“لبؤات الأطلس”.. مسيرة مغربيات توجت بكتابة التاريخ في مونديال السيدات

حقق المنتخب المغربي لكرة القدم للسيدات أكثر من إنجاز خلال مشاركته الحالية في بطولة كأس العالم للسيدات المقامة في أستراليا ونيوزلندا، لتعيد “لبؤات الأطلس” التذكير بالمباريات التاريخية التي قدمها منتخب الرجال في مونديال قطر العام الماضي.

وصعدت سيدات المغرب إلى الدور الثاني من البطولة بعد فوزين بهدف نظيف ضد كل من كوريا الجنوبية وكولومبيا في مرحلة المجموعات، رغم البداية الكارثية بالهزيمة بسداسية نظيفة من المنتخب الألماني في المباراة الافتتاحية.

وانهال المديح على الفريق بعد الصعود، حيث وصف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) سيدات المغرب بأنهن “كاتبات التاريخ” وأنهن يصنعن “لحظات مليئة بالفخر والسعادة”.

الأداء المغربي خالف التوقعات حيث دخل المنتخب البطولة وهو في الترتيب رقم 72 عالميًا، بحسب تنصيف فيفا، وكان في مجموعة شهدت خروج المنتخب صاحب التصنيف الثاني وهو ألمانيا.

تلتقي “لبؤات الأطلس” بالمنتخب الفرنسي في الدور ربع النهائي من البطولة، في طريقهن لمواصلة المشوار الذي حتى حال الروج سيكون تاريخيًا، وجاء بحسب خبراء رياضيين مغاربة بسبب استراتيجية تتبعها المملكة من أجل تطوير كرة القدم النسائية في البلاد.

وقال المدرب السابق للمنتخب المغربي للرجال، حسن مومن، في تصريحات للحرة، إن المنتخب قدم “انجازا تاريخيا وفريدا من نوعه، وهناك فرحة لا توصف خصوصا بعد الخسارة القاسية أمام ألمانيا”.

وتابع: “الإحباط كان كبيرا وبدأ الشك يتسرب، لكن الفوز على كوريا الجنوبية أظهر أن لدى اللاعبات شخصية كبيرة وثقة في النفس”.

أرقام قياسية

شارك المغرب في البطولة لأول مرة في تاريخيه، ورغم الخسارة القاسية أمام ألمانيا إلا أن المباراة بحد ذاتها كانت تاريخية كونها الأولى لفريق عربي في البطولة.

وفي المباراة الثانية أمام كوريا الجنوبية، صنعت المغربية نهيلة بنزينة التاريخ كونها أول لاعبة محجبة في البطولة، في وقت كان الاتحاد الدولي لكرة القدم قد ألغى الحظر المفروض على تغطية الرأس لأسباب دينية عام 2014، بعد مطالبات من نشطاء ورياضيين ومسؤولين.

وفي نفس المباراة صنع المغرب التاريخ مجددًا بتسجيل أول فوز عربي في البطولة، وباتت اللاعبة ابتسام الجريدي، صاحبة أول هدف مغربي وعربي في تاريخ المونديال النسائي.

وحول هذه الأرقام، قال عضو المكتب التنفيذي بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، حكيم دومو، إن ما حدث نتيجة جهود على مدار سنوات في المملكة من أجل تطوير الكرة النسائية والاستثمار الكبير فيها.

وتابع في تصريحات لموقع الحرة: “نحن فخورون بالمرأة المغربية وأتمنى لهن المزيد من التوفيق في المباريات المقبلة. دخلنا البطولة في الترتيب 72 عالميًا وكانت الحظوظ قليلة، لكن تحققت النتائج”.

لاعبات بارزات

ويقول مومن إن استثمار المغرب في كرة القدم النسائية بدأ بنادي الجيش الملكي، الذي تمثل لاعباته القوام الرئيسي للمنتخب، مضيفًا أن المسؤولين عن كرة القدم في البلاد عكفوا على مدار ثلاث سنوات مضت على التواصل مع لاعبات في الدوريات الأوروبي من أجل تمثيل المنتخب المغربي.

