من يهدد العالم بالجوع.. 5 معلومات مغلوطة تروجها روسيا

قد يصعب عليك فهم سياقات ارتفاع الأسعار التي ضربت أسواق الغذاء حول العالم. وقد تكون واحدا من كثيرين بدأوا يستشعرون ثقل توفير الحاجيات الأساسية من الغذاء لعائلاتهم.

كي نبسط المسألة، فإن هناك حاجة لفهم ما حدث يوم 17 يوليو الماضي، حين أعلنت روسيا الانسحاب من مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب.

قبل ذلك التاريخ أسفرت جهود دولية عن تلك المبادرة التي هدفت لحماية أمن الغذاء العالمي من تبعات الغزو الروسي لأوكرانيا. وتوفير الحبوب التي تشكل مادة أساسية لدول العالم وخاصة الفقيرة منها.

أدت المبادرة الهدف، وأوصلت حوالي 33 مليون طن من صادرات الحبوب إلى الأسواق العالمية، وقد استفادت دول نامية من نصف كمية الحبوب هذه، وثلثي كمية القمح. وهو ما يعادل 18 مليار رغيف خبز.

بعد 17 يوليو، تغير كل شيء، وارتفعت أسعار الحبوب عالميا بنسبة 17 بالمئة، بينما أعلنت روسيا تصدير كمية قياسية من الحبوب، مما يعني أن الكرملين قد وضع الأسواق في موقف جعله يستفيد من ارتفاع الأسعار على حساب الفئات الأضعف في العالم.

في ذات السياق، كثفت روسيا الهجمات على الموانئ والحبوب الأوكرانية، واستخدمت المعلومات المغلوطة لتشويه مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب. وحاولت عبر دعاية الكرملين أن تقنع العالم بأن مشكلة الغذاء وارتفاع الأسعار سببها العقوبات الغربية، الأميركية والأوروبية، على روسيا التي تدعي أنها تعيق تصدير الحبوب.

من يهدد غذاء العالم؟

تحاول موسكو إظهار روسيا ضحية للعقوبات الغربية على صادرات الحبوب. وتقول إن الدول منخفضة الدخل لم تستفد من مبادرة البحر الأسود. وينشر الكرملين ادعاءات تقلل من أهمية الحبوب الأوكرانية في توريد الغذاء للعالم. كما يحاول الكرملين إظهار نفسه كفاعل خير وضامن للأمن الغذائي العالمي. ويتذرع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأن الضمانات الأمنية التي وفرتها مبادرة البحر الأسود قد منحت أوكرانيا غطاء لنشاطها العسكري.

FILE - In this Oct. 18, 2016 file photo, produce is sold in Tawfiqia fruit and vegetable market in downtown Cairo, Egypt. In…أسعار الغذاء أنهكت جيوب المواطنين في بلدان العالم

لكن، ما الحقيقة؟

هذه 5 معلومات مغلوطة تبني عليها روسيا روياتها التي تحاول روسيا إقناع العالم بها:

معلومة مغلوطة (1): روسيا ضحية العقوبات على الغذاء والأسمدة

دأبت موسكو على ترويج معلومة مغلوطة مفادها أن العقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا قد أعاقت الصادرات الروسية من المواد الغذائية والأسمدة، بما في ذلك بموجب مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب.

يكرر المسؤولون الروس ووسائل إعلام الكرملين معلومات مغلوطة بأن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا قد “أغلقت السبل” المتاحة لنقل الحبوب والأسمدة الروسية.

كما أن بوتين نفسه زعم، في الفترة التي سبقت القمة الروسية الأفريقية في يوليو الماضي، أنه “لم يتم الوفاء بأي من الإعفاءات من العقوبات المفروضة على الحبوب والأسمدة الروسية”.

كما تفاخر بوتين بأن بلاده قد صدرت في النصف الأول من العام 2023 كمية من منتجات الحبوب إلى إفريقيا قاربت ما صدرته في كامل العام 2022 على الرغم من الشكاوى من عقبات غير موجودة أصلا.

A tractor collects straw on a field in a private farm in Zhurivka, Kyiv region, Ukraine, Thursday, Aug. 10, 2023. Russia pulled…جرار يجمع القش في حقل في مزرعة خاصة في جوريفكا، منطقة كييف، أوكرانيا، 10 أغسطس 2023

الحقيقة:

الولايات المتحدة لم تفرض في الواقع أي عقوبات على تصدير الأغذية والأسمدة من روسيا، وقد نسقت الأمم المتحدة مع القطاع الخاص وكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لتوضيح أي مخاوف أعربت عنها روسيا.

وقد أصدرت هذه الدول توجيهات شاملة تشرح الاستثناءات الخاصة بصادرات الأغذية والأسمدة الروسية في العقوبات.

ولكن الواقع هو أن روسيا قد فرضت قيودا على نفسها، وفي الأشهر التي تلت اجتياحها الشامل لأوكرانيا وقبل دخول مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب حيز التنفيذ.

لقد فرضت روسيا قيودا على صادراتها وتلاعبت بالأسواق العالمية وحظرت الصادرات الغذائية من أوكرانيا لتعظيم الأرباح على حساب الشعوب الضعيفة في مختلف أنحاء العالم.

تكشف البيانات أن روسيا صدرت بموجب المبادرة 56 مليون طن من منتجات الحبوب، وجنت 41 مليون دولار من وراء ذلك.

Workers carry a large piece of sheet metal from a destroyed warehouse at a grain facility in Pavlivka, Ukraine, Saturday, July…عمال يحملون قطعة كبيرة من الصفائح المعدنية من مستودع مدمر في منشأة حبوب في بافليفكا، أوكرانيا، السبت 22 يوليو 2023

وقد دعمت الولايات المتحدة وحلفاؤها بقوة الجهود الأممية التي رمت إلى إيصال الحبوب الروسية والأوكرانية إلى الأسواق العالمية للتخفيف من تأثير الحرب الروسية غير المبررة على التوريدات الغذائية العالمية وأسعارها.

وتكشف البيانات الأممية أن إيرادات الأسمدة الروسية ارتفعت عام 2022 نتيجة لذلك. وحققت روسيا أيضا مبيعات قمح قياسية، إذ “أوشكت مبيعات القمح الروسية على تحقيق رقم قياسي” بحلول شهر ديسمبر 2022 بحسب ما أشار إليه الخبراء والمجموعة التجارية لمصدري الحبوب الروس. وصدرت روسيا 45.5 مليون طن من القمح، أي أعلى من العام 2021 بنسبة 27 بالمئة.

وحصدت روسيا أرباحا عالية من تصدير المنتجات الزراعية، وكان ذلك إلى حد كبير نتيجة لارتفاع أسعار السلع العالمية بسبب حرب بوتين.

وارتفعت أسعار الحبوب العالمية بنسبة 17 بالمئة بعد انسحاب روسيا من مبادرة البحر الأسود في يوليو 2023، مما أدى إلى معاقبة السكان الأكثر ضعفا في العالم.

ولجأت موسكو إلى المعلومات المضللة في أعقاب الانسحاب الروسي من المبادرة لتشويه سمعة المبادرة، ودعا كبار مسؤولي الكرملين وناشرو الدعايات إلى استخدام الجوع كسلاح، وأتت هذه الدعوات بشكل علني.

معلومة مغلوطة (2): الدول منخفضة الدخل لا تستفيد من مبادرة نقل الحبوب

يدعي الكرملين بأن الدول الأكثر احتياجا وفقرا لا تستفيد من مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب.

وواصلت وزارة الخارجية الروسية في مايو 2023 التلاعب بالمعلومات التي تهدف إلى تشويه سمعة المبادرة حتى عندما أكدت تمديد الصفقة (التي انسحبت منها لاحقا).

تساءلت وزارة الخارجية الروسية عن “المكون البشري” في مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب وادعت أن الدول الأقل نموا لا تستفيد من هذه المبادرة لأنها لم تتلق سوى 2.5 بالمئة من الحبوب المصدرة.

 وضخمت وسائل الإعلام الرسمية الروسية يوم 17 يوليو 2023 تصريحات المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، بشأن “الإنهاء بحكم الأمر الواقع” لمبادرة البحر الأسود، والتي ادعى فيها أن “الدول الأكثر فقرا حصلت على أقل نسبة من الحبوب المصدرة”.

وضخمت وسائل الإعلام الرسمية الروسية، قبل القمة الروسية الأفريقية، مقال بوتين بتاريخ 24 يوليو والذي أعاد تدوير المعلومات المضللة حول جغرافية توزيعات الشحنات في إطار مبادرة نقل الحبوب لاتهام الولايات المتحدة وحلفائها باستخدام المبادرة لتحقيق هدف وحيد وهو “إثراء الشركات الأميركية والأوروبية الكبيرة”، إلى جانب “توفير إمدادات أقل من المطلوب إلى الدول النامية”.

بوتين نفسه، وفي خطابه يوم 27 يوليو في اليوم الافتتاحي للقمة الروسية الأفريقية سعى لتشويه بيانات مبادرة البحر الأسود المتاحة للجمهور، وادعى أن أكثر من 70 بالمئة من المنتجات الغذائية المصدرة من خلال المبادرة قد وصلت إلى دول ذات دخل أعلى من المتوسط، بينما “لم تتلق الدول منخفضة الدخل مثل إثيوبيا والسودان والصومال… سوى أقل من 3 بالمئة من الكمية الإجمالية المصدرة”.

A tractor works the field on a private farm in Zhurivka, Kyiv region, Ukraine, Thursday, Aug. 10, 2023. Russia pulled out of a…تراجعت مساحات الأراضي الزراعية في أوكرانيا بسبب القصف الروسي للحقول

الحقيقة

ساعدت مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب المحتاجين من خلال إيصال الحبوب الأوكرانية إلى الدول منخفضة الدخل بشكل مباشر، وتخفيض أسعار الأغذية عالميا.

لقد خفضت كل شحنة غادرت أوكرانيا بموجب المبادرة من المصاعب من خلال إيصال الحبوب إلى الأسواق وتخفيض أسعار الغذاء للجميع. وأتاحت الأسعار المنخفضة لبرنامج الأغذية العالمي شراء المزيد من الحبوب وكل ذلك لصالح الدول منخفضة الدخل.

وقد أشار مركز التنسيق المشترك التابع للأمم المتحدة والخاص بالمبادرة إلى أن أكثر من ألف سفينة قد غادرت الموانئ الأوكرانية وسلمت حوالي 33 مليون طن من الحبوب والأغذية إلى 45 دولة وبلغ 57 بالمئة من الشحن الدول النامية منخفضة أو متوسطة الدخل في أفريقيا وآسيا.

كما وصل نحو 65 بالمئة من القمح الأوكراني إلى دول نامية، بما في ذلك 19 بالمئة إلى “الدول الأفقر الأقل نموا”.

وتمت إعادة معالجة النسبة الأكبر من المحاصيل الأوكرانية التي صدرت إلى تركيا – ثالث أكبر جهة متلقية – وتصديرها كطحين إلى دول في أفريقيا والشرق الأوسط.

كما وردت أوكرانيا لبرنامج الأغذية العالمي أكثر من 80 بالمئة من قمحها بحلول شهر يوليو 2023 وبموجب مبادرة البحر الأسود، أي بنسبة 50 بالمئة أعلى من العام 2021 قبل الاجتياح الروسي لأوكرانيا.

لقد مكنت المبادرة برنامج الأغذية العالمي من نقل 29 حمولة سفينة – بما في ذلك 725 ألف متر طني من القمح الأوكراني كمساعدات غذائية إنسانية – إلى أفغانستان وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان واليمن.

وحققت المبادرة نجاحا هائلا لناحية تحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله، ألا وهو الحؤول دون ارتفاع أسعار الحبوب العالمية بشكل حاد وإيصال الأغذية إلى من يحتاجون إليها في مختلف أنحاء العالم.

على الجانب الآخر، روسيا لم تقدم أي كميات من الحبوب إلى برنامج الأغذية العالمي مجانا، مع أنها تصدر حبوبها بكميات كبيرة إلى الدول مرتفعة أو متوسطة الدخل. ولكن مبادرة البحر الأسود قد حققت استقرارا في أسعار الحبوب العالمية، ووفرت ما يوازي 18 مليار ربطة خبز من صادرات القمح، بما في ذلك ما يوازي 11.5 مليار ربطة خبز للدول النامية.

A mangled tower stands behind a mound of grain burned in Russian missile attacks at a grain facility in Pavlivka, Ukraine,…برج مشوه يقف خلف كومة من الحبوب المحروقة في الهجمات الصاروخية الروسية على منشأة حبوب في بافليفكا، أوكرانيا، السبت 22 يوليو 2023.

معلومة مغلوطة (3): روسيا يمكن أن تستبدل حصة أوكرانيا في سوق القمح العالمي

ادعى بوتين أن روسيا قادرة على أن “تستبدل” الحبوب الأوكرانية من خلال صادراتها والمساعدات التي تمنحها لأن “حصة روسيا في أسواق القمح العالمية تبلغ 20 بالمئة، بينما حصة أوكرانيا أقل من 5 بالمئة”.

وقال بوتين، ليدعم هذا الزعم، إن أوكرانيا صدرت في العام 2022 مجموع 47 مليون طن من منتجات الحبوب من حصادها الذي بلغ 55 مليون طن، بما في ذلك 17 مليون طن من القمح، بينما صدرت روسيا “60 مليون طن من حصادها الذي بلغ 156 مليون طن، بما في ذلك 48 مليون طن من القمح”.

الحقيقة

وزارة الزراعة الأميركية كشفت أن صادرات روسيا أقل مما زعمه بوتين وهي أقرب من 56 مليون طن من الحبوب المصدرة من إجمالي الحصاد البالغ 137 مليون طن، بما في ذلك 45.5 طن من صادرات الحبوب.

وقد حصدت أوكرانيا 55 مليون طن من الحبوب على الرغم من الاجتياح الروسي وزرع الألغام في الحقول الأوكرانية وقصف المزارعين، كما صدرت على الرغم من ذلك 85 بالمئة من حصادها، مما ينم عن مقاومة مذهلة من قبل المزارعين والعاملين في المجال الزراعي في أوكرانيا.

كانت أوكرانيا قبل الاجتياح الروسي الشامل بين أكبر المصدرين الزراعيين في العالم، وكانت أكبر مصدر لزيت بذور دوار الشمس، إذ كانت توفر 50 بالمئة من الكمية التي تصل إلى الأسواق العالمية.

وكانت أوكرانيا أيضا ثالث أكبر مصدر للشعير (18 بالمئة) ورابع أكبر مصدر للذرة (16 بالمئة) وسادس أكبر مصدر للقمح، إذ كانت تصدر 8 بالمئة من التوريدات العالمية.

وصدرت أوكرانيا في العام 2021 حبوبا بقيمة 12 مليار دولار، وبلغ 92 بالمئة من منتجاتها الغذائية أفريقيا وآسيا.

وتشير منظمة الفاو إلى أن الحرب التي اختارتها روسيا قد زرعت الألغام في أكثر من 12 بالمئة من أراضي المزارع الأوكرانية. وكانت أكثر الأراضي المنتجة للقمح في جنوب أوكرانيا، على غرار منطقة خيرسون، أكثر المناطق التي دمرتها الحرب الروسية.

زرع المزارعون الأوكرانيون البذور في أكثر من 16 مليون هكتار (أكثر من 40 مليون فدان) في العام 2021، ولكن انخفضت الأراضي المزروعة بالبذور إلى ما مساحته 11.6 مليون هكتار (28.6 مليون فدان) في العام 2022، لتسجل بذلك انخفاضا بنسبة لا تقل عن 28.5 بالمئة من الأراضي المزروعة بالبذور، أي بمساحة تماثل مساحة بلجيكا تقريبا.

ويتوقع أن تنخفض مساحة الأراضي المزروعة بالبذور أكثر لتبلغ 10.2 مليون هكتار (25.2 مليون فدان) في العام 2023.

ويسعى الكرملين بشكل نشط إلى تخفيض حصة أوكرانيا من أسواق الأغذية العالمية، وذلك من خلال مواصلة الحرب التي اختارها وتعليق مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب وإغلاق الموانئ الأوكرانية وزرع الألغام في الحقول الزراعية الأوكرانية. وتبين روسيا نفسها كالبديل الرئيسي من خلال التخلص من أقرب منافس لها.

Wheat grows in a field in Cherkasy region, Ukraine, Tuesday, July 25, 2023. The collapse of the Black Sea grain deal and a…ينمو القمح في حقل بمنطقة تشيركاسي، أوكرانيا، الثلاثاء 25 يوليو 2023

معلومة مغلوطة (4): روسيا ضامن الأغذية لأكثر شعوب العالم احتياجا

قدم بوتني رؤيته للتعاون الروسي-الأفريقي في القمة الروسية الأفريقية في يوليو، وقال إن روسيا فاعل خير مع أكثر المحتاجين في العالم، ووعد بـ “توفير ما بين 25 و50 ألف طن من الحبوب مجانا لكل من بوركينا فاسو وزمبابواي ومالي والصومال وجمهورية أفريقيا الوسطى وإريتريا”.

الحقيقة

روسيا ليست الضامن لغذاء الشعوب. ففي حال نفذت روسيا تعهدها بتوفير 50 ألف طن من الحبوب لكل من هذه الدول أو إجمالي 300 ألف طن من الحبوب، ستبلغ النسبة 0.2 بالمئة من إجمالي الحصاد الروسي.

وتعادل كمية الـ300 ألف طن من الحبوب أقل من واحد بالمئة من إجمالي الكمية المصدرة بموجب مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب، وأقل من نصف كمية الـ725 ألف طن التي وفرتها أوكرانيا لبرنامج الأغذية العالمي من خلال المبادرة.

من باب تحديد السياق، وفرت الولايات المتحدة أكثر من 14.5 مليار دولار منذ شهر يونيو 2022 لمعالجة انعدام الأمن الغذائي والمساعدات الإنسانية، وتبقى بذلك أكبر مانح منفرد للجهود الرامية إلى معالجة احتياجات الأمن الغذائي الحادة وعلى المديين المتوسط والطويل في القارة الأفريقية.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في 3 أغسطس توفير مساعدات إضافية بقيمة 362 مليون دولار لهايتي و11 دولة أفريقية تواجه انعداما حادا في الأمن الغذائي تفاقم بفعل الحرب الروسية على أوكرانيا وانسحاب روسيا من مبادرة البحر الأسود، وأشار إلى أنه سيتم توفير هذه المساعدات هذا العام.

وقدمت الولايات المتحدة في يوليو 2022 مساعدات طارئة إلى الصومال بقيمة 476 مليون دولار للمساعدة في تجنب الإعلان عن المجاعة.

الولايات المتحدة هي أيضا أكبر مانح لبرنامج الأغذية العالمي وقد ساهمت بـ50 بالمئة من ميزانيته للعام 2022، أي أكثر من 7.2 مليار دولار.

أما مساهمات روسيا في برنامج الأغذية العالمي فتضعها في المرتبة الرابعة والثلاثين على قائمة أكبر المساهمين في برنامج الأغذية العالمي، لتأتي بذلك بعد الولايات المتحدة (المرتبة الأولى) ومعظم الدول الأوروبية الأخرى وعدة دول آسيوية وهندوراس وغينيا وجنوب السودان وغينيا بيساو ودول أخرى.

