لكونه أبا لثلاثة أطفال في اليمن، اضطر هلال لسنوات إلى التنقل في خيارات مستحيلة لإعالة أسرته، مع استمرار الحرب الأهلية، التي تركت البلاد واقتصادها في حالة يرثى لها.
عمل هلال (44 عاما) في السعودية، منذ عام 2006، يزور عائلته في اليمن مرة واحدة فقط كل عامين، حتى عام 2022، عندما لم يعد قادرا على تحمل رسوم الإقامة الشهرية، وتصريح العمل ورسوم الكفالة، التي زادت في السنوات الأخيرة.
يقول: “كنت رجلا عاطلا عن العمل لمدة عام تقريبا في اليمن، ولم أتمكن من العثور على أي وظيفة.
وقعت في شرك الديون، وكنت مدينا بالمال لعدة أشخاص. لم يكن لدي من خيار سوى العودة إلى المملكة العربية السعودية”.
العودة بشكل قانوني كانت ستكلف مبلغا كبيرا للحصول على تأشيرة ودفع الرسوم المطلوبة. وبدلا من ذلك، قرر دخول المملكة بشكل غير قانوني والعيش كعامل أجنبي غير موثق في السجلات الرسمية؛ لتجنّب دفع أموال للسلطات.
يُطلب من الوافدين في المملكة العربية السعودية دفع رسوم تصريح عمل شهرية قدرها 800 ريال (211 دولارا). كما يتعيّن عليهم دفع رسوم إعالة شهرية قدرها 400 ريال لكل فرد ممن يعيلونهم. يتفاوت المبلغ الذي يتعين عليهم دفعه لكفلائهم من شخص لآخر.
“في الشهر الماضي، عقد هلال وبعض أصدقائه صفقة مع مهرِّب من محافظة صعدة مقابل 3000 ريال سعودي له عند وصولهم إلى الرياض..”.
يقول هلال: “كنا 15 شخصا في سيارة مخصصة ل10 أشخاص، وقادنا المهرب عبر الصحراء. عندما وصلنا إلى القرب من الحدود السعودية، سمعت إطلاق نار، وبدأ السائق يقود سيارته بشكل أسرع. كان حرس الحدود السعوديون يطاردوننا، ويصرخون مطالبين السائق بالتوقف، لكنه لم يفعل”.
يضيف: “قتل اثنان من الرّكاب بالرصاص، وأصيب ثلاثة آخرون. ثم توقف السائق. لم أكن أعرف أين نحن، لكن القوات السعودية كانت تصرخ بنا، وخاصة على السائق. أخذونا إلى سجن حيث كان هناك عشرات آخرون”.
– “رأيت الموت”
ظل هلال في السجن لمدة أسبوعين، بينما كانت القوات السعودية تحقق معه ومع أصدقائه.
اتهمتهم السلطات بالعمل مع المتمردين الحوثيين اليمنيين، وتهريب القات، وهو مخدر خفيف، لكن هلال تمكن من إقناعهم بأنه كان يحاول دخول المملكة العربية السعودية فقط للبحث عن وظيفة تساعده في سداد ديونه، وإعالة أسرته.
يقول سامي: “أحيانا أفكر في الانضمام إلى القتال، لكنني أعتقد أن دخول السعودية أقل خطورة من القتال، لذلك سأفعل ذلك”.
ومثل سامي، يعتبر الكثيرون أن خيار الانضمام إلى الحرب هو الخيار الأكثر أمانا؛ لكنهم يحاولون الدخول إلى المملكة العربية السعودية. كما أن اليمنيين ليسوا وحدهم، الذين يقومون بالرحلة الخطيرة ويدفعون الثمن حياتهم.
يتم استهداف العمال الإثيوبيين بشكل منهجي، وقتل بعضهم، بشكل يومي أثناء محاولتهم العبور إلى المملكة من اليمن، وفقا لتقرير نشره مركز الهجرة المختلطة، الشهر الماضي.
أخبر برام فروس -مدير مر كز الهجرة المختلطة- موقع “ميدل إيست آي”، الشهر الماضي: “هناك حالات عنف جسدي وتعذيب واحتجاز تعسفي، كلهم يتحدثون عن إطلاق النار عليهم، حيث يموت الناس من حولهم على الحدود الشمالية بين المملكة العربية السعودية واليمن”.
وكانت الأمم المتحدة قد سلطت الضوء في وقت سابق على هذه القضية، “وأدانت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد المهاجرين”.
وقالت رسالة صادرة عن العديد من المقررين الخاصين، نُشرت في عام 2022، “إن ما يصل إلى 430 شخصا، بمن فيهم لاجئون وطالبوا لجوء، قتلوا، كما أصيب 650 بين يناير وأبريل 2022، بعضهم بنيران على الحدود في محافظتي صعدة وجيزان على أيدي قوات الأمن السعودية باستخدام القصف المدفعي والأسلحة الصغيرة.
متابعات