وبالفعل نجحت هذه الجهود في إقناع لاعبات مثل ياسمين لمرابط التي تلعب في إسبانيا، ونهلة النقاش تلعب في الدوري السويسري، وكانت اللاعبة الأبرز هي أنيسة الحماري،

سجلت الحماري هدف الصعود أمام منتخب كولومبيا في ختام دور المجموعات، وكانت قد مثلت منتخبات الشباب في الجزائر وفرنسا قبل أن يقنعها المسؤولون المغاربة بتمثيل “لبؤات الأطلس”.

من بين اللاعبات الأبرز قائدة المنتخب، غزلان الشباك، لاعبة نادي الجيش الملكي، التي حصدت لقب أفضل لاعبة في بطولة أمم أفريقيا التي نظمها المغرب في يوليو من العام الماضي.

يضم نادي الجيش الملكي 8 لاعبات من المشاركات مع المنتخب المغربي في بطولة كأس العالم، بجانب لاعبات كانت ضمن صفوفه قبل الانتقال لأندية أخرى خارج المغرب.

وقال مدرب النادي، محمد أمين عليوة، في تصريحات للحرة، إن القائمة الأولية للبطولة كانت تشمل عشر لاعبات من الفريق، قبل استبعاد اثنتين في القائمة النهائية، مشيرًا إلى أن اللاعبتين صوفيا البوفتيني وابتسام الجريدي كانتا ضمن صفوف الفريق قبل الانتقال لنادي الأهلي السعودي مؤخرا.

وتابع المدرب حديثه بالقول إنه يشعر “بالفخر والاعتزاز بما حققته اللاعبات، شخصيا اعتبرهن الآن لاعبات المنتخب الوطني، نحن نعمل بكل شغف وحس احترافي في فريق الجيش الملكي، وإن كان هذا العمل له انعكاس على المنتخب الوطني نشعر بالسعادة الغامرة والفخر”.

استراتيجية للمستقبل

يرى خبراء اللعبة في المغرب أن هذه النتائج ستفيد كرة القدم النسائية في البلاد بشكل كامل، حيث ستشجع الشابات الصغيرات على ممارسة كرة القدم، وستتطور اللعبة في ظل الخطوات الأخيرة التي تبذلها الجامعة الملكية.

قال عضو الجامعة حكيم دومو، إن تجهيز المنتخب كان جيدا قبل البطولة حيث معسكرات الإعداد الجيدة وإقناع عديد اللاعبات اللواتي تنشطن في أوروبا بتمثيل المغرب.

وأضاف أن المستقبل سيكون جيدًا مع “مزيد من الاستثمار في البنية التحتية والتنمية، وسيكون هناك خير للكرة المغربية ونحن نعمل وفق استراتيجية لتطوير الكرة النسائية”.

فيما قال، مومن، إن مواصلة الجهود الحالية بنفس النسق سيكون له مردود جيد، مشيدًا بالاختيار الجيد للمدرب الفرنسي رينالد بيدروس، لقيادة المنتخب المغربي النسائي، حيث حصد من قبل بطولتي دوري أبطال أوروبا للسيدات مع ليون الفرنسي، واختير أفضل مدرب سيدات في العالم من قبل.

أما مدرب نادي الجيش الملكي، فأكد أن هناك مشروع قوي في المملكة ويشمل دعم كبير للفريق الذي يمرنه، وقال إنه تم إدخال نظام الاحتراف في الكرة النسائية و”توفير أحسن الظروف الرياضية وضمان حالة اجتماعية مستقرة… بتوفير أجور للاعبات والمدربين وخلق دمج الرياضة مع الدراسة للاعبات”.

يخوض المغرب لقاء ثمن النهائي ضد المنتخب الفرنسي، الثلاثاء المقبل، في مواجهة صعبة حيث يحتل الخصم التصنيف الخامس دوليًا.

كما ستكون المواجهة لها ذكريات خاصة مع الجمهور المغربي حيث يدرب منتخب فرنسا للسيدات، هيرفي رينارد، الذي سبق ودرب المنتخب المغربي للرجال من قبل وحقق معه نتائج لافتة.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى