في عام 2015، دخلت لاعبة كرة السلة البحرينية، فاطمة المتوج، دورة محلية في مجال التحكيم لتثقيف نفسها في قوانين اللعبة، لكنها لم تدرك بأن تلك المحطة ستكون نقطة تحوّل في مسيرتها الرياضية.
وأصبحت المتوج أول حكمة في تاريخ البحرين تحصل على الشارة الدولية في كرة السلة، بعد 8 سنوات من تحولها من اللعب إلى التحكيم، وفقا لما نقلته وكالة أنباء البحرين (بنا) عن الاتحاد البحريني لكرة السلة.
وفي حديثها لموقع قناة “الحرة”، قالت المتوج: “دخلت دورة تحكيم بالصدفة للتعلم فقط، لكن عندما اجتزت الدورة تعمقت أكثر بالمجال وأحببته، وطورت من نفسي كثيرا”.
وأضافت: “لم أضع لنفسي هدفا في البداية، ولم أعرف ماذا سأفعل، لكن عندما استمريت في التحكيم لسنوات، أصبح هدفي أن أصل لمرتبة أفضل”.
وأردفت قائلة: “شعرت بأن مستقبلي في التحكيم أفضل من اللعب”، وذلك بعد أن ارتدت المتوج قميص ناديي الأهلي والنجمة قبل دخولها سلك التحكيم.
“جيل جديد من الحكام الواعدين”
وتشعر الحكمة الدولية البحرينية بالفخر بعد وصولها لهذا المستوى، قائلة إن ذلك نابع من “قيمة تعبها” خلال السنوات الماضية.
وتحظى كرة السلة بشعبية كبيرة في المملكة الخليجية الصغيرة التي تحتضن الأسطول الأميركي الخامس، ولديها دوري جماهيري قوي ومنتخب وصل مؤخرا للمرحلة النهائية من تصفيات أولمبياد باريس 2024.
وقال رئيس لجنة الحكام في الاتحاد البحريني لكرة السلة، محمد النعيمي، في تصريحات لموقع “الحرة”، إن الحكمة المتوج “أظهرت مستوى متطورا، استحقت على أثره نيل الشارة الدولية”.
وتابع: “استطاعت المتوج إثبات نفسها كحكمة متميزة، وكانت تشارك في دوري السيدات وحتى مباريات دوري الرجال.. سيكون لها شأن في المستقبل”.
واستطرد النعيمي: “من المتوقع أن تحصل (المتوج) على مباريات أكثر في الموسم المقبل. تحتاج أن تزيد من ثقتها بنفسها وتستمر على هذا المنوال”.
المتوج أول حكمة دولية في كرة السلة البحرينية
وفي مجال دائما ما يرافقه الجدل الواسع، يواجه الحكام اعتراضات من قبل اللاعبين والجماهير على القرارات أثناء المباريات، لكن المتوج ترى أن ذلك لا يمثل عائقا أمامها.
وقالت إنها ستتعامل مع أي احتجاجات متوقعة ضد قراراتها في مباريات دوري الرجال “حسب اللوائح وقوانين كرة السلة”.
وفي سياق متصل، قال النعيمي إن “المرأة البحرينية أثبتت كفاءاتها في الرياضة”، وأن اتحاده يعمل على “بناء جيل جديد من الحكام الواعدين من الجنسين”.
كما أشار إلى أن لجنة الحكام باتحاد السلة البحريني، لديها “حكمات أخريات، سواء على مستوى الساحة أو الطاولة”.
ويُعتبر المجتمع البحريني من بين الأكثر انفتاحا في منطقة الخليج. ووفقا لإحصائيات حكومية، شكلت المرأة البحرينية ما معدله 32 بالمئة من إجمالي القوى العاملة في الفترة من 2010-2019.
وفي الفترة ذاتها، شكلت 54 بالمئة من الإجمالي في الهيئات الحكومية. وهناك 4 وزيرات في الحكومة المؤلفة من 24 وزيرا.
كما احتلت البحرين المركز الثاني خليجيا والثالث بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير الفجوة بين الجنسين، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي خلال يونيو الماضي.
“المرأة فرضت نفسها”
وتذهب المتوج في الاتجاه نفسه، بقولها إن “المرأة البحرينية فرضت نفسها بقوة في المجال الرياضي، سواء على مستوى الأندية أو الاتحادات الرياضية”.
وأضافت: “المرأة أنجزت وحصلت على مراكز وأدوار عديدة، ولم تكتف بالتنافس، بل أصبحت اليوم حكمة ومدربة وإدارية أيضا. البحرين تدعم المرأة في كافة المجالات”.
وكان نادي النجمة في البحرين قد تعاقد في الموسم الماضي مع امرأة، هي فاطمة رياض، لتكون مساعدة مدرب الفريق الأول لكرة السلة للرجال.
ومن النادر أن تدير امرأة في منطقة الخليج مباراة على مستوى الرجال، كما أن تدريب الفرق الرجالية غالبا ما يكون محصورا على الذكور، لأسباب كثيرة من بينها البيئة الاجتماعية المحافظة.
لكن المتوج تقول إن الدعم الرسمي يمكّن أي امرأة في البحرين من تحقيق أهدافها في أي مجال. وقالت: “سأستمر في تطوير نفسي، وأكون على أتم المسؤولية من أجل بلدي البحرين”.