تواجه المصانع الكبيرة في آسيا أزمة نقص بالقوى العاملة، مما يهدد بنهاية عصر المنتجات الرخيصة، حسبما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وبحسب تقرير للصحيفة الأميركية، فإن الشباب في آسيا “أصبحوا غير مهتمين بالعمل في المصانع”، التي قدمت على مدى العقود الثلاثة الماضية مجموعة واسعة من المنتجات غير المكلفة للمستهلكين بجميع أنحاء العالم.
وقال بول نوريس، المؤسس الشريك لمصنع الملابس “آن أفيلابل”، ومقره فيتنام: “لا يوجد مكان على هذا الكوكب يمكنه أن يمنحك ما تريد. سيتعين على الناس تغيير عاداتهم الاستهلاكية، وكذلك العلامات التجارية”.
لماذا “يهرب” الشباب من المصانع؟
أوضح نوريس أن العمال في العشرينيات من العمر – القوة العاملة التقليدية في صناعة الملابس – يتسربون من برنامج التدريب الذي يوفره مصنعه، مشيرا إلى أن “المستمرين منهم يبقون على رأس العمل لبضعة سنوات فقط”.
وابتداء من التسعينيات، اندمجت الصين ولحقتها مراكز التصنيع الآسيوية الأخرى في الاقتصاد العالمي، مما حوّل تلك الدول إلى مراكز تصنيع قوية، وأدى إلى تقديم سلع رخيصة.
لكن هذه الدول تواجه الآن عزوفا من الشباب الأكثر تعليما، الذين بدأوا باكتشاف حياتهم خارج جدران المصانع، حيث يوفر قطاع الخدمات المزدهر خيارات أقل صعوبة، كالعمل بمراكز التسوق والفنادق.
وقال نوريس: “الجميع يريد أن يكون مدونا على إنستغرام، أو مصورا فوتوغرافيا، أو مصمم أزياء، أو العمل في مقهى”.
واستجابة للأزمة، كان على المصانع الآسيوية زيادة الأجور واعتماد استراتيجيات مكلفة في بعض الأحيان للاحتفاظ بالعمال، تشمل تحسين بيئة العمل، بما في ذلك بناء رياض أطفال لأبناء العمال، بحسب تقرير الصحيفة.
وتزداد المشكلة في الصين بشكل خاص، حيث بلغ معدل البطالة بين الشباب 21 بالمئة في يونيو، رغم أن المصانع تعاني من نقص في اليد العاملة.
“بيئة آبل”
وتقوم الشركات متعددة الجنسيات بنقل الإنتاج من الصين إلى دول مثل ماليزيا وإندونيسيا وفيتنام والهند. وقال أصحاب المصانع هناك إنهم أيضا يكافحون من أجل إقناع الشباب بالعمل.
وزادت أجور المصانع في فيتنام بأكثر من الضعف منذ عام 2011، لتصل إلى 320 دولارا في الشهر – 3 أضعاف معدل الزيادة في الولايات المتحدة – وفقا لبيانات منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة.
وفي الصين، ارتفعت أجور المصانع بنسبة 122 بالمئة من عام 2012 إلى عام 2021، وهي الفترة الأخيرة التي تتوفر عنها بيانات الأمم المتحدة.
وقالت شركة “هاسبرو” لصناعة الألعاب هذا العام، إن نقص العمالة في فيتنام والصين أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج. كما تصارع شركة “ماتيل” الأميركية المصنعة لدمية “باربي” والتي تمتلك قاعدة إنتاج كبيرة في آسيا، ارتفاع تكاليف العمالة.
وفي يونيو، أشارت شركة “نايكي”، التي تصنع معظم أحذيتها في آسيا، إلى ارتفاع تكاليف منتجاتها بسبب ارتفاع نفقات العمالة.
وفي ماليزيا، وهي مركز لأشباه الموصلات والإلكترونيات، تتخلى المصانع عن متطلبات ارتداء الزي الرسمي – وهو ما يكرهه العمال الشباب – وتقوم بإعادة تصميم المرافق.
وفي فيتنام، يقدم مصنع “آن أفيلابل” للملابس شاي الماتشا للموظفين، فضلا عن دروس اليوغا والرقص المجانية. كما أنه يوفر كل شهر جلسات للعمال الشباب لشرب الجعة وقيادة سيارات الكارتينغ ولعب البولينغ.
ويحاول المصنع من إحداث تلك التغييرات، جعل بيئة العمل أكثر جاذبية للقوى العاملة الشابة.
وقال رئيس اتحاد أصحاب العمل الماليزي الذي يمثل المنتجين، سيد حسمان: “نحاول أن نجعل مصانعنا أكثر جاذبية، ونفتح الأقسام ونمنحها مزيدا من الهيكل الزجاجي والإضاءة، ومنحها بعض الموسيقى الجميلة وخلق نوعا من بيئة آبل (الشركة الأميركية)”.