقيا وآسيا الوسطى.
وحسب بيانات صندوق النقد من المرجح أن تصل قيمة التحويلات المالية في العالم خلال العام الجاري نحو 840 مليار دولار، مقابل 831 ملياراً مسجلة العام الماضي حسب التقديرات، و791 ملياراً في 2021.
والواقع أن قيمة التحويلات المالية تبلغ أكثر من ذلك لأن العديد من الأشخاص يرسلون الأموال عبر قنوات غير رسمية لا ترصدها الإحصاءات الرسمية.
وفي مصر، لفت الصندوق إلى أن عائدات التحويلات المالية أكبر من إيرادات قناة السويس، وفي سريلانكا تتجاوز صادرات الشاي؛ وفي المغرب أكبر من عائدات السياحة.
من جانبها، تعتبر الهند أكبر مستقبل للتحويلات المالية في العالم، حتى أصبحت أول دولة تتلقى أكثر من 100 مليار دولار من التحويلات السنوية.
كما تعد المكسيك والصين والفيلبين أيضا من كبار المستفيدين.
أما بالنسبة للبلدان الصغيرة أو تلك التي تعاني من الصراعات، فإن هذه التحويلات تعتبر حيوية بشكل خاص.
وتبلغ قيمة الأموال الآتية من المهاجرين أكثر من خمس الناتج المحلي الإجمالي في طاجيكستان، ولبنان، ونيبال، وهندوراس، وغامبيا، وعشرات البلدان الأخرى.
وفي أوقات الأزمات، توافر التحويلات المالية شريان الحياة المالي.
وعادة ما يزيد العمال المهاجرون المبالغ التي يرسلونها إلى أوطانهم في أعقاب كارثة طبيعية، على سبيل المثال، حتى يتمكن أقاربهم المنكوبون من شراء الطعام أو دفع تكاليف المأوى.
وغالباً ما تكون التحويلات مستقرة حتى لو وقع بلد المصدر في أزمة.
وخلال المراحل الأولى من تفشي فيروس كورونا، في عام 2020، على سبيل المثال، انخفضت التحويلات المالية بنسبة 1.1% فقط، في عام تقلص فيه الدخل العالمي بنسبة 3%.
ولعب العمال المهاجرون دوراً محورياً في الاقتصاد خلال أزمة (كوفيد-19) سواء كأطباء وممرضين من ذوي المهارات العالية أو كعمال توصيل في الخطوط الأمامية.
وانتعشت التحويلات بقوة ونمت بنسبة 20% تقريباً في الفترة 2021- 2022.
وحسب التقرير، تعتبر الولايات المتحدة أكبر بلد مصدر للتحويلات المالية، وخاصة لأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
ووأدت الضوابط الحدودية الأكثر صرامة إلى محاصرة أعداد متزايدة من المهاجرين في بلدان العبور، بما في ذلك المكسيك وغواتيمالا.
وكانت النتيجة المفاجئة هي زيادة تدفقات التحويلات المالية إلى بلدان العبور، حيث يتلقى المهاجرون الذين تقطعت بهم السبل الأموال من أقاربهم.
وهناك قصة مماثلة على حدود أوروبا، حيث يذهب المزيد من التحويلات المالية إلى المهاجرين في المغرب وتونس وتركيا، على سبيل المثال، ولهذه التدفقات تأثير إيجابي على الاقتصادات المضيفة.
كما تعد روسيا مصدراً كبيراً آخر للتحويلات المالية.
وبعد غزو أوكرانيا في عام 2022، ارتفعت التحويلات المالية إلى آسيا الوسطى بشكل حاد، ما أربك التوقعات، خاصة بعد العقوبات المفروضة عبر نظام الدفع سويفت.
وكان هذا الارتفاع نابعاً من ارتفاع أسعار النفط.
وتعد الصادرات الرئيسية لروسيا والمحرك الرئيسي لسعر صرف الروبل، وهذا يعني أن قيمة التحويلات بالروبل كانت أكبر عند التعبير عنها بالدولار.
إلى هذا، توقع صندوق النقد أن يستمر نمو التحويلات، كما من المتوقع أن ينضم أكثر من مليار شخص، معظمهم في أفريقيا وجنوب آسيا، إلى سوق العمل بحلول عام 2050.
وعلى النقيض من ذلك، تتزايد الشيخوخة السكانية في العديد من الاقتصادات المتقدمة.
وسيؤدي هذا الاختلال الديموغرافي إلى زيادة المعروض من العمال المهاجرين والطلب عليهم. وسيؤدي تغير المناخ والطقس المتطرف إلى زيادة ضغوط الهجرة.
ومع تزايد أعداد المهاجرين وتزايد تكلفة المدفوعات عبر الحدود وبساطتها، فإن التحويلات المالية سوف تستمر في توفير دخل ثابت للملايين من البشر وتلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد العالمي.
متابعات