ولم تبلغ مساهمات روسيا للعام 2022 إلا 0.2 بالمئة من المساعدات الإنسانية للبرنامج على الرغم من حصادها التاريخي والأرباح التي حققتها من التصدير.

FILE - Workers load grain at a grain port in Izmail, Ukraine, on April 26, 2023. NATO said Wednesday July 26, 2023, it was…عمال يقومون بتحميل الحبوب في ميناء الحبوب في إسماعيل، أوكرانيا، في 26 أبريل 2023.

معلومة مغلوطة (5): وفرت مبادرة البحر الأسود غطاء لنشاط أوكرانيا العسكري

يدعي مسؤولو الكرملين وناشرو الدعايات الروسية معلومات مضللة في محاولة لتبرير الهجمات على البنية التحتية للموانئ ومرافق تخزين الحبوب في أوكرانيا والسفن التجارية التي تنقل الحبوب، وذلك زعما منها أن لهذه المنشآت المدنية أغراض عسكرية.

وصعدت روسيا هجماتها على الصادرات الغذائية الأوكرانية والبنية التحتية في البلاد بعد انسحابها من مبادرة البحر الأسود.

وضخم المسؤولون الروس ونظام المعلومات المضللة والدعايات في الكرملين تصريحات المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، بتاريخ 17 يوليو بشأن المبادرة، والتي ادعى فيها أن كييف “استخدمت الصفقة لأغراض عسكرية”.

وردد رئيس مجلس الدوما الروسي، فياتشيسلاف فولودين، تصريحات بيسكوف وقال: “لا يمكن استبعاد أن يكون الهجوم الإرهابي على جسر القرم قد تم تحت ستار ممر الحبوب الآمن”.
وبالتزامن، يدعي الكرملين أنه “يبذل قصارى جهوده لتجنب أزمة غذاء عالمية”.

الحقيقة

دمرت الطائرات الروسية المسيرة وهجماتها الصاروخية مخزونات كبيرة من الحبوب كان يمكن أن تكون طعاما للملايين، وهي كميات أكبر من تلك التي قالت موسكو إنها مستعدة لتسليمها لإطعام الشعوب الأضعف في العالم.

وتواصل روسيا شن ضربات صاروخية ضد الموانئ الأوكرانية والبنية التحتية الخاصة بالحبوب. وتحاول روسيا إغلاق موانئ أوكرانيا على البحر الأسود والتي تصدر 95 بالمئة من الحبوب الأوكرانية.

 ودمرت إحدى الهجمات على مرفأ أوديسا في 20 تموز/يوليو 60 ألف طن من الحبوب، أي ما يكفي لإطعام 270 ألف شخص لمدة عام بحسب برنامج الأغذية العالمي.

وبدأت روسيا بمهاجمة موانئ نهر الدانوب الأوكرانية والسفن المدنية ومرافق التخزين والبنية التحتية بالإضافة إلى قصفها لأوديسا وميكولايف وتشورنومورسك. وبحسب مسؤولين أوكرانيين، أدى هجوم 2 أغسطس 2023 على ميناء إسماعيل على نهر الدانوب إلى إتلاف 40 ألف طن من الحبوب التي كانت متجهة إلى دول في إفريقيا وإلى جمهورية الصين الشعبية وإسرائيل.

وأفادت وزارة الخارجية الأوكرانية أن موسكو قصفت 26 مرفأ وخمس سفن مدنية و180 ألف طن من الحبوب في غضون تسعة أيام من الضربات منذ انسحابها من مبادرة البحر الأسود.

 ودمرت روسيا حتى 3 أغسطس  نحو 220 ألف طن من الحبوب المخزنة في مرافق الموانئ الأوكرانية بانتظار شحنها، مع الإشارة إلى أن معظمها كان سيشحن إلى أفقر دول العالم.

——————
بني هذا التقرير على حقائق وفرتها وزارة الخارجية الأميركية، بـ “اللغة الإنكليزية”، ونسخة مترجمة لـ “اللغة العربية”.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى