مي المصري: السينما طريقتي والتقنيات سلاحي في الإخراج

مي المصري، مخرجة أفلام لبنانية من أصول فلسطينية، عضو في أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة المانحة لجوائز الأوسكار، ولدت وعاشت حياتها في بيروت، ثم سافرت ألى الولايات المتحدة حيث درست السينما والتصوير والمونتاج السينمائي، لتعود مجدداً إلي لبنان، حيث قدمت أفلاماً عدة، وحصدت الجوائز، بعضها بالتشارك مع زوجها الراحل المخرج جان شمعون، وأخرى وحدها.. بدأت مشوارها بالأفلام الوثائقية التي تركزت على فلسطين والشرق الأوسط، منها: «امرأة في زمن التحدي، أحلام المنفى، جيل الحرب، أطفال النار، يوميات بيروت»، وغيرها من الأفلام، مضافاً إليها فيلمها الروائي«3000 ليلة»، وفيلمها الجديد «بيروت في عين العاصفة» الذي افتتح الدورة الثامنة للمهرجان الدولي لحقوق الإنسان، كما شارك في مهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط، ومهرجان الأرض للأفلام الوثائقية الفلسطينية والعربية في إيطاليا، كما يعرض حالياً في بيروت حيث استضافه «نادي لكل الناس» ويجول به في المناطق.. نسألها:

* لماذا ارتأيت عرض «بيروت في عين العاصفة» خارج لبنان قبلاً؟

– لأننا كنا بحاجة للمسافة التي تفصلنا عن الأحداث التي يعالجها الفيلم من الثورة، وجائحة «كورونا»، وانفجار بيروت، وغيرها من الأزمات التي أصابتنا بالذهول والجمود الذي يمنعنا من قراءتها مباشرة، أما اليوم، وبرغم الصعاب المتواصلة إلا أننا بتنا على مسافة تسمح لنا بالمشاهدة والنقاش.

* لوحظ الإقبال الكثيف على مشاهدته، فهل وجدت أن الجمهور الأجنبي تفاعل معه كما اللبناني؟

– نعم، ولا أخفي أنني أعيش فرحة تفاعل المشاهدين مع فيلمي بقوة وعمق، فقد لامس الناس، وهذا ما أردته له، وسبب ذلك، في رأيي بالدرجة الأولى، أنه فيلم إنساني عميق، توثيقي، يؤرخ الأحداث بصدقيتها، يحكي عن التغيير والشباب والمرأة، ولغته السينمائية لغة عالمية واضحة ومفهومة تلامس المشاهد أينما كان.

* لطالما وجدت أفلامك صداها الواسع، فما هي تقنياتك في العمل والنجاح؟

– برأيي اختيار موضوع العمل هو الأساس، ثم يأتي اختيار الشخصيات، إذ يجب في الوثائقي تحديداً، والروائي عموماً، أن يكون دقيقاً جداً، ويجب أن يبنى على الأكثر صدقية في التعبير، مضافاً إلى ذلك الأسلوب السردي، فأنا اعتمدت السرد والحكاية، سواء في الأفلام التي قدمتها مع زوجي المخرج الراحل جان شمعون، أو وحيدة.. دائما الحكاية حاضرة لدي، واعتمد أسلوب السهل الممتنع واعتمد التقاط اللحظة بحيث اصور داخل الحدث وأكون جزءاً منه.

دور المتفرج

* يبدو ان السينما بالنسبة إليك مغامرة؟

– عندما اكون أمام أحداث تمسّني بقوة، لا أجد خياراً غير أن اقدّم فيلماً عنها، وإذا لم استطع معالجتها سينمائيا أُصاب بالمرض، السينما طريقتي لأكون فعالة، ولأقوم بدوري كما يجب، ووقوفي خلف الكاميرا هو نوع من الثورة والتعبير والعلاج.. لا أحب أن العب دور المتفرج أو الضحية.

* هل تتبدل التقنيات السينمائية بالنسبة إليك حسب نوع الفيلم أم حسب قصته؟

– القصة هي الحكم بالنسبة إلي، وأطوّع التقنيات لمصلحتها دوماً، وكل فيلم يأخذ شكله وفق موضوعه، والأفضل بالنسبة إلي هو الأفلام الحقيقية التوثيقية والسردية التي يمكن تنفيذها بتقنيات عادية، ورغم أني عشت تجربة الروائي في «3000 ليلة» مع ممثلين محترفين وتقنيات عالية جداً، إلا أني حرصت على المصداقية في القصة والحكاية وتأدية الأدوار.

* مشوارك بدأ مبكراً وما زلت تواصلين نشاطك فكيف تصفين هذا المشوار؟

– السينما مجال صعب عالمياً، وتتضاعف صعوباته، عربياً ومحلياً، لغياب الدعم الرسمي له، وأيضاً لما بدأت كان مستهجناً جدا خوض المرأة غمار السينما، ولكنني اخترت الصعب لأنه شغفي، وطريقتي في التعبير عما يعنيني، وكل أفلامي تقع في المحور الفلسطيني واللبناني، والتجارب العربية التي أردت أن أوصلها إلى العالم الخارجي، واعتقد أني حققت مرادي، وأفلامي وصلت، وفيها توثيق للذاكرة وتلامس الوجدان، وما يحفزني للمضي قدماً والاستمرار أنها ما زالت تعرض، ومنها أفلام يزيد عمرها على ال 30 عاماً، ويعاد عرضها في المهرجانات والجامعات والأندية الثقافية، وتتم على اثرها نقاشات لنأخذ العبر.

المضمون أهم

* كونك جزءاً من الأكاديمية التي تمنح جوائز الأوسكار ماذا تقولين عن أفلام اليوم؟

– لا شك في أن هناك أفلاماً جواهر، لكن عددها قليل جداً، ومن هنا أعود مرة جديدة، لأؤكد أنه برغم تطور التقنيات السينمائية الحديثة المتوفرة حالياً لإنتاج صور، وأفلام افضل، إلا أن المضمون يبقى هو الأهم.. اليوم نشاهد، وبخاصة في هوليوود، أفلاماً كثيرة بميزانيات عالية جداً، وذات تقنيات عالية أيضاً، لكنها لا تشبع روح المتلقي، ربما تبهره، لكنها لا تلامس عمقه الإنساني، لكن يجب التنويه بأننا نشهد نهضة سينمائية عربية في بلدان عدة، حتى إن نصف الأفلام في المغرب وتونس ولبنان وفلسطين خلفها نساء، وهذه ظاهرة لافتة وإيجابية جداً، تدعونا للتفاخر بالإبداع النسوي رغم غياب الدعم.

* أخيراً ماذا تخبرينا عن تحضيراتك الحالية؟

– أكتب حاليا فيلماً روائياً، وسيكون ضخماً وتاريخياً وإنسانياً يتناول حقبة الأربعينات في فلسطين، وقت الاحتلال البريطاني وبدايات النكبة، تتخلله قصة حب كبير، وسيتم تصويره مع ممثلين محترفين، وآمل أن يرى النور سريعاً.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى